صحيفة المثقف

نبيل عرابي: ترياقٌ يلازمنا كمفردات عيشنا

نبيل عرابيتحتلّ المياه مساحة شاسعة من كوكب الأرض، وكذلك من تركيبة الكائنات الحيّة التي تعيش على سطحه، وهي متواجدة في الطبيعة بأشكال وأنواع متعددة، وبدونها لا أثر يذكر للحياة.

مع الشاعرة مهى سلطان، ومن خلال قصيدتها "تسابيح المياه"، من ديوان يحمل العنوان نفسه، تنبلج الرؤية وفق فجر مختلف، وتفاصيل مشهد متواصلة بثقة حيث

الكلمات ظلال الأحاسيس/ الكلمات أشياءٌ مشابهةٌ/ للأشياء التي تشبهنا/ ونسعى بلا توقُّفٍ/ إلى المقبرةِ كالمياهِ/ التي تضيع بلا عودة.

ويخيّل إلينا أنّ أجزاء الصورة أخذت تتقارب فيما بينها، وأنّ شيئاً ما سيحرّك الصخرة من مكانها، أو سيقلب بعض الموازين رأساً على عقب، أوأقلّه أنه سيمسح الرذاذ عن البوصلة التي لا تمل من ارشادنا نحو الشمال دوما، ف

المياه تنحني إلى عُمقٍ كبير/ خارج الضوء/ تلفظ أصواتها الصمّاء/ المصحوبة بملايين الخُطى/ العارية دائماً.

وفي وقفة تأمّل عفوية بسيطة، وقفة تساؤل ساذج ودهشة مفرطة في آنٍ معا، يأخذ السياق مجراه: نعم، إنها المياه، التي لا مفر من الإعتراف بها، قسراً وطواعية، حباً وكراهية، ترياقاً يلازمنا كمفردات عيشنا لأن

كلانا مشكّلان من مادّتها السرية/ كلانا لا نعرفُ تأويلها وهي تمضي/ في نسيج حياتنا المعقّدة/ بلا ألمٍ كحركةِ تَنَفّسِ/ النجومِ في الفضاء/ كملايين الأعمار المطويّة/ في سجلّ السماء.

ولا يبقى سوى المُسلّم به أن دائرة وجودنا مهما طال قُطْرُها، فلا بدّ لها من عودة إلى نقطة البداية، ولا بدّ لنا من الإنضمام إلى رَكْبِ القافلة، إنهم

الأمواتُ/ مُضافون للأمواتِ/ من الوقت الذي نفد/ وكلانا مادّة خُدودِهِم/ الباردة وكالليل/ الذي لا يُرعبُ الأعمى/ أو كالمُحيط للأصمّ المياهُ/ التي تشتهي الراحةَ/ أخذت بأيدينا إلى/ نهايتها.

 

نبيل عرابي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم