صحيفة المثقف

راضي المترفي: كيف تدار الأحداث؟

راضي المترفيمن لازال عالقا بذاكرته تزاحم الافلام المصرية يوم لم يكن أمام المشاهد غيرها من خلال قناة الحكومة الرسمية يتذكر كيف كان يحرص منتجوا تلك الافلام على حشر ممسوس او مسطول او حتى مجنون في أغلب الافلام ليضعوا على لسانه مايرغبون بقوله ويخشون حذفه من قبل الرقابة واليوم وبعد عقود من تألق الممسوسين في السينما المصرية نعيدهم نحن على أرض الواقع ولكن ليس في اشرطة تمثيل تعرض على المشاهد ومن شاهد محرقة مستشفى الناصرية وهو غير مغلب عاطفته على عقله لاحظ كيف تباكى الإعلام المغرض وغير المغرض على الضحايا وبرز تراجيديا المأساة من خلال سيارات تحمل نعوش لعوائل ذهب جميع أفرادها ضحايا للمحرقة ومن كان منها ناجيا ركز على نشر صوره وتصريحاته وكلل الفجيعة بنقل مواكب البكاء ومواسم الدموع والتعاطف الإنساني ومظاهر الحزن وقسوة النار وروائح الشواء البشري لكنه تجاهل عن عمد البحث عن من كان خلف الجريمة وتجاوز بذكاء عن مسبباتها وتناسى بدراية من انها حلقة في مسلسل إجرامي مترابط تتابعت حلقاته على مسارات زمنية محسوبة بدقة وحرص على ان يعيش الذين لم ياخذهم الموت بعد وفق ما خطط له في هذا المسلسل اللحظة دون ربطها بما سبقها او بما يليها وهذا قمة ما يسعى له المخططون والمجسدون لاحداث هذا المسلسل الدامي مع حرص قد يكون مبالغ فيه من خلال تزاحم الأحداث على النسيان لكل ما حدث في الماضي وفرض ضبابية على ما يأتي به الغد من كوارث وكانت حساباتهم التي جعلونا لاننتبه لها او نقف عندها هي الممر الذي ندخل من خلاله من كارثة إلى أخرى بذاكرة نظيفة تماما وخالية من اي صورة لكارثة الامس وللتاكيد على هذا نقول ان حفارو القبور لم ينجزوا مهمتهم بعد في دفن آخر ضحايا محرقة الناصرية إذ وضعنا الإعلام أمام كارثة كما صورها لنا حيث يرغب باشغالنا بها ودفعنا إلى نسيان ما جرى في الناصرية المنكوبة بعد أن أعلن عن انسحاب جهة مهمة من الانتخابات ولكي يضخم هذا الانسحاب وتأثيره على الوضع العام حشد له كل الإمكانيات وخوفنا من فشل الانتخابات واحتمال الاقتتال وتشرذم الأمة ثم رش الملح على النار وأعلن عن قيام رئيس الجمهورية الذي لم يتعاطف مع ما وقع في الناصرية ولم يرف له جفن أو يرسل ممثل عنه لزيارة الناصرية ومواساة المنكوبين فيها .. نعم قيام الرئيس بزيارة رئيس الكتلة المنسحبة من الانتخابات في محاولة لاقناعه بالعدول عن قراره والعودة للمشاركة في الانتخابات حفاظا على اللحمة الوطنية ووحدة الصف وتفويت الفرصة على أعداء الوطن .. وبذا أصبحت الناصرية وحرائقها في خانة النسيان حتى يشتعل حريق آخر.. اننا شعب عشق النسيان وقفل باب العقل .

 

راضي المترفي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم