صحيفة المثقف

الحسين بوخرطة: حبكة ثعلبية

الحسين بوخرطةلم ينم "مسخر" أصعب ليلة من ليالي شهر غشت المصيري في مسار بلاده التنموي. إنها الليلة الحاسمة في مصير ساكنة مدينته المتوسطة.

تعلم "مسخر" وتكٙوﱠن على يد أحد رواد أنماط التدبير الجديدة وأحد نجوم التنوير الفكري والفلسفي اسمه "إثار". برز نجم هذا المعلم العبقري تفكيرا وممارسة. كثر الحديث عن كفاءته وخبرته النظرية والميدانية ومساهماته الجادة في إطار الواقعية الرومانسية والنقدية والإنسانية. رأى فيه الناس نموذج زعيم بأحقية قيادة مرحلة نماء، وملاذا لتحقيق أمل بناء المستقبل على أسس جديدة.

أعلن انعقاد اجتماع في أعلى المستويات. حبكت الخطة بعناية قصوى. تم انتقاء "مسخر" بعناية تامة من طرف رواد التحكم في مصائر الروح الجماعية بدسائس جهنية، لا يمكن أن تنقشع خباياها إلا للنبهاء. تم تعيينه مدبر إجراءات المرحلة، واتفق معه على الرهان والمصالح الذاتية بالتفاصيل المملة. طلبوا منه إتقان تعبيره على أحقيته في قيادة المرحلة. تثبت موقعه بعدما تم رفض التعاون محليا مع منافس له تم تعيينه من الأجهزة الفوقية.

اعتقد الجميع قوة حبك الخطة الجهنمية. وأن علاقة طموح التلميذ بأحقية المعلم ستشكل عقدة نفسية ستبعد الزعيم عن حلبة التنافس.

فطن "إثار" ثعلبية الخطة، وابتعد بعنفوان وكبرياء، غير مبال بأي حدث يذكر. تتوالى الأسئلة عليه كل ساعة، لتتكرر الإجابة الوحيدة على لسانه "لا علم لي بذلك". واعيا بحاجيات بسطاء الناس بتنويعاتهم المختلفة (الأطفال، الشباب، والكهول، والشيوخ، والفتيات، والنساء، ...)، كان لا يمد يديه إلا لمن يعتبر أيام الحياة لوحات فنية لا يشكلها إلا المهرة في قراءة لغة الداخل، وفي التعمق بنبوغ في أسرارها لدى الأفراد والجماعات بفعالية وقدرات على العطاء الإنساني. إنه مدرك أشد الإدراك أن الوقت لم يحن بعد لجذب انتباه الناس إلى وجود حلول جديدة لمشاكل الماضي والحاضر برؤية خدمة المستقبل. تابع الإجراءات التدبيرية للمخاطر زمن انتشار الوباء القاتل في بلاده، والحديث بإسهاب عن مشروعية العمل المركزي.

استقال "مسخر" كما كان منتظرا من منصبه القيادي في صبيحة الليلة المصيرية المعتمة، وفوت الزعامة الممنوحة إلى أصحابها. أوفى بتعهداته، وطمأنوه بالوفاء بوعودهم، لتتكرر سيناريوهات الماضي بتزكية عليا.

***

الحسين بوخرطة

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم