صحيفة المثقف

صادق السامرائي: العقل نعمة أم نقمة؟!!

صادق السامرائيالمتعارف عليه أن العقل نعمة فهل هذا صحيح؟!!

قد يستغرب القارئ من العنوان، لأننا تعلمنا بأن العقل نعمة وغيابه نقمة ما بعدها نقمة.

فكيف يكون الجواب؟

هل نعمة العقل تفوق نقمته أم العكس صحيح؟

يمكن النظر إلى نعمة العقل وفقا لتنوع الرؤى وتعدد الغايات وكذلك نقمته، فما نعيشه ونتمتع به من أشياء مادية سببها فعل العقل الإبتكاري الإختراعي.

وما يرعب ويدمر من إبداع العقل أيضا، فأدوات النيل من البشر ومحقه ناجمة عن عقل عمل على إيجادها، فأصبحت لدينا وسائل وقدرات لتدمير الأرض وإزالة الوجود من فوقها.

فالبشر في معظم أرجاء المعمورة يعاني من الحرمان والبؤس والفقر وفقدان الرعاية الصحية وتوفير أبسط الحاجات الإنسانية، والعقل عن هذه التحديات في غفلة وإهمال، لكنه في جد ونشاط لتطوير مخترعات ومبتكرات الموت الفظيع المروع، حتى أصبحت تتوفر أسلحة لقتل عشرات الآلاف في لحظات.

وإذا ربطنا نعمة العقل بالسعادة فلا نعلم إن كانت معاشر الحيوانات الأخرى أكثر سعادة بحياتها منا، لأننا مشغولين في العدوان على بعضنا وتدمير وجودنا، فالعقل البشري معظم طاقته وإمكاناته مسخرة للوصول إلى أسرع وأفظع تدمير للنوع.

فالبشر بسبب عقله الذي يتحقق برمجته وفقا لإرادات السوء، تمكن من قتل البشر بأعداد فائقة، ولا يزال ناعور القتل البشري بشتى الوسائل يدور وبتعجيل متسارع.

ويمكن القول أن العقل عندما نضع معطيات نقمته ونعمته، فأن كفة النقمة ستكون أرجح من كفة النعمة، ولهذا فالمآسي البشرية متواصلة والويلات متعاظمة في أرجاء المعمورة المنكوبة بالبشر.

وللعقائد بأنواعها دورها المشين في تحويل العقل إلى نقمة بتأهيله لتعزيز سلوكيات النفوس الأمّارة بالسوء والبغضاء، فتتحقق العدوانية، وتتعاظم الكراهية، ويصبح قتل البشر من ضرورات صدق الإيمان بها، والتعبير عن جوهرها الإنتقامي البغيض.

و "ليس الجمال بأثواب تزيّننا

إن الجمال جمال العقل والأدب"

فالأصل جمال العقل وليس العقل بذاته!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم