صحيفة المثقف

نبيل عبد الأمير الربيعي: القرنفل الشقي.. أوراق من سيرة الأيام

2753 ذياب مهدي آل غلامكان هذا الشقي يمتلك الجرأة في كسر الحواجز، وصنع الصورة المكثفة، من خلال إرادته وعبثيته وعدم مبالاته بمصائر الأمور، فالسرد كان صادم ومستفز أحياناً، لكنها إرادة أديب أراد أن يتمتع بحرية بعيداً عن كل القوالب الجادة، واعتبر نفسهُ إنساناً يستحق أن يفعل بإرادته كل ما يرغب فيه من تنازعات الجسد والرغبات والغريزة، ذلك هو الأديب والكاتب والباحث والشاعر ذياب مهدي محسن آل غلام، الذي جسد كل أموره الصعبة في كتابه الموسوم (القرنفل الشقي.. أوراق من سيرة الأيام) الصادر هذا العام عن دار سما للطباعة والنشر والتوزيع وبواقع (486) صفحة من القطع الوزيري ذات الطباعة الراقية والغلاف الجميل، وقد تضمن الكتاب أكثر من (60) قصة قصيرة عن مغامرات القرنفل الشقي.

عندما بدأت بقراءة مذكرات أخي وصديقي ذياب آل غلام وجدتها تستفز رغبة الإشارة إليها بين صفحة وأخرى تجعل الكتابة عنها من الأمور الصعبة، لكني سأتحمل مجازفة الاقتراب من هذا الشقي في مذكراته التي كتبها لمرحلة طويلة من حياة الشباب، عائداً ولائذاً بذاكرته لحقبة السبعينيات وما تلاها حتى أيامنا هذه، كانت ذاكرة الشقي ذياب النشطة تمتلك خزيناً من السرد العجيب لوقائع واحداث حقيقية مرَّ بها هذا الشقي، وقد سرد تلك الأحداث بطريقة غير مألوفة لدى الروائيين والأدباء بسبب ما يمتلك من جرأة ومصداقية في نقل الحدث، فأحداث الكتاب يجعلك كأنك تشاهد فلماً سينمائياً واقعياً، فتشدك حتى تجد نفسكَ أحياناً كأنك طرف في هذه الأحداث الرومانسية، وهذا ما اتقنه الشقي ذياب ببراعة الكاتب وحبكة تظل تتساءل كيف قام بها خلال مرحلة الشباب بين الوعي واللاوعي في الأفعال والنزعات مهما تغيرت الظروف والأماكن.

في قصصه القصيرة ينقلنا إليها الشقي وكأنها روايات كاملة لدى كُتّاب آخرين، وجرأة الكاتب وانغماسه في واقع المعاشرة بلا رتوش ولا تهذيب ولا محاباة. هذه الروايات التي تجاوزت (60) يعتز بها الكاتب، فهي جزء من حياته وعنفوان الشباب والرجولة، ومن خلال فكرته ورواياته يضعنا أمام تساؤلات تتجمّل فيها طريقة سلوكه لحياة جميلة طَيّعة من أفكار وأفعال وإغراءات وضغوطات وانهيار لكل مقومات الحياة من حوله، وكذلك نجده يعري حواء بقلمه ومبضع العمليات الذي يمتلكهُ، فيصفها ويرسمها ويشرحها، يجعلها ملكة جمال أحياناً ويدعونا لعشقها بعض الأحيان، فوسط هذا الكم الهائل من الروايات القصيرة والسرد الحقيقي، لا بد لنا أن نذكر تلك هي الحقيقة الممتزجة بالواقع والأكثر جرأة على التحليل والفهم، ومشاكسة النفس ذاتها في بعض الأحيان.

فالأديب ذياب آل غلام قد انفرد بسلسلة أقاصيصه التي اتخذت عنوان (القرنفل الشقي)، وكان السَبّاق في هذا الإنجاز الأدبي المائز، وبنصوص السرد القصصي الغني بالصورة العميقة، ولكني اتساءل هل اختزل الشقي ذياب الأنثى مجرد أداة جنسية تحرض آدم على المعصية؟ أم أنه أخرجنا من قيود أساطير الكتب الدينية لعالم الأنثى بعيداً عن الكتب والروايات الكلاسيكية؟ قراءة كتاب (القرنفل الشقي) دفعتني للتأمل بعقلية الرجل الشرقي الواثق من نفسه. جزيل الامتنان والشكر للأديب ذياب آل غلام لكتابه الماتع هذا والذي أخرجنا من كآبتنا وأمراضنا النفسية ونظرتنا للأنثى إلى عالم الرومانسية والإمتاع الجميل.

ولا ننسى أن الأديب ذياب مهدي آل غلام قد صدر لهُ في سنوات سابقه عدّة إصدارات في مجال الشعر منها: ليالي البنفسج، وحياة الأيام، والقرمطي لا يخلع عهده، وسونية الغجر، والمشي على أطراف الروح، وعاشق مضرج بالنهد. أما في مجال البحث فقد صدر له من المؤلفات ما يلي: مقهى عبد ننة إرث نجفي عراقي حضاري، والإسلام والماركسية دراسة فكرية مقارنة.

 

نبيل عبد الأمير الربيعي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم