صحيفة المثقف

عقيل العبود: العراق ولعبة الأقنعة

عقيل العبوديقطعُ اللامكانَ هذا المد المشحون من بانوراما المشهد، خاضعًا لقانون هذا النوع من التزاحم، ليزج بمساحات العمر المسكونة بالقلق، والصراع صوب أقبية أخرى؛ يحولُ بينها وبين غاياتها السامية، وفقا لآليات هذه التوقيتات التي تسبقها دائما لغة الاعلام، وآفة المسميات؛ ذلك على أساس الشعارات التي يجري الإمضاء عليها كل يوم، بحسب ما تقتضيه مصلحة البرامج الخاصة بالهيمنة، واحكام السلطة، ولغة التلفاز.

وعلى اساسها تتجاوز آلة الموت حقيقة الإنسان، تعبث به، مثل بحيرة ماء تنتزع سكونها الريح؛

ويركنُ الصمت في تلك النفوس بحثًا عن أرض بلا خوف، ليعود متعكزا خائبا بعدها، مثل عجوز هرم أتعبته الحياة.

ولذلك مع أقصى لحظات التأمل، يجتمع التفاؤل مع التشاؤم، تتهافت جميع أضواء الأمل المنشود، وتسقط الاحلام، تسرقها أمواج بحر عاتية.

لتبقى الحقيقة هكذا بلا عنوان، ويستقر الزيف قائما مع احتكار نفوذ البث المتداول، حيث يجري الاشتغال على خارطة الإعلام كل يوم بطريقة ماكرة، ريثما يصار الى إخضاعها تماما لفقرات الإتفاق المبرم بين أطرافها وفقا لمبدأ الاقنعة.

والعراق هو الانموذج الذي استطاع المخرج اختياره وبنجاح باهر لتفعيل مكننة التزييف الاعلامي بناءً على سياقات التبويب المرتبط بأيديولوجيات البرمجة الخاصة بتشفير العقول بثقافات فاسدة.

فأصحاب السلطة رغم عدم صلاحيتهم المؤكدة، يصار هذه الايام، الى تجميل وجوداتهم بعد تعليب حكاياتهم، وإعادة انتاجها لتصديرها مرة أخرى عبر عروض الاسواق الإعلامية الموبوءة، بطريقة تتلاءم مع لعبة ما يسمى بالانتخابات.

وعلى هذا الاساس يبقى الشعب معلقًا بين مطرقة التسيب وفوضى الاحداث التي تعصف به كل يوم، وبين هرج الخراب والتوحش والانهيار.

ومع الحاجة الى وجود السلطة، تبقى سطوتهم نفسها، وتبقى عرصاتهم، أصحاب الزعامة، والضمائر الفاسدة، لتستمر حكاية هذا البؤس الذي أغار علينا جميعا، منذ أزمنة أخرى حتى يومنا هذا، لتسرق أوطاننا، وثرواتنا، وإرثنا، وذكرياتنا، وأحلامنا، التي نمت مع طفولتنا؛ بفعل هذا الإعصار الذي ألم بنا جميعا، ليقود بأرواحنا ومشاعرنا، ولو بعد حين الى هذا النوع من الدمار!

 

عقيل العبود

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم