صحيفة المثقف

نبيل الربيعي: عطشان ضيول ودوره في تنظيمات القوات المسلحة (1-3)

نبيل عبدالامير الربيعيإن إلقاء الضوء على سيرة الشخصيات السياسية اليسارية وماهيات سيرتهم النضالية تعتبر من المصاعب التي يمر بها الباحث في مجال كتابة التاريخ، ومن تلك المصاعب السيرة النضالية التي مَرَّ بها المناضلين، وقلّة المصادر عنهُم وقد تكون منعدمة، فضلاً عن ذلك نمط الدراسات في كشف أسرار سيرتهم وأدوارهم التاريخية التي ساهمت في صياغة شخصيتهم، ومن تلك الشخصيات عطشان ضيول الأزيرجاوي، ذلك الرجل الفذ الذي عمل في صفوف الحزب منذ عام 1944م، فضلاً عن ممارسة عملهُ ضمن عضوية اللجنة المركزية في لجنة الشهيد سلام عادل خمسينيات القرن الماضي.

فالشخصية السياسية عطشان ضيول بن منشد بن عبد أفليس الأزيرجاوي المولود في ريف قضاء الشطرة العائد للواء الناصرية، وهو من أصول فلاحية، عمل والده شرطياً في العهد الملكي، وكانت أسرته تتكون من كلٍ من (أخيه حسن، وأخيه نعمة، وأخته نجاة)، الأول كان مدير كمارك كونه خريج اعدادية وقد قتل بسبب توجهات أخيه عطشان بسبب زقهِ إبرة سامة أدت لوفاته، والثاني أصبح مقاولاً صغيراً، والأخيرة ربة بيت.

أكمل عطشان ضيول دراسته الاعدادية في اعدادية الناصرية عام 1940م(1)، بعد تخرج عطشان من الاعدادية انتمى إلى الكلية العسكرية عام 1940-1941م، وبعد تخرجه أصبح معلماً للفروسية في ذات الكلية، تزوج عطشان من أبنة عَمهِ (فضيلة جسام منشد)، ورزق بثمان ابناء هم كلٍ من: كفاح (1950)، ثائر (1952)، واقد (1954)، حازم (1955)، فائزة (1956)، سلام (1958)، انتصار (1960).

كان انتماء عطشان ضيول إلى الحزب بسبب اطلاعه على أدبيات الحزب الشيوعي العراقي عام 1941م مما زادت من وعيه الثقافي والأدبي والتطور المعرفي والعلمي. في عام 1944م أصبح المسؤول الأول للتنظيم الشيوعي في المؤسسة العسكرية وعضو في اللجنة المركزية للحزب.

عام 1945م انضم إلى (رابطة الشيوعيين العراقيين) مجموعة داود الصائغ، وقد بقيت هذه التنظيمات محافظة على ذاتها رغم الانشقاقات التي مرت بها قيادة الحزب منتصف اربعينيات القرن الماضي بقيادة داود الصائغ، المنشق عن الحزب، إلا أن مؤسس الحزب فهد أسس وشكل منظمة عسكرية تابعة للحزب برئاسة لجنة من الضباط هم كلٍ من: (الرئيس الركن سليم الفخري، الرئيس الركن غضبان السعد، الرئيس الركن عبد القادر ويردي، الملازم حسين خضر الدوري، والملازم عايد كاطع العوادي، والملازم صالح الدريعي)، فضلاً عن الملازم الثاني عطشان ضيون(2). وعندما اعتقل الصائغ عام 1947م انضم عطشان وباقي التنظيم إلى الحزب الشيوعي العراقي الأم؛ ومجموعة الضباط الذي كان يضمهم جانح داود الصائغ.

كما كان هناك تنظيم عسكري يشرف عليه سكرتير الحزب (فهد)، ومسؤوله الملازم عبد العزيز عبد الهادي، وهو امتداد للتنظيم العسكري الذي ألفه الحزب منذ عام 1935م، كمبرر للانتماء إلى الكومنترن (الأممية الثالث)، كما يذهب زكي خيري ود. سعاد خيري في دراساتهما عن تاريخ الحزب الشيوعي العراقي(3). كانت من ضمن شروط الأممية الثالثة أن (يأتِ نهج الحزب في التوجه صوب القوات المسلحة)(4). ومن الضباط الذين تبوأوا مراكز قيادية في الحزب الشيوعي العراقي أيام فهد، كان الضابط المتقاعد عزيز عبد الهادي الأعظمي (مقدام) مسؤول تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في الجيش في البدء، كما ذكرنا سابقاً، والرئيس مهدي حميد وعطشان الأزيرجاوي وغيرهم، فضلاً عن العناصر اليسارية التي لعبت دوراً في بناء تنظيمات سياسية في الجيش منهم (جلال جعفر الأوقاتي، وسليم الفخري، وغضبان السعد، وطه الشيخ أحمد ومحيي الدين عبد الحميد، وناظم الطبقجلي، وحسين خضر الدوري وعبد الوهاب الشواف، ومير حاج، وإسماعيل علي وحسين الجبوري(5).

في أب عام 1949م تسنم عطشان عضوية اللجنة المركزية في قيادة بهاء الدين نوري الثانية ولغاية شهر آب 1951، تفرغ للعمل الحزبي وانقطع عطشان كلياً عن زيارة عائلته بسبب مراقبة داره من قبل الشرطة السرية، فكانت الأم هي الراعية لأبنائها في التربية والمعيشة حتى أدت بها الحالة إلى بيع الأقمشة في مدينة البياع. وكذلك عمل ضمن اللجنة المركزية الثالثة (آب 1951- نيسان 1953). ترك عطشان العمل في المؤسسة العسكرية وتفرغ للعمل الحزبي في الحزب الشيوعي العراقي، وكان يعيش في البيوت الحزبية حتى قيام ثورة 14 تموز 1958، كانت زوجته (فضيلة) لها الدور الكبير في نقل الرسائل الحزبية أبان العهد الملكي.

في هذه الحقبة اعتقل عطشان وأودع السجن وتعرض إلى عمليات تعذيب قاسية على يد شرطة التحقيقات الجنائية ومديرها بهجت العطية، حتى مورست ضده شتى وسائل التعذيب من ارغامه على الجلوس فوق المدفأة النفطية الساخنة، واجباره بالجلوس على القناني الزجاجية المكسورة الفارغة.

 

نبيل عبد الأمير الربيعي

.......................

المصادر:

1- د. عقيل الناصري ود. سيف عدنان القيسي. من التاريخ السياسي الدراسات النظرية، ما تبقى في ذاكرتي عن الحركة الشيوعية في العراق، عطشان ضيول الأزيرجاوي المسؤول السابق للجناح العسكري في الحزب الشيوعي العراقي. أمل الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع. ط1. 2021. ص34،

2- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي. 2002. ط1. ج1. ص234.

3- زكي خيري ود. سعاد خيري: دراسات في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي. 1984. دار نشر (بلا). ص39.

4- ثابت حبيب العاني. صفحات من السيرة (1922 -1998). دار الرواد المزدهرة. ط1. 2014. ص176.

5- د. كاظم حبيب ود. زهدي الداودي. فهد والحركة الوطنية في العراق. دار كنوز الأدبية. بيروت. 2003. ص205.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم