صحيفة المثقف

محمد تقي جون: لغة عربية بقواعد انگليزية

محمد تقي جونتوطئة: تمثل القواعد البناء التحتي للغة، الذي يقوم عليه وجودها وبه تحقق شموخها. ويسمى علم قواعد اللغة (أمّ العلوم) لأهميته. فعليه تؤسس علوم: النحو، والصرف، والألفاظ، والمعاني، والتأثيل (علم أصول الكلمات). وما يتصل بهذه من علوم أخرى كالأصوات واللسانيات واللغة والإملاء وغيرها من شبكات العلوم الأخرى. فهي تمثل منظومة جينية كاملة تحدد عرق اللغة وهويتها الخاصة بها جدا.

لم تخترق قواعد اللغة العربية طوال عهودها حتى بعد وقوعها تحت تأثير احتلالات أجنبية مختلفة أصبحت هي أقل أهمية من لغاتها التي أخذت الصدارة. وظلت محافظة على قواعدها وهي تتهاوى في العجمة والعاميات، فبقيت عربية في جوهرها وهويتها لا غبار عليها في ذلك.

وظلت الألفاظ الجانب الوحيد الذي اخترق في العربية من قبل اللغات التي احتكت بها منذ اتصل العرب بغيرهم، ثم زاد واستفحل ذلك عندما صار العرب أمة محتلة من الامم الإسلامية كالترك والفرس والتركمان، وغير الإسلامية كالمغول. ولم تشكل الترجمة ونقل المعاني في زمن عز العربية وقوتها ظاهرة اختراق محسوبة على اللغة، فاغتنت وازدهرت.

وبعد احتلال الغرب لامتنا العربية وهيمنة لغاته ولاسيما الإنگليزية بما فرضته ظروف الاحتلال وعدم التوازن الحضاري من حالة استسلام تامة أو شبه تامة للعرب واللغة العربية، انهار سد الألفاظ والمعاني ووصل الانهيار إلى القواعد، فترك قسم من قواعدها واستبدلت به قواعد أجنبية، فصرنا نقرأ جملا عربية بقواعد إنگليزية. وهذا أعلى مستوى من الهجنة وصلته العربية.

لقد ذكرنا ومثلنا لتلك الاختراقات كما فعلنا في الألفاظ والمعاني. ولكتابنا فضل السبق في تسجيل اختراق المعاني والقواعد. وليس ما أحصيناه يمثل القواعد الإنگليزية المستعملة في لغتنا كلها، اذ لم يكن هدف الكتاب الإحصاء بقدر ما هو تسجيل الظاهرة. وان ما سجلناه يكفي لبيان الخطر الذي حاق بجذور وأصول اللغة العربية ممثلة بقواعدها بعدما كان الخطر طفيفا أو مقبولا وهو في السطح والظاهر.

* علي مول

يقال (علي مو‌ڵ) (محمد مو‌ڵ) بمعنى (المتجر العائد إلى علي والى محمد). في اللغة العربية يتقدم المضاف على المضاف إليه مثل (مدرسة الكندي) ولا تقبل العربية أو تستسيغ السليقة (الكندي مدرسة). وفي الانگليزية تكون المعادلة عكسية: AL- Cindy's school)) وهكذا نقرأ على الجدران (علي مو‌ڵ( (محمد مو‌ڵ) (الكوت مو‌ڵ) على الطريقة الانگليزية:

(Muhammad's mall)

(Ali's mall)

(Kut's mall)

ويقتضي الأسلوب اللغوي العربي ان نقول (مو‌ڵ محمد) (مو‌ڵ علي) (مو‌ڵ الكوت).

* أستاذ مساعد

يقال (هو مدرس مساعد) (بمرتبة أستاذ مساعد) وهي (من الألقاب العلمية).

في اللغة العربية كما ذكرنا يتقدم المضاف على المضاف إليه ولا يصح العكس. فإذا قلنا: (هذا أستاذ مساعدٍ) هذا: مبتدأ، وأستاذ: خبر مضاف، ومساعد: مضاف اليه، فستكون جملة مبهمة غير مفيدة، فما معنى انه (أستاذُ لمساعد)! بينما ترجع مفيدة اذا حذفنا المضاف اليه. أما إذا أعربت: هذا: مبتدأ، واستاذ: خبر أول، ومساعد: خبر ثان، فالجملة لا معنى لها، فكيف يكون استاذاً ومساعداً معاً!!

وهذا يؤكد أن هذه الصياغة غير عربية. وهي بالفعل جاءت منقولة من اللغة الانگليزية، فهم يقدمون المضاف إليه على المضاف بعكس منطوق لغتنا. وهي بالانگليزية:

(مدرس مساعد = Assistant lecturer)

(أستاذ مساعد = Assistant Professor)

و الصحيح (مساعد مدرّس) و(مساعد أستاذ) حسب قواعد لغتنا العربية.

* علي أحمد لطيف

يقال (محمد حسن جعفر) (عبد الكريم قاسم) (عبد الحليم حافظ) (في قراءة وكتابة أسماء العلم).

اللغة العربية تضع (ابن) فاصلا بين الابن والأب. فمنطق اللغة العربية يقتضي القول (علي بن أحمد بن لطيف). فعلي مبتدأ وابن خبر وهو مضاف وأحمد مضاف اليه، وباقي السلسلة مضاف ومضاف إليه. أو علي خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا، وابن بدل من علي وهو مضاف وأحمد مضاف اليه، وباقي السلسلة مضاف ومضاف إليه.

حتى جاء احتلال الانگليز ولغتهم فصارت الأسماء تكتب بإلغاء (ابن) فاصلا بين الأب والابن، تماماً كالأسماء الانگليزية والإفرنجية مثل:

(Charles Deigns)

(William Shakespeare)

(Tomas Addison)

فصرنا نقول (علي أحمد لطيف). وفي هذه الحالة لا يقدم النحو العربي إعراباً مقنعاً لأعلام السلسلة؛ سواء إذا قدرنا علياً مبتدأ أو خبرا لمبتدأ محذوف. ولا مناص من عدّ الاسم كله (علي أحمد لطيف) بحكم واحد هو مبتدأ أو خبر، وهو غير واقعي وهروب اضطراري إلى حل. وهكذا فالنحو العربي يقتضي وجود (ابن) بين الأعلام المتوالدة.

وقد وجدت شواهد قبور تعود إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي تضع (بن) بين اسم الولد واسم الوالد، مما يدل قطعاً على أن استخدام منطق اللغة العربية كان مستمرا إلى زمن الانگليز، وطبعا طبقة الدفنة غير مواكبين لحركة الثقافة، مما جعلهم إلى نهاية زمن الانگليز غير متأثرين بهم، ثم انتقلت لهم هذه الثقافة.

ومثله الاختصار في سلسلة النسب والاقتصار على الاسم الأول واللقب فنقول (علي الربيعي)؛ (علي) الاسم الأول (first name)، و(الربيعي) الاسم الأخير (last name) كما يعمل الانگليز بأسمائهم.

* غداً صباحاً

يقال (ذهبتُ أمس عصرا) (سأراه غدا صباحا) بـ (اتخاذ ظرفي زمان معا).

في اللغة العربية لا يجمع ظرفا زمان بالتوالي. ولم يرد مثل هذا في المؤلفات العربية، بل ورد (عصر أمس) (صباح الغد) قال دريد بن الصمة:

أَمَرتُهُمُ أَمري بِمُنعَرَجِ اللِوى

فَلَم يَستَبينوا النُصحَ إِلّا ضُحى الغَدِ

وهذا الأسلوب منقول من اللغة الإنگليزية ففيها يرد:

(غدا صباحا = Tomorrow morning)

(أمس عصرا = Yesterday  afternoon)

* تدريسي

يقال: (أنا تدريسي) (أخي فدائي) (هو قيادي) (المعمل إنتاجي) (الداعشي إرهابي) (يعمل تحريا) بـ(اشتقاق اسم الفاعل من المصدر الملحقة به ياء النسب).

في اللغة العربية يشتق اسم الفاعل من الفعل مثل: عمل = عامل، كتب = كاتب. والأمثلة السابقة أسماء فاعل مشتقة من المصدر الملحقة به ياء النسب: فـ(التدريس مصدر درس، وبالنسبة اليه = تدريسي)، و(الفداء مصدر فدى، وبالنسبة اليه = فدائي)، و(القيادة مصدر قاد، وبالنسبة اليه = قيادي)، و(الإنتاج مصدر أنتج، وبالنسبة اليه = انتاجي)، و(الإرهاب مصدر أرهب، وبالنسبة اليه = إرهابي)، و(التحري مصدر تحرى، وبالنسبة اليه = تحري). وهذا القياس غير عربي، بل راجع إلى اللغة الانگليزية ومن الأمثلة:

(هذا تدريسي = This is teaching)

(رجل قيادي = Man leading)

(هو تحري = he is detective )

ويقتضي القياس العربي للجمل السابقة أن تكون: (هذا مدرس) و(أخي فادي) (هو قائد) (المعمل منتج) و(الرجل رهيب) و(يعمل متحريا).

ولبيان الفرق، نجد البحتري يستعمل لفظة (الفادي) على القياس العربي، بينما استعمل علي محمود طه (الفدائي) على القياس الانگليزي. قال البحتري:

وَبَقيتَ يَفديكَ الأَنامُ وَإِنَّهُ

لَيَقِلُّ لِلمَفدِيِّ قَدرُ الفادي

وقال علي محمود طه:

فَلسطِينُ يَفدِي حِمَاكِ الشّبابُ

فجَلَّ الفِدائِيُّ وَالمُفتَدَى

 

وإذا جمع هذا النوع مثل (تدريسيون، فدائيون، تحريّون) فيضاف خطأ آخر؛ لان المصدر لا ينسب اليه ولا يجمع.

* معلومات

يقال (يبيع المكسّرات) (أسعار المحروقات) (طلب معلومات) (بإيراد أسماء على صيغة المفعول مفردا وجمعا، تشتق من أفعال مبنية للمجهول وتدل على المادة أو ما تؤول إليه).

لا عهد للغة العربية بهذه الصيغ. وإذا وردت في المؤلفات العربية فبصورة مختلفة. فمثلا (معلومات) تأتي صفة لأسماء كما في قوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ) فمعلومات صفة لأشهر. وقال الشاعر:

وَمآثِرٍ كَانَت لَهُم مَعلُومَةٍ

فِى الصَّالِحِينَ وَسُؤدُدٍ لَم يُنحَلِ

فمعلومة صفة لمآثر. وهذا المعنى غير المعنى المستعمل في عبارة (طلب معلومات) فالمعلومات هنا تعني (شيئا معلوما بعينه) وليس صفة لاسم، ومخصوصا وليس (الشيء المعلوم عموما). ونمثل له بقول الشاعر المعاصر:

أعدادُ معلوماتِ رب العالمين

وضعفُ أضعافِ الذي أحصا

وقال لويس شيخو: (نجد في ما صنفه جرجي زيدان في كتابه تاريخ الآداب العربية معلوماتٍ لم نجدها في وصف آداب القرن التاسع عشر).

وهكذا نقول (ملبوسات) لأنها تُلبس، و(محروقات) لانها تُحرق، و(مأكولات) لأنها تُؤكل، و(مشروبات) لأنها تُشرب، و(مكسَّرات) لأنها تُكسَّر، و(معلومات) لأنها تُعلم و(مسموعات) لانها تسمع، و(مرئيات) لأنها ترى، و(مشتريات) لانها تشترى.

وهذه الصيغة منقولة من اللغة انگليزية، ومن ذلك:

(ملبوسات = Wearing)

(محروقات = Combustibles)

(مكسَّرات = Nuts)

(مأكولات = Edibles)

(مشروبات = Drinks)

(معلومات = Information)

(مشتريات= Purchases)

(مفاهيم= Concepts)

(مساحيق= Powders)

* واع

يقال (منظمة فتح) (حركة حماس) (وكالة واع) اختصارا لمنظمة (حركة تحرير فلسطين = ح ت ف وقد قلبت لان حتف تعني الموت)، و(حركة المقاومة الإسلامية= ح م ا س) و(وكالة الأنباء العراقية = و ا ع ) و(ص = صلى الله عليه وسلم) و(ش.ذ.م.م = شركة ذات مسؤولية محدودة).

لم تعرف العربية المختصرات في عصر الفصاحة حين نقاء اللغة أي العصر الجاهلي والاسلامي والاموي، وعرفوها باقتصار في العصر العباسي بتأثير المزاج اللغوي الأعجمي، مثل:

(بسمل) قال: بسم الله الرحمن الرحيم.

(سبحل) قال: سبحان الله.

(هلل) قال: لا إله إلا الله.

(حمدل) قال: (الحمد لله).

(حوقل) قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله)

(الخ) اختصارًلـ(الى آخره)

(ج) اختصار لـ(الجمع)

(جج) اختصارا لـ(جمع الجمع). وغير ذلك، الا انه قليل ومعقول.

غير ان التوسع فيه كان بتأثير الانگليزية. فالانگليزية تختصر ألفاظا بحروف قليلة، وجملا بأوائل حروف الكلمات. والانگليزية مطواعة في الاختصار بعكس اللغة العربية. وقد روّج المستشرقون اختصارات مثل:

(ص) أي (صلى الله عليه وسلم)

(ع) أي (عليه السلام)

(رض) أي (رضي الله عنه)

ودفعوا الى تقليدهم فاشتهرت مختصرات كثيرة كمنظمة فتح ووكالة الأنباء العراقية. كما قلدوهم في اختصارات (التحادث = Chatt) مثل (س.ع = السلام عليكم).

ومن الاختصارات الانگليزية:

(أكاديمية = academe)(ACAD)

(أنا = I am)(I'M)

(الولايات المتحدة الأمريكية = USA = United state of America)

(العاصمة واشنطنDC = )

(مختصر وزارة الاتصالات = MoC)

(دكتور = DR = Doctor))

(سيد = MR = Mister)

(أخي Bro = Brother = )

(الثاني 2nd = Second = )

(الثالث 3rd = Third = )

(شخصيات مهمة جدا VIP = very important person = )

(شركة تتألف من شخصين أو أكثر W.L.L = With Limited liability =)

قياس ملابس يعني فوق الكبيرXL = extra large =)

(ساعات(Hrs = Hours

(سنوات(Yrs = years

ويختصرون الجملة مثل:

(أنقذوا حياتنا = S.O.S = Save our selves)

(يا إلهي = O.M.G Oh my cod)

(أحدثك لاحقا = T.T.U.L = Talk to you later)

(أنا آسف = IMS = Aim sorry)

(يضحك بصوت عال = LoL = laughing out loud)

(أراك لاحقا = CUL = See you later)

(U = you)

(R = are)

أمثلة:

س. ع  Hi

أنا أعمل 8 س          I work 8 hrs

* نجاح استثنائي

يقال (مدرسة نوعية أو نموذجية) و(نجاح استثنائي) و(اختيار كيفي) و(تخريج كمي) و(ميزانية انفجارية) بمعنى: (مدرسة فضلى والمثال المحتذى) و(نجاح فائق) و(اختيار كيفما اتفق) و(تخريج يهتم بالعدد وليس الجودة) و(موازنة ضخمة جدا).

في اللغة العربية لا تؤدي ألفاظ (نوعي، نموذجي) (استثنائي) (كيفي) (كمي) (انفجاري) المعاني المذكورة؛ بسبب أن الألفاظ العربية أثبت على معانيها الأصلية. فان لكل لفظة معناها المحدد. وهنا يظهر الفرق الأهم بين العربية وبين الانگليزية التي تكون الألفاظ فيها متحركة غير ثابتة في تزايد المعاني، لان اللغة العربية لغة لفظ واللغة الانگليزية لغة معنى. وفي الجمل السابقة تكليف الألفاظ العربية طبيعة الالفاظ الانگليزية في التوسع بالمعنى.

والألفاظ حسب معانيها العربية:

(مدرسة نوعية = مدرسة متخصصة بنوع واحد)

(مدرسة نموذجية = مدرسة للتجريب) لان النموذج هو العيّنة،

(نجاح استثنائي = نجاح بلا شروط)؛ لان النطق العربي الصحيح كما اسلفنا يقتضي (نجاح مستثنى) من الشروط.

و(اختيار كيفي = اختيار مبهم لانه يستفهم عنه بالكيف والكيفية)

و(تخريج كمي = تخريج مخصوص بعلوم الكم) قال الشاعر:

يا فائقاً في عُلومِ الكَمِّ أجْمَعِها

مِنْ مُوسِقَى وارْتَماطيقيٍّ وأشكالِ

و(ميزانية انفجارية) لا توجد في العربية لفظة ميزانية ولا معناها الاقتصادي، وقد اقرها مجمع اللغة في القاهرة والصحيح موازنة. وانفجارية، القياس العربي (منفجرة). والانفجار استعمل للماء كقوله تعالى: (وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا) (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا) فتكون بمعنى(موازنة مباركة ذات نمو).

والجمل السابقة ترجمات من الانگليزية:

(مدرسة نموذجية = typical school)

(نجاح استثنائي = Exceptional success)

(تخريج كمي = Quantitative graduation)

(اختيار كيفي = Qualitative selection)

(ميزانية انفجارية = explosive budget).

وتظهر ركة مجاراة العبارات العربية المترجمة أمام قوة تعبير العبارات الانگليزية. والسبب ان اللغة الانكليزية تمتلك طاقة مميزة في (التعبير بالمعنى) لا تمتلكها او تدانيها اللغة العربية التي تتميز طاقتها في (التعبير باللفظ). ولذا يجب إعادة تلك الترجمات بما يناسب دلالات ألفاظ اللغة العربية.

* ما يلي

يقال (جاءنا ما يلي) (اكتب كما يلي) (كالآتي) أي (بداية تمهيدية لكلام يتبعه).

في اللغة العربية لم ترد هذه الصيغة ممهدة ومتعلقة بكلام يليها، وجاءت في كلام مسترسل مثل (الشِّعار ما يلي الجسد).

وهي من اللغة الانگليزية التي من سماتها تنظيم الكلام وتجزئته، والصيغة ترجمة لـ:

كما يلي = (As follows / As following)

ما يلي = (The follows/ The following)

وقد وهم أصحاب كتب التصحيح حين صححوا (ما يلي، كما يلي) إلى (ما يأتي، كما يأتي، الآتي)، فكلاهما بمعنى واحد وترجمة للصيغة الانگليزية نفسها.

* إجراءات

يقال (قدم انجازات كبيرة) (هذه هي الإجراءات) (عمل فحوصاً) (لهم إملاءاتهم) (قدم إصلاحات كثيرة) (توجد تفصيلات) (قمتُ بالتدريسات) (عندنا تطلعات) ... بـ(جعل المصدر مفرداً ومن ثمَّ استخراج جمع منه).

في اللغة العربية لا توجد صيغة هذه الجموع وما على قياسها. فكل جمع في اللغة العربية يجب أن يكون له مفرد. فـ(دُفعات) مقبولة لوجود مفرد لها هو (دُفعة)، و(ثورات) يوجد مفردها (ثورة) و(ضوابط) لها مفرد (ضابطة). ولا نجد الجموع السابقة في المعجمات وكتب اللغة. و(إصلاحات) وردت بمعنى تصحيحات لغوية وليس بمعنى ما يصلح به الحال. جاء في الأغاني (قال أبو الفرج: ونسخت من كتاب لإسحاق بن إبراهيم الموصلي فيه إصلاحات بخطه). و(فحوص) وردت جمعا لفحص وهو (المستوي من الارض). أما الفحص بمعنى (البحث) فلا جمع له لعدم استعمالهم مفردا له. وقد مر ان (انجازات) خطأ اصلا لان الانجاز للوعد والحاجة فقط، ولم يستعمل له مفرد.

وهذا النوع من الجمع انتقل إلينا من اللغة الانگليزية؛ لأنها تتقبل بسهولة وجمالية هذه الجموع. والعبارات السابقة ترجمات هي:

(انجازات =  Achievement /Achievements)

(فحوصات = Test / Tests)

(إجراءات = Procedure /Procedures)

(املاءات = Dictation / Dictations)

(إصلاحات = Reform / Reforms)

(تدريسات = Teaching / Teachings)

* المديرية

يقال (مديرية التربية) (رئاسة الجامعة) (قيادة الشرطة) بـ(اشتقاق اسم يطلقونه على البناية التي يمارس فيها صاحب اللقب الإداري عمله).

هذا النوع من الاشتقاق لا عهد للعربية به. واذا وجدنا في كتب العربية (رئاسة) و(وزارة) فليس من هذا الاشتقاق، وانما تأتي اسما للمنصب او زمنه مثل (هو من بيت رئاسة) (كانت وزارة ابن مقلة سنتين وأربعة أشهر وثلاثة أيام) و(هو عظيم القيادة).

وهذا الاشتقاق نقل من اللغة الانگليزية ودخل مفاصل حياتنا الإدارية والاجتماعية فبدا كأنه عربي محض. وهو في حقيقته ترجمة لمصلحاتهم وحسب قياسات لغتهم، مثل:

(مديرية التربيةDirectorate of Education = )

(رئاسة الجامعة = University headship )

(مفوضية الانتخابات = Electoral Commission)

(المفتشية العامة General Inspectorate =)

(قيادة الشرطة = Police Leadership)

(وزارة التجارة = Ministry of trade)

* أعمل عليه

يقال (أعمل على الموضوع) و(عملوا على بناء جسر)، باضافة الفعل إلى الحرف (على).

في العربية نجد الصيغتين: (عمل في) و(عمل على). ولكن يستعمل (عمل على) للتقدير والحكم كقولهم: (عمل على رأي الأوسط) ويستعمل (عمل في) لبذل الجهد كقول الطوسي (عمل في الجزء الثالث). وقال السمعاني: (إن هامان عمل في بناء الصرح سبع سنين).

ولكن في العصر الحديث استعملت صيغة (عمل على) لبذل الجهد. كما استعملها الشعراء والكتاب. قال حافظ إبراهيم:

عَمِلتَ عَلى نَيلِ الخُلودِ فَنِلتَهُ   فَقُل في مَقامِ الشُكرِ يا رَبِّ أَوزِعِ

وقول أحمد بن مصطفى المستغانمي (1934) في شعر عامي:

عمِلنا على كتم الحقيقه وصونها    ومن صانَ سر اللَهِ أخذ بالشكر

وهذا بتأثير اللغة  الانگليزية ففيها (Work on).

* نفس الشيء

يقولون (نفس الشيء) و(نفس المادة) و(نفس العينين والوجه). وفي العامية (نفس الشي)، بـ(تقديم نفس على الشيء).

في العربية يجب تقديم الشيء على نفس، فيقال (الشيء نفسه). قال محمد العدناني (يقولون جاء نفس الرجل. والصواب جاء الرجل نفسه؛ لان كلمتي (نفس وعين) إذا كانتا للتوكيد وجب أن يسبقهما المؤكَّد). ويجوز تقديم نفس لغير التوكيد مثل (قرأت نفس الكتاب) أي جوهره. أما (قلت الشيء نفسه) فلا يجوز عكسه (قلت نفس الشيء) لان الشيء ليس له نفس.

وقد راج هذا الأسلوب الخاطئ بفعل اللغة الانگليزية فهي تستعمل  (Same thing).

* أنا كشاعر

يقال (هو كرئيس يحب شعبه، ولكنه كإنسان قاسي القلب) (أنت كناقد رائع) (أنا كشاعر أحب الجمال). بـ(استعمال الكاف لغير التشبيه).

وهذا التعبير مؤشر ضمن الأخطاء الشائعة السليقية، التي يجد الكثير من الصعب التخلص منها، فهو غير عربي، بل جاء من اللغة الانگليزية، ويقابل هذه الكاف (As) مثل: (You are as  a critic = أنت كناقد). وقد اقترح اللغويون الاستعاضة عنها بـ(بوصفه) أو (بصفته). فنقول في الجملتين السابقين:

(هو بوصفه/ بصفته رئيساً يحب شعبه، ولكنه بصفته/ بوصفه إنسانا قاسي القلب)

(أنت بوصفك/ بصفتك ناقدا رائع، ولكنك بوصفك/ بصفتك شاعراً غير موهوب)

ولكن المشكلة إن هذا التعبير غير عربي أيضاً وان كان مقبولا في منطق اللغة العربية. وليس له قوة التعبير المتأجنب لذا استمر الخطأ ومارسه حتى المثقفون وأهل الاختصاص. والأصح عندي أن يقال:

(هو رئيساً يحب شعبه، ولكنه إنسانا قاسي القلب)

(أنت ناقدا رائع، ولكنك شاعراً غير موهوب)

ونظيره تقريباً قول أبي العتاهية: (وَأَنتَ اليَومَ أَوعَظُ مِنكَ حَيّا) = (وأنت ميتاً أوعظ منك حياً) وممكن كتابة الجملة بطريق أخرى دون التقيد بوضع بديل لـ(As).

* سينما النصر

يكتب على قطع تعريف (وزارة الزراعة) (جامعة بغداد) (مصنع العفة) (فندق النصر)، (بدون اسم الإشارة (هذا) أو (هذه)).

وهذا ليس من قواعد الكلام العربي؛ لانَّ الكلام العربي يقتضي أن يكون مفيداً، قال ابن مالك (كلامنا لفظ مفيدٌ) وشرحه ابن عقيل بقوله (الكلام هو اللفظ المفيد). فـ(جامعة بغداد) مثلا ليس لها معنى مفيد بدون (هذه) = (هذه جامعة بغداد).

وكانوا في القديم حين يكتبون شواهد القبور يعرِّفون بالميت بجمل تامة المعنى، فيقولون (هذا قبر...) وأقدم نص على شاهدة يعود إلى عام (328م) المعروف بـ(نقش النمارة) اذ كتب على قبر امرئ القيس اللخمي (تي نفس مر القيس = هذا قبر امرئ القيس). وكتب على قبر ابي محجن (هذا قبر أبي محجن الثقفي) وكتب على قبر أم كلثوم بنت الإمام علي (هذا قبر السيدة زينب المكناة بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب). وحين نقل جثمان المفكر عبد الرحمن الكواكبي إلى مصر كتب الشاعر حافظ إبراهيم على شاهدة قبره معرَّفا به:

هُنا رَجُلُ الدُنيا هنا مَهبِطُ التُقى   هُنا خَيرُ مَظلومٍ هُنا خَيرُ كاتِبِ

قِفوا وَاِقرَؤوا أُمَّ الكِتابِ وَسَلِّموا    عَلَيهِ فَهَذا القَبرُ قَبرُ الكَواكِبــي

ولا تدخل عناوين الكتب في هذا الأمر؛ لأنها إجابة على سؤال مستفهم، مثلا: (البيان والتبيين) إجابة على سؤال توهمه المؤلف هو (ما البيان والتبيين؟)، و(أسرار البلاغة) إجابة على سؤال (ما أسرار البلاغة؟).

ولو قدرنا ان الجمل السابقة لم توضع على بناياتها وقرئت في قطعها فقط فما ستعني (وزارة الزراعة) (جامعة بغداد) (مصنع العفة) (فندق النصر)؟ وهذا هو الفرق الجوهري بين اللغة العربية واللغة الانگليزية. اللغة العربية تقتضي جملها الفائدة.

والانگليزية لا تقتضي ذلك شرطا، فقد تعوض السيميائية وغيرها عن الفائدة. وقد يعبّر بالسيميائية فقط دون الكلام كما في (اللافتات المرورية = The traffic Sign)، أو بالكلام والسيميائية في  (اللافتات التحذيرية = The warning Sign) أو (القطع التعريفية = Induction Parts). والتعبير السيميائي يشرك الشخوص والأشياء مع الكلمات في التعبير. مثلا (glory school = مدرسة المجد)، تكمل البناية مع اللوحة الفكرة فتصبح في ذهن الناظر (This is glory school)

والقطع التعريفية واللافتات عرفناها من خلال الاحتلال الانگليزي. وان لغتها الخالية من اسم الإشارة تجعلنا نقطع بأن هذا الأسلوب غير عربي. ولو قرأها عربي من غير جيلنا المتأجنب لما فهمها البتة. ومن ذلك:

(وزارة الزراعة= Ministry of Agriculture)

(جامعة بغداد = Baghdad University)

(مصنع العفة = Chastity factory)

(سينما النصر = Victory hotel)

* ممنوع التدخين

يصاح على طفل وصل الشارع (السيارة)، وإذا أردتَ تشغيل شيء ويدك مبتلة (الكهرباءَ). ونقرأ على محل لوحة مكتوب عليها (مفتوح) أو (مغلق). وعلى ماكنة (معطلة). اختصارا لـ(انتبه من السيارة) (احذر الكهرباء)، (المحل مفتوح أو مغلق)، (الماكنة معطلة). وتكون كلاما او لوحات تحذيرية.

هذا المستوى من الحذف والاختصار لم تعرفه العربية قبل العصر الحديث. وليس من سمات العربية الحذف والاختصار المخل؛ فهم يقولون من باب المجاز مع وجود القرينة (رأسكَ والجدارَ) أي (احفظ رأسك، واحذر الجدار) إذا كنت تحذّره، فإن كنت تأمره فمعناه: (انطح رأسك بالجدار) و(اهلك والليل) أي (بادر أهلك قبل الليل). ولم يستعمل العرب قبل العصر الحديث لوحات تحذيرية.

وهذه كسابقتها لوحات تعريفية وتحذيرية مختلفة. وهي مثل سابقتها جاءت من اللغة الانگليزية:

(قطع تعريفية = Induction Parts)

(لافتات = Signboards)

(لافتات تحذيرية = Warning Sign)

(لافتات مرورية = Traffic Sign)

ومن ذلك:

(ممنوع الدخول = No enter)

(مخرج = Exit)

(ممنوع التدخين = No smoking)

(خطر = Danger)

(مركبة طويلة = long vehicle)

(انتباه = Attention)

(تحويلة = Diversion)

(احذر الدهان = Wet paint)

(الزم الهدوء = Quit)

(ادفع/ اسحب = Pull/Push)

(انتبه فولتية عالية = High voltage)

* عشرينات

يقال (خمس خمسات، وست ستات) و(في عشرينات القرن العشرين). بـ(جمع الأعداد المفردة (1- 9)). وقد جمعت العربية (عشرة = عشرات) و(مئة = مئات) و(ألف = ألوف وآلاف). إلا أنها لم تجمع الأعداد الأولية المفردة (1- 9). واستعملت صيغة ممنوعة من الصرف (آحاد، مثنى وثناء، وثلاث، ورباع) وهي ليست جمعاً؛ فـ(أحاد بمعنى واحد واحد) (جاؤوا أحادا أي واحداً واحداً) ومثله ثناء وثلاث ورباع. وهي لا تتجاوز ذلك في اللغة العربية الفصيحة كما ذكر ابن قتيبة في (أدب الكاتب) الا ان المولدين أكملوها إلى العشرة، قال المتنبي: (أُحادٌ أَم سُداسٌ) فذكر سُداس، وقال الكميت: (خِصَالاً عُشَارا) فذكر عُشارَا.

وفي كلامنا الفصيح والعامي المعاصر نجمع هذه الأعداد، مما يعني انه استعمال غير عربي. وهو بالفعل استعمال انكليزي:

(واحد - واحدات = One - Ones)

(إثنان- إثنانات  = Tow - Tows)

(ثلاث - ثلاثات = Three - Threes)

(أربعة - أربعات = Four - Fours)

(خمسة - خمسات = Five Fives)

(ستة - ستات = Sis - Sixes)

(سبعة - سبعات = Seven - Sevens)

(ثمانية - ثمانيات = Eight - Eights)

(تسعة - تسعات = Nine - Nines)

(عشرة - عشرات = Ten - Tens)

ومثله جمع العشرات (عشرين - عشرينات) (خمسين - خمسينات) وهناك من يُخطِّئ هذا الجمع ويقترح (عشرينيات، خمسينيات...الخ) وكلاهما ليس عربيا، والأصح ما طابق الأصل الانكليزي في الترجمة مثل:

(عشرين - عشرينات  = Twenty - Twenties)

(ثلاثين - ثلاثينات = Thirty - Thirties)

(أربعين - أربعينات = Forty - Forties)

(خمسين - خمسينات = Fifty - Fifties)

(سبعين - سبعيناتSeventy – Seventies = )

* اللاعودة

يقال (اللاعودة)، (اللامبالاة)، (اللاعنف)، (اللاإرادي)، (اللامنتمي) (لا سلكي) في (نفي العودة والمبالاة والعنف والارادة والانتماء وغيرها).

في اللغة العربية لا تدخل ألف التعريف على الحروف بل تختص بالأسماء، لذا قال ابن مالك:

بِالجَرِّ وَالتَّنوينِ وَالنِّدا وَألْمُسنَدٍ لِلإِسمِ تَمييزٌ حَصَلْ

وهذا يقطع بعدم عربية الجمل السابقة وعدم معقوليتها، فالصحيح عربياً إبدال (اللا) بـ(غير) أو (عدم)  فتكون: (غير المعقول) (غير المرئي) (عدم العنف). وهذا من أساليب تعبير اللغة الانگليزية، آثر المترجمون نقله أسلوباً ومعنى:

(اللاعودةNo return = )

(اللامبالاةindifference  )

(اللاعنف Nonviolence)

(اللاإرادي Autonomic)

(اللامنتميUnaffiliated  )

(اللاوعي Unconscious)

(اللامعقول Unreasonable, Absurd)

(اللاسلكي Wireless)

(اللاإنساني  Inhumane )

(اللامعنى  Nonsense)

* عباس!!

يقال (عباس تعال) (انهض أبي) (شكرا تلفون) بإسقاط أداة النداء دائما.

في العربية القاعدة النداء بأدوات النداء، وجواز حذفها في حالات ولأسباب. وأصبحت القاعدة الثابتة الآن حذفها، وهذا يدل على استعمال غير عربي. في اللغة الانگليزية لا توجد أداة نداء، وهذه القاعدة انتقلت لنا فصرنا ننادي بلا أداة نداء. والجمل السابقة صدى لجمل انگليزية مماثلة:

عباس.. انهض = (Abbas come )

انهض أبي (Get up, my dad )

(شكراً تلفون عند الكلام مع تلفون عمومي كشركة = Thanks phone)

* تمَّ

يقال (تم عقد الاجتماع) (تمت المصادقة على القرار) (ستتم محاسبة المقصِّر) (لن يتم حفظ الصورة) بمعنى (عُقد الاجتماع، صُدِّق القرار، سيحاسب المقصِّر، لن تُحفظ الصورة). وانوه بأن الصواب (تصديق القرار وليس المصادقة عليه).

كلمة (تمَّ) عربية بذاتها، ولكنها هنا ليست عربية سياقاً؛ فالسياق العربي يقبل أن تعطي كلمة (تم) معنى أن يكون شيء ناقصا ثم أكمل عندها يقال: تم، كقوله تعالى (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) أي اكتملت بالإسلام. و(تمَّ تحميل البرنامج بنجاح) لان تحميله مرَّ بوقت حتى اكتمل. وكقول الشاعر:

تمَّ ذاك الجمالُ والحسنُ فيه   بخلالٍ لم تشكُ منها اختلالا

ي اكتمل حسنه بأخلاقه.

أما الجمل السابقة فلا تعطي معنى الاكتمال، فالاجتماع يعقد فور أن يقرر الرئيس، وتصديق القرار لا يمر بمراحل، بل يصدّقه شخص أو جهة عند تقديمه. وسبب استعمال (تم) و(يتم) هو التهرب من الفعل المبني للمجهول لصعوبته على المتكلم العربي المعاصر (المتراجع لغويا)، فيعوض بعبارة (تم) و(يتم) الأسهل عليه.

(تم عقد الاجتماع = عُقِد الاجتماع)

(تمَّ تصديق القرار = صُدّق القرار)

(ستتمّ محاسبة المقصّر = سيُحاسبُ المقصّر)

كما ان هذا الأسلوب روجته الترجمة. ومفردة (تم) ترجمة للمفردة الانگليزية (Done). والجمل السابقة ترجمة دقيقة لجمل انگليزية:

* بصراحة

يقال (تكلم بصراحة) (قبَّلها بشغف) (جلس بتواضع) (تحدث بهمس)، بـ(إضافة الباء لاسم الحال).

هذا النوع من تركيب الجمل تستعيض عنه العربية بالاسم المنصوب حالاً. فيقال: (تكلم مصارحاً) و(قبَّلها مشغوفاً) و(جلس متواضعاً) (حدَّثهم هامساً)، وأنوه بأنَّ (صراحة) بمعنى المصارحة خطأ (صرُحَ – صَراحة = خلص نسبه) والصحيح (صارحه – مصارحة – تصريحا = أظهر له ما في نفسه)، فيصحح إلى (تكلم بمصارحة، بمصارحة). والجمل الأولى في موضع الحال مجرورة بالباء والحال عربياً لا يجرّ بل هو (اسم منصوب دائماً).

وهذا التركيب انگليزي. ومن الأمثلة عندهم:

تكلم بمصارحة = (Said frankly)

قبَّلها بحب = (Kissed her lovely )

جلس بتواضع = (Sat humbly )

يتحادث بوديةCommune =  )

يحكي بعطف = (Narrate sympathy)

فاذا قلت: (تكلم بمصارحة) (قبلها بحب) (جلس بتواضع) (تحادث بودية) (حكى بعطف) فأنت لا تتكلم العربية، وتتكلم العربية اذا قلت (تكلم مصارحة) (قبلها حبا) (جلس متواضعاً) (تحادث ودياً) (حكى متعاطفاً). واذا قلت (في صراحة أو صراحةً أنا فعلتٌ ذلك) فهو كلام عربي بتقدير (أقول في صراحة)، أما إذا قلت (بصراحة أنا فعلت ذلك) فهو غير عربي كما قلنا.

وقد اشتهر أسلوب التعبير الغربي هذا في الحديث والكتابات. قال الزهاوي:

كم من حكيم يبتغي إنكاره       بصراحة لكنه لا يجسر

بينما في الكتابات والأدبيات العربية القديمة عبروا في مثل هذه الحالة بـ(مصرحا). أورد المقّري التلمساني:

أذلك أم هلّا منعت مُصرِّحاً       فأيأستني لكن خلقت من الصخر

* يا للجمال

يقال (يا لجمالها!!) و(ما هذا الجمال!!). (أسلوباً في التعجب).

اللغة العربية لها صيغتان للتعجب – كما يذكر ابن عقيل – هما (ما أفعله) و(أفعلْ به). وبهذا فالتعجب من الجمال سيكون عربياً اذا قلنا (ما أجملها!!) (أجملْ بها).

اذن الصيغتان في الجمل المتقدمة غير عربيتين، وقد جاءتا ترجمة لصيغتين انگليزيتين هما:

(يا للجمال = How beauty)

(ما هذا الجمال = What a beauty )

وقد استحوذت الصيغتان غير العربيتين على الاستعمال المعاصر وقل أو ندر استعمال الصيغتين العربيتين. واستعملت من الشعراء والأدباء والكتاب. ومن شواهد الشعر، قول صالح الشرنوبي في الصيغة الأولى:

تنامين يا للجمال الكسول!!       ويا لمفاتنه الآسره

وقول زكي مبارك في الصيغة الثانية:

يا أمير الحسن ما هذا الجمالْ!!   يا لطيف الروح ما هذا الدلالْ!!

* بالكاد

يقال (بالكاد عرفته) (بالكاد دخلتِ البيت) بمعنى (بشق النفس، بجهد جهيد، بصعوبة). والتركيب (بالكاد = ب + ال + كاد) غير مستعمل في اللغة العربية، فهو غير عربي.

وقد وضعه المترجمون إزاء اللفظة الإنگليزية (Barely) و(Hardly) = (بالكاد ). ولا علاقة بين (الكاد) و(الكأد = المشقة) كما يذهب البعض، فلم يتناول أحد المعجميين الجذر (كأد)، ولا سبيل لرده إلى (كؤود) فان (بالكاد) مركب من ( ب + ال + كاد).

وقد ذكر احمد مختار عمر في كتابه (معجم الصواب اللغوي) أن مجمع اللغة المصري أقره. وللأسف هذا الجانب المؤسس للخطأ في اللغة العربية الذي جاء من الترجمات والتصرف العابث باللغة قد تبنته كتب التصحيح اللغوي والمجامع اللغوية، وانشغلت عنه - وهو من كبائر الأخطاء – بصغائر الأخطاء. وكان مجمع اللغة في القاهرة وغيره من المجامع عاجزا عن إيقاف هذه الأخطاء التي قلبت اللغة العربية قلباً، بل صار متبنيا لها ليسهم في خلق هذه اللغة (الوريث المسخ) للغة الفصاحة والبلاغة.

* صباح الخير

يقال (صباح الخير) (أنا آسف) (عفواً) (وجهاً لوجه) وهي (التعبير بعبارات مختصرة).

في اللغة العربية لا نجد هذه العبارات. ففي الترحيب نقرأ (كيف أصبحت) (كيف أمسيت) (تصبح في سرور) و(تمسي في سرور). (قال رجل لآخر: كيف أصبحت؟ فقال: بخير. فقال: هلا قلت أحمد الله وأستغفره، فكان أوله  شكراً وآخره عبادة). ولم ترد عبارة (أنا آسف) لان (آسف) بمعنى (متأسف: متلهف، غضبان). ولم ترد (آية في الجمال) بل قالت العرب (وكانت من الجمال في نهايةٍ). و(الوداع) هو (المفارقة) ولكن لم يقل أحدهم للآخر (الوداع)، بل (استودعك الله) لان (الوداع من الوديعة وهي الأمانة). وعبارات (اسمح لي، من فضلك) لا تقال وحدها بل في جمل مفيدة (اسمح لي أن أدخل) (أسألك من فضلك هذا الامر) ولا يقولون (عيد سعيد) فالسعادة لا تكون للعيد قال صفي الدين الحلي:

لا زلت في كل عيدْ     تحظى بجَدٍّ سعيدْ

فالجد (الحظ) هو السعيد. بل يقولون (هنّيت بالعيد، أهنيك بالعيد). ولا يقولون (العفو) بل (أطلب منك العفو، أسألك العفو) ويكون على ذنب يستحق طلب العفو، وليس على غير ذنب بل على تأخير او انشغال عن شخص تكلمه فهذه المبالغة لم يعرفها العرب. ولم ترد (مع أطيب الأمنيات) فالأمنيات يبلغها الله سبحانه فقط لذا جاء (والله يبلغنا في الدارين غاية الأمنيات) (والله سبحانه كفيل بفضله وكرمه ببلوغ الأمنيات). والعرب تقول (حصلوا من القبضة، وفي قبضتنا) ولا تقول (تحت السيطرة). ولم ترد عن العرب (افتقدتك) بل (اشتقت اليك) وغيرها. واذا قلنا (اذهب اولا الى المتجر وثانيا الى السوق) فهذه ترجمة للعبارة الانگليزية:

(First go to the store, second to the market)

أما العرب بقولون (اذهبت المتجر ثم اذهب الى السوق). اورد ابن السكيت (يقال ذهبت في حاجة ثم أتيت فلاناً من فوري).

وواضح ان هذه العبارات المختصرة نقلت من الانگليزية:

(صباح الخير = Good morning)

(مساء الخير = Good evening)

(تصبح على خير = Good night)

(إلى اللقاء، مع السلامة = Goodbye)

(أراك لاحقا= See you later)

(أنا آسف= I am sorry)

(اسمح لي = Excuse me)

(من فضلك = Please)

(عفوا= Your pardon)

(عيد سعيد= Happy Eid)

(عيد ميلاد سعيد = Happy birthday)

(عيد ميلاد مجيد [رأس السنة] = Merry Christmas)

(في الأقل = At least)

(مع أجمل التمنيات = With best wishes)

(آية من الجمال = Real beauty)

(اغرب عن وجهي = Get out of my face)

(وجبة دسمة = Heavy meal)

(لماذا حظرتني = Why did you block me)

(هذه شخصيتك الحقيقية =This is your real personality)

(كلنا في الهوا سوا = We are in the same boat)

(سأجبره على التراجع عن رأيه =I will make him eat his words)

(هل عندك فكرة عن الموضوع = Do you have an idea about the topic)

(مسألة وقت = it's just a matter of time )

(أنت متسرع جداً = You're so impulsive)

(خطوة بخطوة = Step by step)

(يفقد أعصابه = To lose his cool)

(لا تغير الموضوع = Don't change the subject)

(كن ايجابياً = Be positive)

(افتقدتك أمس = I missed you  yesterday)

(تحت السيطرة = under control)

(عيد ميلاد سعيد = I don’t have time to waste)

(لا تكن انطوائياً = Don't be introverted)

(منتجات نباتية = Plant products)

(حان دورك = It is your turn)

(ما المشكلة= ًWhat is the problem)

(في خدمتك = At your service)

(من هنا = From here)

(أراك قريبا = See you soon)

(هل من جديد = What is new)

(مزاجي جيد اليوم= I am in good mood today)

(رائع = Awesome)

* أحبك أكثر

يقال (أحبك أكثر) (استفاد الطالب أكثر)، بـ(جعل لفظة (أكثر) نهاية الجملة وغير مضافة لاسم).

العبارة غير عربية من ناحيتين: الأولى إنَّ العرب تستعمل للتفضيل صيغة (أفعل من) وليس (أفعل) وحدها مثل: (أفضل من) و(أجمل من) فتوجب (من) بعد (أفعل) فلا يقال (هند أجمل) بل (هند أجمل من شيماء). والثانية لا يجعل العرب كلمة (أكثر) في نهاية الجملة، لان التفضيل لا يقع في هذه الحالة.

والثانية لا يستعملون مع الحب لفظ الكثرة فلا يقولون (أحبك أكثر) بل يستعملون الشدة مثل (أحبك أشد من أبي). قال تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ). ومن التعبير عن الحب أقوالهم: (أحبك حبا خالصا) (أحبك حبا شديدا) (أحبك حب النفس) (أحبك في الله).

وهذا الأسلوب في التعبير جاءنا من اللغة الإنگليزية:

(Very much )

( More )

(Too much)

(So much)

وقد ازدهرت هذه العبارة في الحديث اليومي والكتابة. قال نزار قباني من قصيدة:

(فحين أنا لا أقول أحبُّ …

فمعناه أني (أحبك أكثر))

أمثلة:

أحبك أكثر      I love you more

اعلمي أني أحبك أكثر          Know that I love you so much

في هذه الحالة ستستفيد أكثر   In this case, you will benefit more

الأمثلة صحيحة:

أحبك أشد مما تعرفين          I love you more

اعلمي أني أحبك حبا شديدا   Know that I love you so much

في هذه الحالة ستستفيد أكثر من قبل  In this case, you will benefit more

* هو أكثر من

يقال (هو أكثر مما يدعي) و(هي أكثر من مجرد شاعرة) بـ(جعل الكثرة في الشخص الواحد، وليس خارجه).

هذا الاسلوب تفتقده العربية؛ فقولنا اليوم (أبو تمام أكثر من شاعر) عبر عنه جيل العربية الفصيحة بـ(علمه بالشعر أكثر من شعره). فهذا الأسلوب التعبيري غير عربي. وهو منقول من اللغة الإنگليزية.

أمثلة صحيحة:

في الواقع، انه أكثر من مجرد مقهى. انه أيضاً مكتبة لبيع الكتب، ومطعم، ومسرح         Actually, it's more than coffee shop.  it's also bookstore a restaurant, and a theater

في الحقيقة، هو أكثر من صديق       Actually,  he is more than friend

أنت أكثر مما تدعيه   You more than you claim

في الواقع، زيادة عن كونه مقهى. هو مكتبة لبيع الكتب، ومطعم، ومسرح Actually, it's more than coffee shop.  it's also bookstore a restaurant, and a theater

في الحقيقة، هو صديق وأخ   Actually,  he is more than friend

ما تدعيه أقل مما يبدو عليك   You more than you claim

* على لا شيء

يقال: (تخاصم على لا شيء) و(يسعى من أجل لا شيء) بـ(جعل لا النافية للجنس في نهاية الجملة فقط ومع اسمها فقط).

هذه الصيغة غير موجود في العربية، لأنَّ (لا) النافية للجنس لا تأتي في نهاية الجملة بل في بدايتها مثل: (لا إله الا الله) (لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ). واذا جاءت في حالات في نهاية الجملة فلا تأتي (مع اسمها فقط) مثل (نقاتل على لا اله الا الله).

فهذا الأسلوب غير عربي، جاءنا عن طريق الترجمة من اللغة الانگليزية لعبارة (Nothing) مثل:

(Elisa's visit give me nothing)

فالترجمة انگليزيا (زيارة أليسا تعطيني لا شيء) وعربياً (زيارة أليسا لا تعطيني شيئا). والعبارات على هذه الشاكلة خاطئة ويجب تصحيحها إلى ما يناسب قواعد العربية.

أمثلة:

هم لا يسمونني البطل على لا شيء   They don’t call me a hero for nothing

مات على لا شيء      Dead for nothing

لغط كثير مقابل لا شيء        Much ado for nothing

الأمثلة صحيحة:

هم لا يسمونني البطل بلا استحقاق    They don’t call me a hero for nothing

لم يمت من اجل شيء مهم     Dead for nothing

لغط كثير بلا طائل تحته       Much ado for nothing

* سوف لن

يقال (سوف لن أذهب) (سوف لن تقام البطولة)، بـ(جعل لن بعد سوف).

هذه العبارة من الأخطاء الشائعة المؤشرة؛ لان اللغة العربية تقتضي أن يأتي بعد (سوف) جملة مثبتة وليس منفية، فيقال (سوف أذهب) (سوف تقام البطولة). أما إذا أردنا النفي فنقول (لن أذهب) (لن تقام البطولة).

وسبب شيوع (سوف لن) يعود إلى ترجمة العبارة الانگليزي:

(Will not)

(Won't)

أمثلة:

سوف لن تحتاجوا هذا الكتاب You won't be needing this book

سوف لن أسمح بحصول هذا الامر ثانية      I will not allow to happen again

قوارب مارة.. سوف لن يهتموا بنا    Passing boats will not care about us

سوف لن يعود الاحتلال إلى بلدي     The occupation will not return to my country

الأمثلة صحيحة:

لن تحتاجوا هذا الكتاب         You won't be needing this book

لن أسمح بحصول هذا الامر ثانية     I will not allow to happen again

قوارب مارة.. لن يهتموا بنا   Passing boats will not care about us

لن يعود الاحتلال إلى بلدي    The occupation will not return to my country

* ككل

يقال (لخدمة البشرية ككل) (أقصد المجتمع ككل) (الناس ككل) بمعنى (أجمع).

في اللغة العربية  لا يوجد هذا التركيب بهذا المعنى وهو معنى (بصفة الكل)، ويوجد بمعنى (مثل كل) أي تكون الكاف بمعنى مثل كقولهم (أنت ككل الناس لا تختلف عنهم) = (أنت مثل كل الناس). قال ابن الوردي (ت 749هـ):

بعضُكَ في الجودِ ككل الورى

فاعجبْ لبعضٍ يعدلُ الكلا

وهذا يقتضي التصحيح بوضع مكان (ككل) لفظة (أجمع) او كلمة مناسبة.

أما معنى الجمل السابقة فهي ترجمة للعبارات الانگليزية:

(As a whole)

(At large)

(Overall)

(Broader)

(Wider)

* ثاني أكبر

يقال (العراق ثالث أكبر مصدّر للنفط) (السياب ثاني أعظم شعراء العراق) (أنتِ خامسة أجمل نساء العالم) بـ(جعل عدد قبل اسم التفضيل لجعله متسلسلا).

في اللغة العربية لا يوجد مثل هذا التعبير. ولكن يوجد فيها تعبير لا يراعي التسلسل مثل (هو ثاني اثنين، أي أحد اثنين، وهو ثالث ثلاثة، إلى العشرة) ومنه قوله تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) فلو راعى التسلسل لجعل الله الأول. والتفضيل في العربية صيغته مختلفة. كقول ناصح الدين الارّجاني:

أنا أشعَرُ الفُقهاء غيرَ مُدافَـعٍ       في العَصْرِ أو أنا أَفقَهُ الشعراء

ومثله:

إِنّ المَكارِمَ أَخلاقٌ مُطَهَرةٌ     فَالدّينُ أَوَلُّها وَالعَقلُ ثانيها

وَالعِلمُ ثالِثُها وَالحِلمُ رابِعَها       وَالجودُ خامِسُها وَالفَصلُ ساديها

وَالبِرُّ سابِعُها وَالصَبرُ ثامِنُها    وَالشُكرُ تاسِعُـها وَاللَينُ باقيهـا

وقال المتنبي:

الرَأيُ قَبلَ شَجاعَةِ الشُجعانِ      هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ المَحَلُّ الثاني

وورد بصيغة أخرى ولكنها مختلفة أيضا، مثل: (يا ثاني الموت الزؤام) و( يا رابع الشعراء).

وصيغة (ثاني أعظم) و(ثالث أكبر) جاءت من اللغة الانگليزية.

* مركز صحي

يقال (مركز صحي) (تدريب صيفي) (مخيم كشفي) (كتاب رسمي) (مستوى إبداعي) (رسالة ديوانية) (صورة شعرية) (كلام بديهي) (جهاد كفائي) (رسالة غرامية) (شعر صوفي) (نزول اضطراري) (صرف قانوني) (أمر ديواني) (حرب عالمية) (الدار الوطنية) (رجل قيادي) (الجمهورية العراقية) (القضية الفلسطينية) (نتيجة كارثية) (ميزانية انفجارية) (التعليم الكتروني) (سلك كهربائي) (مجال مغناطيسي) (عالم تكنولوجي)، بـ(جعل الاسم وصفا منسوبا بالياء وليس بين الاسمين انسجام معنوي، أو نسبة حقيقية).

النسب في اللغة العربية يكون إلى (صفة، مهنة، وطن، نوع). وما نستعمله الان هو النسب إلى كل شيء. وهذا لا عهد للعرب به لانهم ينسبون إلى ما ذكرنا فقط|. وقد وسع المولدون في العصر العباسي ذلك فقالوا (جارية ليلية الشعر = بنسبة شعرها الاسود إلى الليل) الا ان ما توسعوا فيه أضيق مما نستعمله اليوم بكثير. وبعض النسب نستعمله غير الاستعمال العربي مثل (نجومية) قال ابن الرومي (حكمة نجومية) يقصد سامية كالنجم، بينما نحن نقصد بـ(النجومية) الشهرة مثل (نجم سينمائي). والنسب في الجمل السابقة يخالف القواعد العربية.

من جهة أخرى كانت توجد بين الاسم وصفته المنسوبة نسبة حقيقية مثل (رجل بغدادي) (الرسالة الحاتمية) لان كاتبها الحاتمي، ولكنهم لم يقولوا (رسالة ديوانية) لانها لم يكتبها الديوان بل كتبت فيه فالأصح (رسائل الديوان). أو يكون بينهما انسجام معنوي مثل (نفحة نجدية). ومنه قول جرير : يا تَيمُ إِنَّ بُيوتَكُم تَيمِيَّةٌ      قُفدُ العِمادِ قَصيرَةُ الأَطناب

فالبيوت التيمية مشهورة بالصفات التي ذكرها، وكل بيوت تشبهها ممكن أن توصف بأنها تيمية.

في العصر العباسي وبتأثير الفهلوية وهي من اللغات الهندوأوربية كثر هذا الاستعمال للميل إلى الاختصار وتقليل الألفاظ. جاء في الأغاني ( أمر المأمون يوماً بالفرش الصيفي أن يخرج فأخرج فيما أخرج منه بساط طبري). فذُكر (فرش صيفي) و(بساط طبري) الفرش يوجد منه الصيفي والشتائي، والبسط الطبرية تنسج في طبرية فتوجد علائق مبررة. وقال الحريري (ت 516هـ) وهو متأخر، وهذا الأسلوب صار مألوفا ويزداد استمرارا في الزمن (اعْلَموا يا ذَوي الشّمائِلِ الأدبِيّةِ، والشَّمولِ الذّهبيّةِ، أنّ وضْعَ الأُحجِيّةِ لامتِحانِ الألمَعيّةِ واستِخْراجِ الخَبيّةِ الخفيّةِ. وشرْطُها أنْ تكونَ ذاتَ مماثلَةٍ حَقيقيّةٍ وألْفاظٍ معْنَويّةٍ. ولَطيفَةٍ أدَبيّةٍ) فأورد (الشّمائِلِ الأدبِيّةِ، الشَّمولِ الذّهبيّةِ،  الخَبيّةِ الخفيّةِ، مماثلَةٍ حَقيقيّةٍ، ألْفاظٍ معْنَويّةٍ، لَطيفَةٍ أدَبيّةٍ) وكلها بينها علائق وروابط؛ فالشمائل من الآداب، والشمول الخمرة ومن أوصافها الذهبية، والخبية التي تخبأ تكون خفية حتماً، والمماثلة: المشاكلة فهي حقيقية، والألفاظ معنوية لارتباط اللفظ بالمعنى، ولطائف الأدب  معروفة. فالعلاقة بين اللفظين علاقة ثابتة وليس متغيرة.

أما (مركز صحي) فلا توجد علاقة ثابتة بين مركز وصحي، فالمركز قد يكون لعشرات المسميات، مركز شرطة، مركز الكون، مركز القرار. والمخيم يرتبط بعشرات المسميات، مخيم لاجئين، مخيم للجيش. والشعر قد يكون في الغزل او الهجاء او المدح وليس هو للتصوف فقط، فالعلاقة بينهما متغيرة. وهكذا بقية الأمثلة. أما عنونة (التصريف الملوكي) لابن جني، فأراد بالنسبة التصريف (جواز النسبة إلى الجمع) والا قال (تصريف الملوك).

وهذا الانفتاح الذي جعل النسب إلى كل شيء على الإطلاق ثقافة جاءتنا من اللغة الانگليزية، ثم استشرى استعمالها وصارت اسلوبا سليقيا وعصريا في التعبير. وتوضح الجمال الاتية ذلك (حققنا اجتماعاً ايجابيا على الصعيد الرسمي والشعبي، لحسم قضايا مصيرية كإنشاء مراكز صحية ودور سكنية وورش هندسية وأقسام علمية وشعب مهنية. وخرجنا بتوصيات وقرارات سترتيجية) فأغلب العبارات بهذا الأسلوب.

ومن العبارات الشهيرة التي نتداولها على سبيل المثال لا الحصر:

(نتيجة كارثية Disastrous result =)

(موازنة انفجارية Explosive balance =)

(حلول ترقيعية Prosthetic solutions =)

(شخصية اعتدائية Aggressive personality =)

(كلامه ايجابي His speech is positive =)

(مؤسسة نفعية Utilitarian institution =)

(أموال خيالية Fictional money =)

(ظرف استثنائي Exceptional circumstance =)

(سنة بحثيةResearch year = )

(زمالة دراسيةFellowship = )

(خطأ مطبعي Typing error =)

والأقرب لروح العربية أن يقولوا (مركز صحة) (مركز تجارة) وكذلك بقية الجمل، لان الإضافة معرّفة في العربية، وقولك (مركز صحة) التعريف أوكد فيه من (مركز صحي).   جاء في الأغاني (طلب منه إجازة شعر فأجازه على البديهة) ولم يقل (إجازة شعرية).

* الحقيقة والواقع

يقال (في الحقيقة) (في الحقيقة والواقع) (في الواقع) (الحقيقة.. ) (حقيقةً ..) في (أول الجملة عندما يريد المتحدث تأكيد ما سيقوله).

في اللغة العربية تستعمل (في الحقيقة، والحقيقة، وحقيقةً) ولكن تكون في طي الكلام وليس بداية للكلام وللتأكيد. مثل: (هو في الحقيقة للجزاء) (لا يكون له أصل في الحقيقة). كما تستعمل لفظة (الواقع) بمعنى (الحادث) كقول ابي الفرج (الاختلاف الواقع في كتب الأغاني) ومثله (الخلاف الواقع) ويأتي بمعنى الكائن مثل (الواقع في ناحية) (الواقع في تشرين الأول). ولم يأت بمفهوم الشمولية الذي نستعمله للواقع، فلم يقولوا (واقعنا) (واقعهم).

وهذا الأسلوب جاءنا من اللغة الانگليزية:

(في الحقيقة = In fact)

(الحقيقة، حقيقة = As a matter of fact)

(في الواقع، واقعا = Actually, Reality)

* واقعياً

يقال (واقعياً غير ممكن) (ممكن نظريا وليس عمليا) (كن إنسانياً) (صحيح لغوياً) (مريض نفسياً)، بـ(نصب الاسم المنسوب غير العلم).

في اللغة العربية لا يمكن أن تأتي المنصوبات كخبر كان والتمييز والحال منسوبة ملحقة بياء النسب. وهذا الأسلوب جاءنا من اللغة الانگليزية فمثلا:

Present الان  Presently حاليا  Theory  نظرية   Theoretically نظريا

والصحيح ان تكتب الجمل السابقة (واقعاً غير ممكن) (ممكن تحقيقه قولا وليس عملا) (كن رحوماً) (صحيح لغة) (مريض نفساً).

* حتى

يقال (أنا لا اعرفه حتى) (هي لم توافق حتى) بجعل (حتى في آخر الجملة وبمعنى غير الظرفية).

في اللغة العربية تكثر استعمالات حتى، لذا قال سيبويه (أموت وفي نفسي شيء من حتى). فتأتي ظرفية بمعنى (انتهاء الغاية) مثل (سلام هي حتى مطلع الفجر = إلى حين طلوع الشمس) وتأتي عاطفة مثل (جاء الطلاب حتى خالد = جاء الطلاب وخالد). وتأتي للتعليل مثل (اتق الله حتى تفوز = لتفوز) وابتدائية مثل (النور يسطع حتى الضوء يلمع).

فواضح ان معنى الجمل السابقة لا ينطبق مع معاني (حتى العربية).

وهي مأخوذة من اللغة  الانگليزية ترجمة لـ(Even). والصحيح أن تغير (حتى) في هذه الجمل إلى ما يوافق معاني حتى العربية. أو تعاد صياغة الجمل بمعانيها وفق قواعد العربية بدون حتى.

* شاعر ما

يقال (تقاليد شعب ما) (قصيدة لشاعر ما) (في كتاب ما)، بجعل (ما) بمعنى (غير المعيَّن).

في اللغة العربية  لا نجد هذا التركيب، ولا تنتهي الجملة بـ(ما). وقد جاءت به الترجمة. وترجمت إلى (ما) كلمات انگليزية مضافة منها:

(A)

(Given)

(One)

(Some)

(Specific)

* نحن الاثنان

يقال (نحن الاثنان ناجحان) (سنذهب نحن الاثنان) بجمع (كلمتي نحن والاثنان معا في معنى).

لا يوجد هذا التعبير في العربية وهو غريب عليها، مع وجود علاقة بين التثنية والجمع لان التثنية والجمع كليهما غير مفرد. قال البغدادي (يقول الاثنان: نحن فعلنا، ونحن إنما هو ضميرٌ موضوعٌ للجماعة. وإنما استحسنوا ذلك لما بين التثنية والجمع من التقارب، من حيث كانت التثنية عدداً تركب من ضم واحدٍ إلى واحد. وأول الجمع وهو الثلاثة، تركب من ضم واحدٍ إلى اثنين، فلذلك قال: لأن الاثنين جميع). وكل لغات العالم عدا العربية لديها مفرد وجمع فقط.

وهذا التعبير والتركيب جاء من الانگليزية. ويعبر عنه بأكثر من طريقة منها:

(We both)

(Both of us)

(We two)

(The two of us)

(As two, As both)

(We are both)

ويجب تخطي هذا التعبير الغريب إلى التعبير العربي المناسب. فبدل (نحن الاثنان نحب الثرثرة) نقول (كلانا يعرف أني أحب الثرثرة)

* كم هي جميلة

يقال (كم هو طويل) (كم قاسية هذه السنين) (كم طويلة أيام الفراق) (كم هي جميلة) بـ(جعل (كم) وصفية).

في اللغة العربية تأتي (كم) للاستفهام أو الخبر. ولذا فهذه الجمل التي تبدأ بـ(كم) غير عربية. وهي ترجمة من الانگليزية لعبارات:

(كم أنت جميلة = How beautiful you are)

(كم أنت طويل = How tall you are)

(كم هو لطيف = How kind he is)

(كم هو حلو الطعم = How sweet it is)

(كم التمرين سهل = How easy it exercise )

والصحيح بدل (كم هي طويلة الحياة الأبدية) نقول (ما أطول الحياة الأبدية) وبدل (انظري كم أنت جميلة) نقول (انظري ما أجملك)

* وعليه

يقال (وعليه، سنعلن النتائج) (بناء عليه، قدمت التقرير) (بناء على ذلك، كانت الإجابة) بـ(جعل كلام المتحدث مستندا ونتيجة لكلام سابق).

في اللغة العربية لا يوجد اصطلاح (وعليه، وبناء على ذلك). وقد نقل الينا عن طريق الترجمة من الانگليزية لعبارات:

(Accordingly)

(therefore)

(Consequently)

(Thus)

(As such)

(Subsequently)

والصحيح ان يستعاض عنهما بلفظ (لهذا، ولهذا) لان العرب استعملته، أورد الامدي (ولهذا قال أبو هفان...) وقال أبو علي القالي (وطمح معناه ارتفع، ولهذا قيل للدابة: طموح). وكذلك استعمال (لأجل ذلك، من أجل ذلك) والأجل تأتي بمعنى (جرّاء) أو (جناية) (من أجل ذلك = من جناية ذلك، من جراء ذلك) قال تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) أي (من جراء) كما ذكر ذلك الراغب الاصفهاني.

* على كلٍّ

يقال (على كلٍّ) (وعلى كلٍّ) (صيغة تأتي في بداية كلام تحسم ما قبله).

في اللغة العربية وأدبياتها لا نجد هذا التركيب، بل نجد (على كل حال) (على كل تقدير) ...الخ. وتأتي في بداية الكلام وتضاعيفه.

وقد تسيدت هذه في أحاديث العامة وكلام وكتابات المثقفين والأدباء والكتاب، ذكر محقق كتاب (الانتصار) للسيد المرتضى: (وعلى كلٍّ فليس في قول المرتضى ما يستفاد منه انكار الروح أصلا). وأولع الشاعر صلاح عبد الصبور بـ(على كُلّ) فكررها في أعماله الشعرية.

وهذه الصيغة غير مستعملة في العربية، وان كانت عربية في اللفظ أو أمكن اعتبار التنوين تعويضا عن كلمة (حال، أمر...) وقد جاء في النصوص العربية الصحيحة (على كل حال). بل هي مترجمة عن:

(After all)

(Anyway)

ولا تعد الصيغة خطأ وممكن استعمالها.

* ثلاجة

يقال (اشتريت ثلاجة) (عندي سماعة) (الحاسوب يعمل) يقصدون الأدوات المعروفة.

في اللغة العربية اسم الآلة (يشتق غالبا من الفعل الثلاثي المتعدي، وقد يشتق من اللازم. وله ثلاثة أوزان قياسية هي: (مِفعَل) و(مِفعَال) و(مِفعلة). وتوجد اوزان غير قياسية  مثل (قلم، سيف، رمح )

واضح أن الأمثلة السابقة ليست على أوزان اسم الالة العربي. بل هي محاكاة لطريقة الانگليز. وتماشيا مع طريقتهم التي تجعل الاضافة في نهاية الكلمة فـ(ثلاجة) مشتقة من (ثلج) فيقتضي أن تكون (مِثلَجة) ومنها قولهم (أثلجت صدري). و(سمَّاعة) من (سمع) فيقتضي أن تكون (مِسمعة). بينما اشتقاق اسم الآلة (ثلاجة) (سماعة) محاكاة لأسماء الآلة الانگليزية: (Refrigerator = ثلاجة) من (Refrigerate = يبرّد). و(earphone = ear/ phone = سماعة).

وقد استوعبت أوزان الآلة العربية بعض أسماء الآلة المستجدة وهي أوسع بكثير مما عرفه العرب. وهي:

مِفعَل: مثل:(مبرد، مجهر، مكبس، مقص، مصعد، مدفع).

مِفعَال (مصباح، مسبار، منظار، مثقاب، ملقاط، منشار).

مِفعَلة (مطرقة، مسطرة، مغسلة، مقلاة، محفظة، منشفة).

وأضاف مجمع اللغة العربية اوزانا جديدة هي:

فَعّالة (ثلاجة، غسالة، نظارة، دراجة، سيارة، قلاية، سماعة)

فعّال (خلاط، سخان، جوال، نقال، رقاص، براد، كشاف)

مُفعِّل (محرّك، مولد، منبه، مكيف)

فَاعِلة (رافعة، ساقية، حاسبة، طابعة، كاتبة، حاملة)

فاعُول (حاسوب، ساطور، ناقوس، صاروخ،

وأوزان غير قياسية شملت الكثير من اسماء الالة الجديدة مثل: (ساعة، فرجار، بندقية، كوب، بروش)

وإعادة أسماء الآلة الحديثة إلى قواعد العربية صعب للغاية، ويحتاج إلى جهود كبيرة قد لا يُنهض بها في الراهن الواهن، وربما في المستقبل يعاد النظر بها. لذا فلا بأس من استعمالها كما هي.

* بالتالي

يقال (بالتالي ستصلح الأمور) (وبالتالي ستتغير النتيجة) بمعنى (ما سيتلو من شيء بتأثير شيء سابق، بإضافة (الباء) إلى (التالي) الكلام السابق في الكلام التالي).

في اللغة العربية لا يوجد هذا التركيب (الباء + التالي) وهو من الأخطاء المؤشرة اللغة العربية، ولا يصح منه إلا إذا كانت الباء زائدة مثل (لست بالتالي = لست تاليا). قال الشاعر:

وللسابق البادي من الفضل رتبة         تقصّر بالتالي وإن بلغ العـذرا

وهذا التركيب الغريب جاءنا من الانگليزية:

(In turn)

(Therefore)

(Then)

(So)

(Thus)

(Thereby)

ويجب تصحيحه إلى (ثم) (من ثم) (فيما بعد) (بعدها) وحسب الجملة.

* سأذهب حالاً

يقال (سأخرج بعد لحظات) (سأعود فورا) (سوف أنام الآن) بـ(استعمال سوف والسين للحاضر والمستقبل القريب جدا).

في اللغة العربية تستعمل (السين وسوف) كما يذكر محمد الإنطاكي (حرفي استقبال). وتسمى السين (حرف تنفيس) وسوف (حرف تسويف) (لانها أبعد من السين زمانا)، فجائز أن تقول (سأخرج بعد قليل) و(سأزورك بعد ساعة او بعد شهر او بعد سنة)، ولكن لا يجوز (ساخرج فورا او الان) و(سوف اخرج فورا او الان) فتخرج السين وسوف من المستقبل إلى الحاضر.

الجمل (سأخرج بعد لحظات) (سأعود فورا) (سوف أنام الآن) غير عربية  لانها لا تعني المستقبل الذي تعمل فيه السين وسوف. واستعمال (السين وسوف) للحاضر أو المستقبل القريب جدا من القواعد التي نقلت الينا من اللغة الانگليزية بصيغتيها:

(Shall)

(Will)

وتوجد صيغة ثالثة هي (going to) وشعبيا (gonna). جاء في كتاب  (Getting  = on in Englishتقدم باللغة الانگليزية) (أن هذه الصيغة بديلة من (Shall) و(Will):

(I will wire = I am going to write )

ويعبر بها عن العزم والتأكيد، وتستعمل للدلالة على الإثبات أو جملاً إخبارية، وتدل على المستقبل.

* كان يا ما كان

يقال في سرد الحكايات (كان يا ما كان) (كان في قديم الزمان) (قبل...) وفي العامية (گبل أكو فد واحد) بمعنى (في زمن قديم).

لا ترد هذه العبارة لدى القصاصين القدماء، بدليل عدم ورودها في كتب الأدب والتاريخ. وقد عرفت في العصر الحديث. وتحاول العبارة (كان) (يا ما كان) إعطاء تصور بطول مدة الزمان، وكأنهم لم يجدوا العبارة التي تعطي هذا التصور بنفسها. وفضلا عن ضعف العبارة تعبيرا فإنها غير فصيحة. وقد تدل (يا ما) على الكثرة في اللهجة المصرية، أي طول الزمن الماضي. وهذا دليل آخر على عدم عربيتها، وان المصريين نقلوها من الانگليز، فهم أول من احتك بالانگليز وشكّل هذه اللغة الهجينةً.

وقد حاول بعض المثقفين الدفاع عن عروبة هذه العبارة، وصلتها بالحكايا العربية. وأرى جازما أن العبارة منقولة من اللغة الانگليزية ترجمة لـ:

(Once upon a time)

(upon a time)

(There once )

وهذه العبارة (Once upon a time  = كان يا ما كان) قدمت عنوانا لمسلسل أمريكي، ومسلسل فرنسي، ومسلسل فلبيني، كما قدمت عنوانا لمسلسل مصري. وهو دليل على ان العبارة انگليزية نقلت إلى اللغة العربية.

والصحيح ان نقول: (في قديم الزمان كان هناك مهندس) و(في القديم كانت امرأة تعيش في الغابات)

* سنوي

يقال (يذهب يوميا لعمله) (تسلم راتبه الشهري) (نحتفل سنويا بعيد الأم) بالنسب إلى اليوم والشهر والسنة.

لم تنسب اللغة العربية إلى اليوم والشهر والسنة، فلم يرد (يومي/ يوميا، شهري/ شهريا، سنوي/ سنويا). بل قالوا (كل يوم) و(كل شهر) و(كل سنة) بدل ذلك. قال تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ). وكرر المتنبي (كل يوم) خمس عشرة مرة في شعره ومن ذلك قوله:

أفي كُلِّ يَومٍ تَحتَ ضِبني شُوَيعِرٌ       ضَعيفٌ يُقاويني قَصيرٌ يُطاوِلُ

وجاء في نكت الهميان (راتبه في كل شهر ألف مَنّ). وعن الرسول () (ان الله قد وعد هذا البيت أن يحجَّه كل سنة ستمائة ألف، فإن نقصوا كملهم الله تعالى من الملائكة)، فلم يرد (يومي/ يوميا، شهري/ شهريا، سنوي/ سنويا). بل (كل يوم) و(كل شهر) و(كل سنة). وقد جاء هذا الاستعمال من الانگليزية:

يوم – يومي = (Day - Daily)

شهر – شهري = (Month - Monthly)

سنة – سنوي = (Year – Yearly, Annually)

* ابتداءً

يقال (في البدء) (بدايةً أقول لكم) (في البداية أشكركم) بـ(جعلها بداية ومنطلقا للكلام).

في اللغة العربية يأتي ذلك في طي الكلام. وهذه الابتداءات روجتها المؤتمرات والمهرجانات، فالمتكلم يقولها ليفتتح كلامه.

(First)

(Fist of all)

(Outset)

(At the outset)

فنقول بدل (بداية، أشكركم كثيرا لحضوركم مؤتمرنا) (أشكركم كثيرا في بداية  مؤتمرنا لحضوركم)

* من والى

يقال (السفر من والى بغداد) (الذهاب من والى العمل) (اختصاراً وتركاً للتكرار).

لا يوجد هذا الاستعمال في العربية لعدم ميلها إلى الاختصار الشديد. وهو من ميزات اللغة الإنگليزية، فهو منقول منها ترجمة لـ:

(From and to)

(to and From)

* يؤدلج

يقال (يؤدلج الموضوع) (يجند نفسه للقضية) (يؤرشف السجلات) باشتقاق مصطلح من اسم، ثم اشتقاق فعل من المصطلح.

لم تعرف العربية هذا الاسلوب. فلم يقولوا (يجنّد نفسه او غيره) بل (يعاني الجندية) (انتسب الى الجندية) وقالوا (نشر الاسلام بين العرب) ولم يقولوا (يؤسلم العرب) وغير ذلك.

وهذا الاسلوب جاءنا من الإنگليزية، لطبيعتها في التعبير المختصر وتوليد معان كثيرة من اللفظ. فمنهم جاء: (أرشفة/ يؤرشف ِArchive = ) (أدلجة/ يؤدلج=  Edify) (تجنيد/ يجنّد Recruit = ) (موسقة/ يموسق =  Music).

ثم انتقلت عدوى هذا الاسلوب الى مثقفينا بمختلف أصنافهم فصرنا نجاريهم في هذا الاسلوب الغريب على العربية الذي لا يقيم لفصاحة الكلمة اعتبارا. ومن المشهور المتداول من ذلك:

(أسلمة/ يُؤسلم = من الاسلام) (تهويد/ يُهوِّد = من اليهودية) (تنصير/ يُنصِّر = من النصرانية) (مسرحة/ يمسرح = من المسرح) (أمركة/ يُؤمرك = من أمريكا) (التشيوع/ يُشيوع = من الشيوعية) (التقيوم/ يُقيوم = من القومية) (الأسلبة/ يُؤسلب = من الاسلوب) (القولبة/ يُقولب = من القالب) (الأنسنة/ يُؤنسن = من الانسان) (الشخصنة/ يُشخصن = من الشخص) (المكننة/ يمكنن = من الماكنة).

* عمل حادثا

يقال (عمل حادثا) (عمل الواجب) (عمل بأصله) (عمل جدارا) (عمل مساجا) (عمل نسخة اخرى) (عمل تاجرا).  (أفعال مكررة واعتماد على الأسماء في التعبير).

اللغة العربية تضع لكل معنى لفظاً فعلا كان أو اسما. فلا تكرر ألفاظا بعينها لم توضع لها ويوجد غيرها في التعبير. مثال ذلك قول المعري: (فمثله مثل جارسة الكحلاء، تسمحُ بالمَسائب المِلاء. تطعم الغرَب، وتجود بالضرَب. وتجني مرّ الأنوار فيعود شُهداً عند الاشتيار). فاستعمل افعالا مستقلة وأسماء مستقلة. (الجارسة: النحلة اذا جرست أي طلبت الزهر. والكحلاء والغرَب: نوعان من النبت ترعاه النحل في جني العسل. والانوار: جمع نَور: وهو الزهر. والاشتيار: جني العسل خاصة. واستعمل من الافعال تطعم: تتناول، تجود: تعطي العسل، تجني: تتناول الرحيق). وهذا الغيض من فيض لا حدود له. وهذا النص عباسي، وان كان المعري يحب استعمال الغريب، الا انه يعطي صورة لاتساع اللغة، وان افعالها واسماءها مستقلة في المعنى والدلالة.

وفي نهاية العصر العباسي بسيادة اللغات الاجنبية ولاسيما الفارسية والتركية، وهي لغات تعبّر بالمعنى لقلة ألفاظها المستقلة، أصبحت العربية تنحو نحوها، في تكرار أفعال بعينها والاعتماد على الأسماء المسندة إليها في التعبير. وقد أحصى (دوزي) عشرات المعاني للفظة (أخذ) في استعمال المؤلفين العرب في حقبة (ما بعد الفصحى) ومن ذلك:

(أخذ جزاءه = نال عقابه)

(أخذ خاطره = عزاه)

(أخذ دربه = ذهب لطيته)

(أخذ روحه = قتله)

(أخذ عقله = أفقده الرشد)

(أخذ وجهاً = تدلل وتصرف كما يحلو له)

وبتأثير اللغة الانگليزية اتسع هذا الاستعمال، فأصبحت اللغة العربية به وكأنها عزيز ذل، وغني افتقر، واذا بها نسخة من هذه اللغة تعوض عن قلة الأفعال بتكرار أفعال بعينها.   فالفعل (Make) يعطي معاني عدة هي:

(صنع، عمل = Make )

(هرب = Make off)

(يحرر = Make out )

(رتبت، زوقت/ ماكياج = Make up )

(أصلح، عوَّض، جازى = Make up for )

(سالم، هادن = Make up with  )

(كسب = Make a bundle )

(أناخ = Make a camel )

(بدا كأنه يحاول أمراً ما = Make as )

(صاحبَ =Make be )

(رضي، تدبر أمره = Make do with )

(اتجه =  Make for )

(حوّل، صيَّر = Make into )

(مارس، نجح = Make it )

(أبصر، تمكن، حرَّر مقالة = Make out )

ولم تعانِ اللغة العربية هذا الأمر، فالأفعال قائمة بنفسها كثيرا في التعبير كما نجد ذلك في الكلمات العربية المقابلة لمعاني (Make). الا ان المترجمين منحوا العربية هذه الصفة التي لا تليق بكرم ألفاظها الواسعة، فقالوا: (عمل حادثا) (عمل الواجب) (عمل بأصله) (عمل جدارا) (عمل مساجا) (عمل نسخة اخرى) (عمل تاجرا). وهذا الامر شاركته فيه العامية فنجد أفعالا تكرر بعينها متكئة على الأسماء في التعبير مثل:

(يسوِّي أكل) بدل (يطبخ)

(يسوِّي طفل) بدل (تحبل، تنجب)

(يسوِّي عزيمة) بدل (يولم)

(يسوِّي نفسه ما يدري) بدل (يتجاهل)

(يسوِّي مشكلة) بدل (يشاكس)

(يسوِّي واهس) بدل (يرغّب)

(يسوِّي وشم) بدل (يستوشم، يشِم)

(يسوِّي مَسِح) بدل (يمسح)

(يسوِّي مراجعة) بدل (يراجع)

(تسوِّي سِحِر) بدل (تِسحَر)

(يسوِّي جريمة) بدل (يُجرم)

(يسوِّي چات) بدل (يحاور)

* راح أروح

يقال (راح أروح) (راح أنام) (راح أكمل العمل). وهي (صيغة عامية تعمل فيها لفظة (راح) عمل ليس).

وكان للعامية العراقية نصيب من تغلل الألفاظ والعبارات والصيغ الإنگليزية. وهنا نتناول بعض ذلك. ومنه صيغة (راح + فعل مضارع = راح أروح) وهي ترجمة للصيغة الإنگليزية (going to) وشعبيا (gonna) وهي تقابل (Shall) و(Will).

وهذه الصيغة لم تستعمل في العربية الفصحى، واستعملت بشكل مذهل في العامية العراقية والخليجية، وأصبح استعمالها سليقياً. فيقال: (راح اكتب) (راح نروح) (راح يشتري).

أمثلة:

آني راح أكتب          I am going to write

احنا راح انروح        We are gonna to go

هيّه راحت تنام         He is going to sleep

* واحد كل

يقال في الالعاب (النتيجة واحد كل) (انتهت اللعبة ثلاثة كل) بمعنى (أن النتيجة هدف لكل من الفريقين، أو ثلاثة لكل فريق).

تقتضي العربية أن تكون الجملة: (النتيجة واحد لكل منهما) أو (كلاهما واحد)ولكن هذا الاستعمال ليس وفق السياق العربي، بل هو تعبير انگليزي:

واحد كل = (one all )

* الواحد

يقال (الواحد شيسوّي) (الواحد وين يروح) (الواحد يريد مصلحته) (أكو فد واحد). يقصدون بـ(الواحد) (الشخص).

وهذا غير موجود في تعبير اللغة العربية، وانما جاء من الانگليزية لأنه مستعمل فيها.

 

الاستاذ الدكتور محمد تقي جون

............................

* الموضوع مستل من كتابي (اللغة العربية الخامسة – الفصحى الهجينة)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم