صحيفة المثقف

صادق السامرائي: عباس بن فرناس الطبيب الطيار!!

صادق السامرائيأبو القاسم عباس بن فرناس بن التاكرني، مخترع موسوعي، شاعر وعالم في الفلك والرياضيات والكيمياء والموسيقى والطب والصيدلة والفلسفة، من أصل أمازيغي، ولد في تاكرنا في منظقة رندة بالأندلس وتوفي في قرطبة (810 - 887) ميلادية.

ويشار إليه في المصادر الغربية (أرمن فيرمان)، ويُلقب (حكيم الأندلس).

وقد ألف العديد من الكتب في علم الفلك والفيزياء والهندسة، ويُذكر أن أعماله قد ألهمت (ليوناردو دافنشي) أفكارا هندسية وفنية أصيلة.

ويُقال أنه إستوحى فكرة الطيران من فهمه للآية: "أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيئ بصير".

وقام بتجربته سنة (875) ميلادية، ونجح في الطيران، لكنه فشل في الهبوط، لإغفاله ضرورة الذيل، فأصيب ببعض الرضوض والكسور.

وكان شاعرا متميزا ومن شعره الذي نقشه على الميقاتة التي أهداها للأمير محمد بن عبدالرحمن: "ألا إنني للدين خير أداةٍ...إذا غاب عنكم وقت كل صلاةٍ، ولم تُرَ شمسٌ بالنهار ولم تنر...كواكب ليلٍ حالك الظلمات، بيمين أمير المسلمين محمدٍ...تجلّت عن الأوقاتِ كلّ صلاة".

كما أنه يجيد العزف على العود، وله نشاطات في الصيدلة والطب وتحضير العلاجات من الأعشاب والنباتات، وكان طبيبا في قصور الأمراء، ويشرف على طعامهم والوجبات الغذائية.

اختراعاته:

قلم الحبر، النظارة الطبية، تطوير صناعة الزجاج الشفاف من الحجارة، ساعة مائية (الميقاتة)، ذات الحلق، طور تقطيع أحجار المرو، ورقاص الإيقاع، قبة سماوية (بلانتريوم)، إستخدامه جناحين في محاولة منه للطيران، والإسطرلاب الكروي.

سميت فوهة قمرية بإسمه (وهي فوهة صدمية قمرية ناتجة عن إصطدام جسم بسطح القمر ويبلغ عرضها 89 كم)، وله تمثال قرب مطار بغداد، وأطلق إسمه على معالم أخرى، وأفتتح جسر معاصر بإسمه في قرطبة.

إنه صاحب أول محاولة للطيران في تأريخ البشرية، إذ صنع لنفسه جناحين مقلدا الطيور وطار لمدة من الزمن قرب قصر الرصافة في قرطبة، لكنه أخفق في عملية الهبوط بسلام.

اتهامه بالزندقة:

وبسبب ما قدمه من حيل ومخترعات إتهموه بالشعوذة والجنون، وحيكت له المؤامرات، وذروتها إتهامه بالزندقة، وحوكم لأكثر من مرة وثبتت براءته، لكنه ضرب حتى أغمي عليه، وتلك حكاية كل نابغة وعالم أصيل.

وقد توفى في سنة (887) ميلادية، والبعض يرى أنه أول رائد فضاء، ومن بدأ سبر أغوار الفضاء.

وتجربة هذا العالم الألمعي الموسوعي الموهوب، ومعاناته في مجتمعات الأمة، تشير إلى أن هناك بشر سبّاق لعصره، ويحمل أفكارا تتجسد بعد قرون عديدة من محاولاته التعبير عنها بأدوات زمانه.

واليوم فكرته في الطيران أصبحت حقيقة، فالبشر إستطاع أن يطير بأجنحة، كما حاول عباس بن فرناس قبل أكثر من عشرة قرون وقرن.

فهل لنا أن نفخر بأنوارنا العلمية المتميزة!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم