صحيفة المثقف
لطفي شفيق: فرصة للتفكير والتأمل.. لوحة فنية
هذه اللوحة لا تصور شخصا معينا أو مكانا أو أي شيء آخر في عالمنا الطبيعي بل اعتمد في بنائها على اللون وسرعة حركة الفرشاة وما لتلك الألوان من تأثير على المشاهد ومدى تأثره فيها وما تحدثه من تباين على العواطف بدرجة تختلف من واحد لآخر وتفسيره لمعنى كل عمل فني بطريقته الخاصة ومثال على ذلك فإن اللون الأحمر يكون مفعما بالحيوية والثقة والأخضر يبعث على الهدوء لارتباطه بالطبيعة وتأثير الأزرق يكون عميقا كعمق السماء والبحر والأصفر يبعث للدفيء ومثيرا أحيانا واللون الأبيض صامتا ومفتوحا على إمكانيات عديدة.
يبدو هذا العمل للوهلة الأولى لدى البعض بأنه لا يحتاج إلى مهارات فنية ولكنه في الحقيقة ليس سهلا إذ يحتاج إلى إلمام في استخدام الرسم ودراية واسعة بأساليبه وحساسية الفنان العالية في اختيار التشكيل إضافة لاستخدام الألوان وكيفية مزجها للحصول على اللون المطلوب وبالتالي على الفنان أن يكون شاعرا إضافة لكونه رساما.
إن هذا الفن واقصد منه التجريدي لم يكن مبنيا على الأدراك البصري ولكنه موجود في حياتنا جميعا ويشير إلى أشياء غير مرئية كالعاطفة والصوت والهواء ويجري تحريكها بالاتجاه المطلوب عند مشاهدة اللوحة.
إن هذه اللوحة قد خضعت لعدة تعديلات ومحاولات وخلالها جرى استخدام مجموعة من التقنيات شملت التنقيط والركام والتلطيخ ولتحقيق ذلك تم استخدام الألوان الفاتحة مقابل الداكنة والخشنة مقابل السلسة والأشكال الكبيرة مقابل الصغيرة والأبيض مقابل الألوان الحارة مع التركيز على مبدأ التباين من أجل الحصول على الاتزان وتوازان مساحتها لذلك فقد اخترت شكل المستطيل وبقياس 75سم×60 سم وهو ما يحقق ذلك التوازن ويقترب من مبدأ النسبة الذهبية التي اعتمدها اكثر الفنانين وخاصة القدماء منهم أمثال ليوناردو دافنشي في لوحتيه العشاء الأخير والموناليزا وبيكاسو في لوحته نساء أفنيون والنسبة الذهبية هي حاصل قسمة الأشكال بعضها على بعض وهي مكافئة للرقم 1,618 وقد ظر إن قسمة مساحة المستطيل السطحية على مساحة المربع السطحية ينتج عنها عديد من مستطيلات ومربعات بمتوالية عددية لانهائية وكيفية وضع تلك العناصر داخل قطعة فنية بأكثر الطرق جمالية ويمكن العثور عليها في العديد من الأعمال الفنية ولأجل إيجاد ادق حالة من التوازن تربط تلك المستطيلات والمربعات بلولب حركي الشكل اطلق عليه اللولب الذهبي كما هو موضح باللوحة وقد شملت تلك النسبة الذهبية جميع الأعمال الفنية والهندسية والعمرانية قديما وحديثا وحتى الأجسام البشرية أيضا ومدى علاقة أجزاء الجسم بعضها بالبعض ولهذا اطلق على هذه النسبة التي تخص الكائنات الحية النسبة الإلهية.
في هذه اللوحة قمت بمحاولة للجمع ما بين الفن التجريدي وما تعنيه النسبة الذهبية واللولب الذهبي في تشكيل فني واحد أتمنى أن تروق لمن سيشاهدها من الاخوة القراء وابداء آراءهم المفيدة حول هذه التجربة المتعلقة بالفن التشكيلي وابعاده المختلفة.
لطفي شفيق سعيد
رالي في الخامس والعشرين من تموز 2021