صحيفة المثقف

عقيل العبود: كلمتي المقدسة

عقيل العبودكتبتُ في وصيتي أن يكون مدفني هنا في أجمل بقعة في الكون، فهي الأرض التي أكتشفتُ فيها إنسانيتي المعطلة- سان دييغو عشقتُ ترابها مذ وطأت مهجتي عوالمها.

آنذاك لم أكن سوى ذلك الرقم الذي تم تدوينه في سياق الموضوعات التي بموجبها يصار لمن يطلب حق اللجوء هوية تستوعب في سرائرها صدق التفاصيل، كونه الكائن، والكيان الذي إنما أريد له ان يحيا وفقا لدستور العرش الإلهي.

ففي بيت الهجرة تعلمتُ فلسفةً جديدة لثنائية الموت والحياة، حتى أدركت ان معادلة الأوطان ليست تلك الأمكنة التي ولدنا ذات يوم في بقاعها ليتم دفننا تحت ترابها ونحن على قيد الحياة، إنما هي تلك التي تم إحياؤنا فوق ترابها ونحن على شفير الموت.

لذلك في مقامي الآمن كان المخاض من نوع مستحدث، حيث صار عليَّ أن أصوغ مقاسات غير تلك التي أجبرت على التقيد بها ذات يوم، لعلها تتماشى مع حقيقة آدميتي التي على أساسها

بتُ ادرك معنى الغطرسة، والكبرياء، والفخر، والهيبة، والاعتزاز؛ ذلك بعد ان أتيح لي ان أختار المدرسة التي أريد، والسيارة التي أرغب، والمأكل الذي أشتهي، والمأوى الذي أشعر فيه بالسكينة، وغدا لي الحق لأن أحوز على ما أسعى اليه بناء على ميزان العدل الاخلاقي.

ففي حصني صار لي بيتا آمنًا ، ومعاشا، وبطاقة صحية، وسيارة فاخرة، واصدقاء، وعلماء، وأساتذة ومبدعين.

في ملاذي المستريح صرت أجمع الورد، والعصافير حتى أدركت أن للألوان بهجة، ورائحة تعشقها الزهور وتحتضن رحيقها الفراشات.

لذلك منارتي المقدسة هي الخبز الذي من عروقه أصبحت أتنفس رائحة الوقار، وهي الأمل الذي من زهوه فهمت معنى اليقين.

واللوحة رسمتها كما لقنتني إياها معشوقتي الجميلة على شاكلة عالم يجتمع تحت عرشه جميع ثقافات، وأديان الوجود.

 

عقيل العبود

سان دييغو/ كاليفورنيا

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم