صحيفة المثقف

عقيل العبود: المنابر والمؤسسات الدينية

عقيل العبودبادئ ذي بدء، أقول ومن باب السؤال: هل يمكن تحويل، وتحوير المنبر الديني، أقصد المنبر الحسيني الى منبر ثقافي أخلاقي، وبشرط لا، أي بشرط عدم تجاوز مبادئ الإمام الحسين (ع)

مما لا شك فيه إن تحرير المنبر الحسيني من أيديولوجيات السياسة الدينية تساعد في تفعيل دور الواعظ كمرشد ومعلم وخطيب ؛ ذلك باعتبار أن الدين يعد من مكونات البناء الاخلاقي للفرد وللمجتمع، وتبقى الأولوية للأخلاق

فالنبي الأكرم قال (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وهذا معناه ان هنالك مسؤولية تقتضي بناء المجتمعات من ناحية اخلاقية، قبل التبني الديني

فالأخلاق مقدمة للدين، وليس العكس، ولهذا وما دام الامر كذلك، فأننا نحتاج الى منبر أخلاقي معرفي، قبل حاجتنا إلى المنبر الديني، وهذا المنبر يمكن ان يكون الواعظ فيه، رجل خارج مؤسسة الدين ويحكي عن مبادئ الإمام الحسين باعتباره شرطًا لا بد منه

وهذا الواعظ قد يكون معلمًا، أو طبيبًا، أو مرشدا نفسيا، المهم أن المجتمع يحتاج الى قائد يعلّم الجماهير ثقافة القانوني الأخلاقي للحياة الاجتماعية

وهذا القائد الأخلاقي من صفاته كما هو معروف إرشاد الناس الى الصدق، والأمانة، واحترام حقوق الآخرين، ما يساعد في عملية نشر ثقافة البناء الواعي للمجتمعات

لذلك قال أحد الفلاسفة (أعطني خبزًا ومسرحا اعطيك شعبًا مثقفا) . 

والسؤال هل يمكن أن يكون هذا الواعظ من غير المسلمين، هل يمكن ان يكون صاحب المنبر الثقافي هذا من الديانات الاخرى سواء الديانات الوضعية، أو السماوية؟

هنا للبرهنة على ما أريد قوله، أتساءل من هو أفضل من كتب عن شخصية الإمام علي (ع) من حيث أفعاله، وصفاته، وسلوكه، ألم يكن جورج رداغ الرجل المسيحي هو افضل المتحدثين عن شخصية الأمام علي (ع)!

والجواب طبعا نعم، لأن الرجل لم يكن يتحدث تحت قيد، ومظلة هويته المسيحية، إنما تحدث تحت عنوان دائرة انتمائه الإنساني

إذن الهوية الانسانية هي مَن تصنع القدوة

إذن يمكن للمنبر ان يرشح لنا قائدا جماهيرًا، ومرشدا، وواعظا، فهو العرش الذي منه يأتي النقش

هنا أزعم اننا بحاجة إلى تجاوز سلطة المؤسسة الدينية، لكي نحرر المنبر من قيود طريقته التقليدية والتي فرضت عليه من قبل ذات السلطة.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم