صحيفة المثقف

بكر السباتين: تركيا توشك على تخطي أزمة الحرائق.. ولكن!

بكر السباتينما زالت الحرائق مستعرة على طول السواحل الجنوبية والمناطق السياحية الساخنة، بسبب الارتفاع الحاد في درجات الحرارة.

وأدارت القيادة التركية الأزمة باقتدار حتى أوشكت على تخطيها.. وتمكنت من السيطرة على 107 حريقاً في غابات تركيا، حيث سجلت منذ يوم الأربعاء الماضي بؤر حريق في 32 محافظة تركية.

وأشارت هيئة الطوارئ إلى مقتل 8 أشخاص بسبب الحرائق، وتم إجلاء حوالي 100 سائح روسي من بودروم التركية".

بدوره، حث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجميع على "انتظار نتائج التحقيقات التي تجريها السلطات للوقوف على أسباب حرائق الغابات المتزامنة في البلاد".

ويأتي هذا بالتزامن مع تحضيرات الأجهزة المختصة لمعالجة آثار الحرائق على البيئة والممتلكات والبشر ومن ثم تقدير الخسائر من أجل دفع التعويضات اللازمة للمتضررين.. ناهيك عن تصميم أردوغان على استئناف مشروع تشجير تركيا لتعويض ما دمرته النيران في أجمل غابات تركيا التي تعتبر من أهم عناصر الجذب السياحي في لبلاد.

واتهمت المعارضة أوردوغان بالإهمال بسبب عدم اتخاذه التدابير اللازمة لمواجهة مثل هذه الكوارث.

وفي سياق التحقيقات التي بوشر بها منذ البداية فإن السلطات التركية كانت قد أعلنت عن اعتقال بعض المشتبهين ممن صورتهم كاميرات المراقبة.

وهذا لا ينفي وجود تَعًاقُبٍ موضوعي بين ما نسب إلى جماعة "أبناء النار" التابعة لحزب العمال الكردستاني -الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية- حيث اعترفت هذه الجماعة بمسؤوليتها عن الكارثة، معتبرة بأن تركيا لا تفهم إلا لغة الحرائق، وبين السبب المباشر الذي أشعل الفتيل والمُجْمَعُ عليه عالمياً، والمتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة في عموم دول حوض المتوسط،  ومنها:

 تركيا التي أوشكت على إطفاء الحرائق، وخصوصاً بعد هطول أمطار غزيرة عمَّت مدينتي مرسين وإنطاليا.

واليونان التي داهمت النيران غاباتها المتاخمة للعاصمة أثينا.

 ناهيك عن إيطاليا التي استفحلت فيها النيران متمددة  في جنوب البلاد حتى وسطها بعد أن التهمت غابات جزيرة صقلية.

من هنا ربطت الصحف الموالية للحكومة التركية ومنها "يني شفق" بين الحرائق وحزب العمال الكردستاني دون تقديم دليل سوى بيان "أبناء النار" الذي لا يعتمد عليه قانونياً فقد يكون مفبركاً.. بانتظار ما ستفضي إليه التحقيقات الجارية.

 وتربط وسائل إعلام تركية جماعة "أبناء النار" بحزب العمال الكردستاني، موضحة أنها جماعة تهدف إلى ضرب مصالح الدولة التركية لذلك فإن البيان المنشور عبر الفضاء الرقمي والمنسوب إليها يُعد اعترافاً بالمسؤولية عن الكارثة، بدلالة تنفيذ تلك الجماعة لعدة عمليات مشابهة على نحو  هجمات استهدفت بشكل أساسي ممتلكات تابعة لأفراد منتمين لأحزاب السلطة في تركيا.

ففي إبريل الماضي، أضرم "أبناء النار" النيران في عدد من المصانع والسيارات الجسور في إسطنبول وكوجالي وسامسون وغيرها، بعضها تابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم.

وقبلها، أعلنت الجماعة عن حرق مستودع تابع لمصنع تركي لصناعة المطاط في مدينة بورصة، قائلة إنه يقوم بتمويل الحرب التركية ضد الأكراد.

صحيح بأن الحكومة التركية تعرضت لانتقادات من قبل المعارضة بسبب عدم استعدادها، ثم تأخرها، في اتخاذ إجراءات في منطقة معرضة تاريخياً لحرائق الغابات المدمرة؛ إلا أنها أدارت الأزمة بنجاح وخذلت المتربصين بتركيا التي تجاوزت المحنة على وجه التقريب، بمساعدة الدول الصديقة التي هبت لنجدتها مثل: أوكرانيا وروسيا وإيران وأذربيجان التي أرسلت، بشكل منفصل، طائرات إطفاء إلى تركيا.

إن مهمة معالجة آثار الكارثة مكلفة؛ لكن تركيا أثبتت بأنها مستعدة للتعامل معها بكفاءة واقتدار مستقبلاً..

نتمنى ذلك لأن الغابات ثروة تتجاوز ملكيتها الأقاليم والدول، فهي الرئة التي تبعث الحياة في هذا الكوكب.. وبدونها يصعب معالجة الأضرار الناجمة عن اتساع طبقة الأوزون وتنامي ظاهرة الاحتباس الحراري وما يرافقها من متغيرات مناخية يصعب رصد مواقيتها.

 

بقلم بكر السباتين

8 يوليو 2021

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم