صحيفة المثقف

قاسم حسين صالح: انسحاب الحزب الشيوعي العراقي من الانتخابات.. موقف صائب أم خاطيء؟

قاسم حسين صالحفي 31 نيسان 2021 نشرنا مقالا بعنوان (الأنتخابات بين المشاركة والمقاطعة)،  جاء في خاتمته بالنص:

(بوصفي سيكولوجست ومهتم بعلم النفس السياسي، فأن الحالة السيكولوجية للناخب العراقي هي التي تتحكم بموقفه من المشاركة او المقاطعة، وهي التي تحدد نتائج الانتخابات النيابية. ويشير الواقع الى فوضى امنية، ومناخ خوف أحدثته موجة اغتيالات طالت نشطاء لم يحاسب مرتكبوها، وصراع بين قوى الدولة واللادولة.. واجواء مشحونة بالتوتر لا تصلح لأجراء انتخابات نيابية تأتي ببرلمان يمثل 25 مليون ناخبا، وصراع انتخابي يفتح بوابة الاغتيالات .. الخاسر الأكبر فيها هم المرشحون المستقلون، لأن تعليمات مفوضية الأنتخابات تنص على ان انه لا يحق لأي كتلة تقديم مرشح نيابي آخر لأي مرشح يموت او يقتل. والأخطر انها ستعزز سيطرة الاحزاب الحاكمة على السلطة والثروة، وستشرعن فوزها حتى لو كانت نسبة المشاركة 5% مستندة للدستور وقانون الانتخابات، وستصف من يشكك بها بانه خارج على القانون ويجب ان يعاقب.. يقابله موقف القوى التقدمية والتشرينية التي تعد الأنتخابات باطلة.. وستكون المواجهة مشابهة لما حدث في تشرين/اكتوبر 2019 يوم تعاملت السلطة مع النشطاء تعاملها مع غزاة أعداء يجب ابادتهم.

ولتفادي نكبة أوجع في زمن النكبات، وخيبة اقسى في زمن توالي الخيبات.. فان التأجيل  هو الخيار الأفضل للقوى التقدمية والتشرينية والوطنية.. وللعراقيين كشعب ابتلي بطبقة سياسية أفقرتهم وأذلتهم.

وفي 7 حزيران نظم الاتحاد العام للأدباء والكتّاب ندوة عن الموقف من الانتخابات المبكرة شارك فيها سكرتير الحزب الشيوعي الصديق رائد فهمي.. وقد اوضحنا رأينا بان الموقف الصحيح هو عدم المشاركة فيها مستندين الى قراءة سيكولوجية للناخب العراقي.. ويأتي قرار الحزب الشيوعي  (السبت 24 تموز) بعدم المشاركة في انتخابات اكتوبر/تشرين 2021.

استطلاع نيسان 2021

قبل ثلاثة اشهر، كنّا استطلعنا الرأي في المشاركة من عدمها في الأنتخابات

شارك فيه (378) بينهم أكاديميون ومثقفون واعلاميون، توزعت مواقفهم على النحو الآتي:

الأول: موقف سلبي.

– المقاطعة موقف سلبي، وستجيش الاحزاب الحاكمة انصارها لمشاركة قوية ويبقى المقاطعون يسبون ويلعنون لأربع سنوات اخرى.

–  القانون الانتخابي لا يعطي هامشا لفوز القوى الرافضة لنظام المحاصصة، اذن لا جدوى من المشاركة.

-ترك الساحه لاحزاب الفساد يعزز انفرادهم بالسلطه وغياب الصوت النزيه الذي يفضحهم.

–الموقف سلبي وستجرى الانتخابات حتى لو كانت المشاركة 5٪ .

– من يقاطع عليه ان يضع البدائل لئلا تترك الساحة للغول فيغول اكثر

الموقف الثاني:ليست حلاّ

– بما انه لا يوجد قانون يحدد نسبة المشاركين بالانتخابات فهذا يعني ان لا جدوى من مقاطعتها، ويجب تكملة المشوار لنهايته وفاءا لدم الشهداء.

– المقاطعة في بلد الشعب منحاز للطائفة لا تنفع،  بسبب ان الذين صوتوا في الأنتخابات السابقة سيصوتون للاحزاب الفاسدة.

– ما يزال التدخل الاقليمي عبر الدمى الماسكة بالسلطة سيدة الفساد والمحاصصة تسّير القضاء وتمسك بشؤون السياسة والاقتصاد ان لم يسقط هذا النظام اولا.

الموقف الثالث:مشاركة ام مقاطعة.. لا فرق

– لا اتوقع حصول شيء، إنتاج نفس القمامة.. اتباعهم جاهزون للصعود في اللوريات لملء صناديق الاقتراع،  وسينتج البؤس باقسى مما هو عليه ال?ن.

– أعتقد أن البيئة السياسية تنطوي على إشكالات وتناقضات ففيما يشير قانون الأحزاب إلى منع مشاركة أحزاب سياسية لها أذرع مسلحة نلاحظ أن جماعات مسلحة أنشأت احزابا وحازت على موافقة المفوضية.الأمر الآخر أن قوى السلطة وقد حاصرتها إرادة الشعب في تشرين   2019ارتكبت أعمال قتل غير مبرر إلا لحماية مصالحها فهل تستطيع قبول نتائج انتخابات ليست في صالحها،  ستغرقنا بالدم حين يتهدد وجودها ومصالحها.

– كثيرون مقتنعون بمقولة:من يملك السلطة والمال والسلاح هو الذي يفوز.

استطلاع تموز 2021

تركز هذا الاستطلاع على قرار الحزب الشيوعي بالانسحاب من الانتخابات شارك فيه اكثر من (850).. توزع اغلبهم بين موقفين:

الأول يرى انه موقف صحيح وصائب.. " فلا انتخابات نزيهة تحت اعواد المشانق والكواتم والتفجيرات والسلاح المنفلت والاغتيالات "، "وانه موقف تاريخي يسجل للحزب بوجه هذه المهزلة التي اوجدها وصنعها الانحطاط السياسي والاخلاقي لحفنة من سياسيين طارئين"، "نبارك قراركم الوطني بعدم المشاركة في الانتخابات،  كي لا تكونوا كما كنتم في الدورات السابقة.. مشاركين في تشويه قيم الديمقراطية".. و " الأنسحاب افضل لحفظ ماء الوجه!".

فيما  يرى المقف الثاني ان الانسحاب موقف خاطيء لانه يعني "ترك الساحة للفاسدين"، " وفرصة لاعادة تدويرهم للسلطة"، "وتقويض للحياة المدنية للمواطن دون معارضة برلمانية ولو بصوت واحد"، " وان الانسحاب سيسمح للفاسدين بتمرير انتخابهم ويمنحهم الشرعية" و"ما هو البديل؟ هل هي الثورة؟ الكفاح المسلح؟ أم التظاهرات والصراخ ثم العودة للبيوت؟! ". و.. " اذن لماذا حرقتم الشارع بالتظاهرات ومن اجل من ذهبت ارواح الشباب؟!".

استنتاج وموقف

نستنتج،  ان المزاج السيكولوجي للناخب العراقي قد تغير خلال الاربعة اشهر الماضية لصالح مقاطعة الانتخابات، ويعزى ذلك الى وصول العراقيين ليقين ان حكومة السيد مصطفى الكاظمي عاجزة عن تأمين اجواء انتخابية آمنة، وان سطوة الميليشيات والدولة العميقة التي تمتلك السلاح والمال ستحسم نتائج الانتخاب لصالحها.ويدعم ذلك تصريح الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة (جنين بلاسخارت) في 19 تموز الجاري بان الاوضاع الامنية في العراق مهزوزة جدا وانه لا يمكن أن تجرى انتخابات دون تزوير.

الموقف

ان مقاطعة الانتخابات موقف يجب ان يبنى بفكر يقوم على استراتيجية، يشكل تحالف القوى التقدمية والوطنية والدينية المناهضة للفاسدين منطلقها برؤية علمية وعملية تؤمن الخلاص من افسد وافشل واقبح من حكم العراق في تاريخه.. وتلك هي المهمة الأصعب.

  

ا. د. قاسم حسين صالح

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم