صحيفة المثقف

عقيل العبود: أنفاس مطعونة

عقيل العبودراح ينصت لنبضات قلب أتعبه المخاض، علق سماعته الطبية، وانصرف بعيدا عن عينيها التي اغرورقت بالدموع

اتخذ الفقر طريقا بائسا، لعله يكمل تلاوته عن حكاية بقعة من الجسد طُعنت احشاؤها قبل يوم واحد

اكتظت أخبار الحي المتهالك بحضور بعض المسؤولين، بما فيهم أصحاب التحقيق الجنائي، ومع حضراتهم، اصطفت البيوتات تشارك الحاضرين العزاء

ابتدأت جولته الصباحية مع كدمات رسمتها كاميرات الشرطة لاحقا، أملا بالعثور على القاتل

حط عند جدران ذاكرته طائر يبدو ان له علاقة بحكاية المشهد

أمست حبات القمح تنتظر زهوها المنثور فوق بقاع الارض المحزونة؛ "ليتها لم تمت، ليت أنفاسها تعود كما كانت"- تمتم مع نفسه نيابة عن ساقية كانت أشبه بشاهد عيان

غاص الصوت بعيدًا، وقف بطريقة تكاد ان تكون اقرب من الآخرين اليها، لعله يعثر على إجابات لأسئلة غدت تلح عليه

انحنت عقارب الساعة على أعقاب تلك التمتمات، تركت بصماتها مع مكتنزات قصيدة أُجبِرَ صاحبها على الاصغاء، تزاحم الشعر مثل قلادة تناثرت أقراطها، اشتدت لغة الأنين، بينما عند منتصف الليل ارتدت النجمة البعيدة سر الحداد

وعلى غرار المأتم، بات الليل يجرجر خطوات الجسد المطعون بالحمى، يبحث عن أصل الظلمة، ينمو فيها، يسكن في منتصف القاع، يطرق أبواب الهلع الآت، يتقدم نحو بقاع الأرض المنحوتة بحطام الموتى، يحملُ اسرار الضوء الواهن، يبحث عن مسارات الغروب، يتحدث عن فلسفة الأشياء ، يرسم خارطة الاسماء، يحمل فجيعة الفزع المسكون ببقاع الأفق الغارق بالعتمة

اختفى القاتل عند اشباح النهايات الواقفة خلف الجدران، دون ان يعلم به أحد، أما العصافير فقد اطلقت صيحاتها بحثا عن مكان آمن

 

عقيل العبود

سان دييغو/ كاليفورنيا

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم