صحيفة المثقف
يحيى السماوي: سـتُّ جـذاذات
بـغـدادُ كـأسـي والـسـمـاوةُ راحُ
أمّـا الــنــديـمُ فـإنـهُ الأشـــبــاحُ !
(1) الـعَـثَـرات
عَـلّـمَـتـنـي الـعَـثَـراتْ :
*
كـيـفَ أجـتـازُ الـمـسـافـاتِ وَضِـيءَ
الـخَـطَـواتْ
*
والـتـعـالـيـمُ الـتـي أحـفـظـهـا عـن ظـهـرِ عِـشـقٍ
عَـلَّـمَـتـنـي كـيـفَ أقـتـادُ الـى الـنـحـلِ الأزاهـيـرَ
ولـلـصـحـراءِ غـزلانـاً وعـشـبـاً وفـراتْ
*
وأنـا عـلَّــمــتُ ذئــبَ الـيـأسِ
أنْ يـغـدوَ ظـبـيًـا
أو مَـهـاةْ
***
(2) لا ترأفي بي
حَـرَّرْتُ بـسـتـانَـكِ مـن نـهـري ..
وكـاسـاتِـكِ مـن خـمـري ..
ومـحـرابَـكِ مـن كُـفـري ..
فـحـرِّريـنـي
*
مـنـي ..
فـقـد آنَ لِـبـحـرِ الـعِـشـقِ أنْ يُـغـرِقَ لـيْ
سـفـيـنـي
*
لا تـرأفـي بـيْ
أكـمِـلـي قَـصـاصَ مـحـرابِـكِ مـن مـجـونـي
*
الـذنـبُ ذنـبُ الـيَـدِ لا الــسَّــيـفِ ..
أنـا كـنـتُ عَـدوِّي فـي حـروبِ الـظـنِّ والـيـقـيـنِ
*
طـعَـنْــتُ قـلـبـي بـيـدي
وفَـقَّـأتْ أصـابـعـي عـيـونـي
*
سُــلِّـي عـلـيَّ نـارَكِ الـغـضـوبَ
واحـرقـيـنـي
*
وَلْـتَـنـفَـخـي الـرمـادَ
كـيْ
لا تـنـهـضَ الـعـنـقـاءُ بـعـدَ حِـيـنِ
*
بـريـئـةٌ ـ بَـراءةَ الـذئـابِ مـن يـوسـفَ ـ أفـعـى الـنـهـرِ (**)
مـن عـشـبِ خـلـودِ الـعـشـقِ ..
طـيــشــي سَــرقَ الأعـشـابَ
فـاسْـتـبْـدَلـتُ أشـواكـاً بـيـاسـمـيـنِ
*
وكـنـتِ مـنـي
مـثـلـمـا مَـشـيـمـةٌ شُـدَّتْ الـى جَـنـيـنِ
*
و مـنـكِ كـنـتُ
مـثـلـمـا جـذرٌ فـراتـيٌّ بـحـضـنِ طـيـنِ
*
وهـا أنـا
مُـنـطـفِـئ الـروحِ
وإنْ كـان الـضـحـى يـشـعُّ مـن جـبـيـنـي
***
(3) وعيد
لـيـسَ وعْـداً بـالـفـراديـسِ ..
فـقـد كـان وَعِـيـدا
*
هَـيَّـأتْ مـرثـيـةً لـيْ ..
وأنـأ هـيَّـأتُ مـيـلاداً جـديـدا
*
إنْ يـكـنْ يـومـيَ مَـرثـاةً
فـإنَّ الـغـدَ قـد يُـصـبـحُ عِـيـدا
*
حَـبَّـةُ الـقـمـحِ إذا تُـدفَـنُ
قـد تـمـلأُ بـالــخـضـرةِ والـسـنـبـلِ بِـيـدا
***
(4) خماسية
شَــجَــنـي هــديـلٌ والأنــيــنُ هَــلاهِــلُ
حــتـى رمـادُ تــشــاؤمـي مُــتــفــائِــلُ
*
شـهـرٌ عـلى ـ في الحـلـمِ ـ آخرِ قُـبـلـةٍ
وعـلـى حـديـثِ الـصـحـوِ عـامٌ كـامـلُ
*
أأنـا الـقـتـيـلُ الـمُـســتـبـى ؟ أمْ أنــنـي
بـعـد الـتـمـاهـي فـي هــواكِ الـقـاتِـلُ ؟
*
مهـمـا تـعَـطَّـلَـتِ الـفـصـولُ فـفي غـدٍ
ســيَــشِـعُّ عـشـبٌ ضـاحِـكٌ وســـنـابـلُ
*
فِـيـمَ احترازُكِ من جـنـوني في الـهـوى ؟
لا تــذعــري فــأنــا جــنــونـي عـاقِــلُ
***
(5) قـنـاعـة
كـفـانـي مــن سـحـابـكِ كأسُ مُــزْنِ
ومن أشـجارِ حـقـلِـكِ بعـضُ غـصـنِ
*
ومـن " وادي طـواكِ " نـدى زهــورٍ
مُـمَــنَّـعــةٍ علـى شـفـتِـي وجـفــنِـي
*
مَـلـكْـتِ الأصغـريـنِ وصِـرتِ مـني
كـمــا إنــسٌ أُصِــيـبَ بـعــشــقِ جِـنِّ
*
أراكِ ـ ولا تـراكِ عـيـونُ صـحـبـي
فــتَــحْـسَـبُ أنَّ مَـسّـاً شــلَّ ذهــنـي
*
تَــســاقــيــنـا مـن الــلــذاتِ نـهــراً
وأصـرخُ: يـا بــخـيـلَ الـلـثـمِ زِدْنـي
*
أغِــيـثـي واحـتـي بـلــظـى يــقــيــنٍ
يُــحِــيــلُ الــى رمــادٍ شـــوكَ ظــنِّ
*
تــمَـكَّـنَ مـن يَــقــيــنـي فـأسُ شــكٍّ
فـأودى بــيــنَ بـســتـانـي وبَــيــنـي
*
ومــا خـوفـي عــلـيَّ مــن الــدَّواهـي
ولــكـــنــي: أخــافُ عــلــيَّ مِــنـي
*
لِـمَـنْ أشــكـو إلـيـهِ إذا خـصــيــمـي
فـؤادي ؟ فـهْـو سَـجّـانـي وســجـنـي
*
أبـى ـ إلآ نـدى واديــكِ ـ كــأســي
وإلآ مـن رغـيــفِ قِــراكِ صَـحـنـي
***
(6) خماسية
بـغـدادُ كـأسـي والـسـمـاوةُ راحُ
أمّـا الــنــديـمُ فـإنـهُ الأشـــبــاحُ !
*
تَعِـبَتْ من اللـيـلِ الـمُذِلِّ نـوافـذي
والـسـهـدُ والأشـواقُ والـمـصـبـاحُ !
*
جفَّتْ ينابيعُ الشبابِ .. وأصحَرَتْ
مدنُ الأماني ... والأحـبـةُ راحـوا
*
لم تُـبـقِ نارُ العشقِ من حطبي سوى
بعـضِ الـرمـادِ وقـد أتَـتْـهُ ريـاحُ
*
طـيـرٌ أنا قـلـبي .. إذا حَـلَّ الـدُّجى
يـمـضي بـهِ نحـو الـعـراقِ جَـنـاحُ !
***
يحيى السماوي
........................
(*) الجذاذة: ورقة صغيرة تُسجّل فيها الملاحظات .. وهذه النصوص هي مجرد ملاحظات كتبتها عروضياً قد أعمل على جعلها شعرا إذا أرخى حصان الشعر لي لجامه ..
(**) إشارة الى ماجاء في ملحمة كلكامش عن مصير عشب الخلود الذي أكلته الأفعى