صحيفة المثقف

يسري عبد الغني: أديب يستحق أعادة الاكتشاف.. الافغاني أبو الفتح البستي

يسري عبد الغنيأبو الفتح علي بن محمد الكاتب البستي (330 هـ - 400 هـ = 1010م) من بلدة بست في بلاد أفغان وهو من شعراء القرن الرابع الهجري بدأ حياته معلما للصبيان في بلدته ثم عمل كاتبا في بلاط الدولة الغزنوية ارتحل إلى بخارى وفيها توفي.

ولد في بست (قرب سجستان) وإليها ينسب، سنة ٣٣٠ هـ تقديراً.

ذكر البستي أنه ينحدر من أصل عربي، حيث يقول:

أنا العبد ترفعني نسبتي إلى عبد شمس قريع الزمان

وعمي شمس العلا هاشم وخالي من رهط عبد المنان

تتلمذ البستي على يد أبي حاتم محمد بن حِبَّان.

وكان من كتاب الدولة السامانية في خراسان وارتفعت مكانته عند الأمير سبكتكين. وخدم ابنه يمين الدولة السلطان محمود بن سبكتكين ثم أخرجه هذا إلى ما وراء النهر فمات غريباً في بلدة (أوزجند) ببخارى.

له (ديوان شعر - ط) صغير، فيه بعض شعره، وفي كتب الأدب كثير من نظمه غير مدون.

وهو صاحب القصيدة المشهورة التي مطلعها:

زيادة المرء في دنياه نقصان

وهو شاعر بارع وكاتب مجيد يهتم كثيرا بتجويد ألفاضه في نثره وشعره. ويقول عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان:

صاحب الطريقة الأنيقة في التجنيس الأنيس البديع التأسيس، فمن ألفاظه البديعة قوله: من أصلح فاسده، أرغم حاسده. من أطاع غضبه، أضاع أدبه. عادات السادات، سادات العادات. من سعادة جدك، وقوفك عند حدك. الرشوة رشاء الحاجات. أجهل الناس من كان للإخوان مذلا، وعلى السلطان مدلا. الفهم شعاع العقل. المنية تضحك من الأمنية. حد العفاف، الرضا بالكفاف. ما لخرق الرقيع ترقيع.

ومن نادر شعره قوله:

إن هز أقلامه يوماً ليعملها ** أنساك كل كميٍ هز عامله

وإن أقر على رق أناملـه ** أقر بالرق كتاب الأنام له

وله:

وقد يلبس المرء حر الثياب ** ومن دونها حالة مضنـية

كمن يكتسي خده حمـرةً ** وعلتها ورم فـي الـرية

وله:

إذا تحدثت في قوم لتؤنسـهـم ** بما تحدث من ماض ومن آت

فلا تعد لحديث إن طبعـهـم ** موكل بمعاداة الـمـعـادات

وله:

تحمل أخاك على ما به ** فما في استقامته مطمع

وأنى له خلـق واحـد ** وفيه طبائعـه الأربـع

وللبستي حين تغير عليه السلطان، وهو معنى بديع:

قل للأمـير أدام ربـي عـزه ** وأناله من فضله مـكـنـونـه

إني جنيت ولم يزل أهل النهـى ** يهبون للخدام مـا يجـنـونـه

ولقد جمعت من العيون فنونهـا ** فاجمع من العفو الكريم فنونـه

من كان يرجو عفو من هو فوقه ** عن ذنبه فليعف عمـن دونـه

وله أيضاً:

إذا أحسست في لفظي فتوراً ** وحفظ والبلاغة والـبـيان

فلا ترتب بفهمي إن رقصي ** على مقدار إيقاع الزمـان

هكذا قاله في " زهر الآداب ".

وتوفي سنة أربعمائة، وقيل سنة إحدى وأربعمائة ببخارى. وقد تقدم الكلام على البستي في ترجمة الخطابي، ورأيت في أول ديوانه أنه أبو الفتح علي بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز الكاتب الشاعر".

آثارهُ

نسخة مخطوطة من «عنوان الحِكم» - جامعة أم القرى، رقم ١٥٢٨١-٢

اشتهر بالقصيدة التى تعرف بـ «عنوان الحِكم» أو «نونية البستي» ومطلعها:

زيادة المرء في دنياه نقصان وربحه غير محض الخير خسران

وكل وجدان حظ لا ثبات له فان معناه في التحقيق فقدان

قال المنيني الدمشقي (ت ١١٧٢ هـ) أن القصيدة «يستهيم في حفظها وروايتها أهل الأدب ويعنى بها الناس حتى الصبيان في المكتب.»

وقد اعتنى بها عدد من العلماء والأدباء منهم:

أبو منصور الثعالبي (ت ٤٢٩ هـ) شرحها في كتابه «نثر النظم وحل العقد».

بدر الدين الجاجرمي (ت ٦٩٠ هـ) ترجمها إلى الفارسية.

شرحها عبد الرحمن العمري الميلاني (ت ٧٠٨ هـ).

شرحها محمود بن عثمان النجاتي (ت ٧١٣ هـ).

شرحها عبد الله بن محمد بن أحمد النقره كار (ت ٧٧٦ هـ).

شرحها الحسن بن محمد البوريني (ت ١٠٢٤ هـ).

عبد القادر بن العيدروس (ت ١٠٣٨ هـ)، شرح بعض أبياتها.

ترجمها المعصار محمد سعدي جوكنلي نثراً إلى التركية. وذكر أنه لا يعرف ترجمة للقصيدة إلى التركية غير هذه.

أنشدها الشيخ مشاري العفاسي

وللبستي كتاب «شرح مختصر الجويني» في الفقه الشافعي، ذكره له صاحب كشف الظنون.

 

بقلم: د. يسري عبد الغني

..........................

الاسانيد

خالد الشبل (2004-09-20). "أبو الفتح البستي". شبكة الفصيح.

- ملف: شرح تاريخ العتبي - ويكي مصدر

- نثر النظم وحل العقد - ص١٢٣

- الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ٢٤ - الصفحة ٢٢٠-٢٢١

- شرح لقصيدة البُستي "زيادة المرء في دُنياه نقصان" - المكتبة الرقمية العالمية

- قصيدة عنوان الحكم. مكتب المطبوعات الإسلامية. p. ٣٠.

- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون - ج ٢. دار إحياء التراث العربي. p. ١٦٢٦.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم