صحيفة المثقف

ثامر الحاج امين: غدر الزمان في قصائد الشعراء

ثامر الحاج امينالشكوى من تقلب الزمان وغدره واحدة من الموضوعات  التي استحوذت على مساحة ليست بالقليلة من تراثنا العربي وموروثنا الشعبي فقد شهدت العصور المختلفة من الأدب الشكوى من الزمان وتقلباته وتباينت مواقف الأدباء من هذه الحقيقة المؤلمة بين ناقم على الزمن ومتبرم من فعلته وبين ساخر لا يخفي حرقته من ذلك، وقد لجأ الشعراء الى القصيدة لإفراغ مكنوناتهم وهواجسهم الداخلية واظهار الحيف والوجع الذي يصرخ بداخلهم جراء لعبة الزمن الذي يرفع الجهلاء وأراذل القوم ويضع العلماء والسادات، فـالشاعر (ابن الرومي) واحد من الشعراء الذين شكوا من الدهر ودوره في قلب الموازين وتغييرالأحوال وكان اكثرهم حدة ودقة في تصوير هذا التحول:

رأيت  الدهر يرفع كل وغد ويخفض كل ذي زنة شريفة

وكالميزان يخفض كل واف ويرفع كل ذي زنة خفيفة

ويأتي بعده الشاعر الطغرائي ليصف بحرقة ما أل اليه حاله من نكوص وتراجع بعدما كان متقدما على الجميع فيقول:

تقدمتني اناسٌ كان شوطهم وراء خطوي إذا أمشي على مَهل

وقبل هؤلاء عاش الشاعر دعبل الخزاعي هذه الحيرة وقال متعجبا من لعبة الزمن وغدره:

ما أعجب الدهر في تصرفه .. والدهر لا تنقضي عجائبه

فكم رأينا في الدهر من أسد ٍ..  بالت على رأسه ثعالبه

والشاعر الشعبي لم يبتعد في هواجسه عن اقرانه شعراء الفصحى في تجسيد هذه الحقيقة المرة  فها هو الحاج زاير يرصدها في مواله فيصفها بحرقة:

والكدش أصبح لها عزمٌ شديد وباس

والزين دنگ على جف الزنيم وباس

ولم تتوقف شكوى كرام النفوس من تقلب الزمان فالشاعر " قدوري "صاحب الموال اليتيم يشير الى:

الجانوا انشاط هسه بها لزمن ركّوا

والجانوا اركاك هسه بها لزمان انشاط

ولكن شاعر الدارمي فاق الجميع في تصوير حجم الكارثة التي وقعت على رأسه، فبعد حياة العز التي كان فيها وجد نفسه تابعا ذليلا يجيب سائله:

يل تنشد اعله الحال هذا آنه حالي

راعي بحلال الجان راعي بحلالي

***

ثامر الحاج أمين

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم