صحيفة المثقف

السعيد بوشلالق: قراءة في رواية: ملك وحيد على رقعة الشّطرنج

السعيد بوشلالقللرِّوائي الشّاب بلال مزاري من الجزائر

الطّبعة الأولى: 2019. دارالنّشر: الخيال للنّشر والتّرجمة - الجزائر. عدد الصّفحات: 160. الحجم: متوسط.

- نص آسر.. صورة حية لاضطراب منهك يوفر العزاء لتجربة مشتركة، تحزن لحزنه وتضطرب لاضطرابه، وتُشفى بشفائه.

- أبواب الرِّواية:

الولوج إلى «ملك وحيد على رقعة الشّطرنج» يكون عبر ثلاثة أبواب:

- الباب الأول: باب الضّياع. باب الأشياء التي تجعلنا نموت بدلاً عنها. أين ضاع بطل الرِّواية (كارلايل كولن) ومات معنوياً بموت زوجته (إيڤا) وابنهما (نواه)..

- الباب الثّاني: باب المخفيات. باب الخيوط الرّقيقة التي نُحيك بها ونُسميها المعنى. هذا الفصل سماه الكاتب باسم زقاق (المخفيات) الموجود في مدينة بوسعادة العتيقة في جنوب الجزائر، لينسج السّرد متجولاً بـ (كولن) رُفقة صديقه الدّليل السِّياحي الشّاب البوسعادي (جيثرو)، دليل (كولن) إلى المعنى، وكشف فيه ما خفيّ. (المخفيات) زقاق كان أغلب سُكانه من اليهود وفيه يوجد المعبد - الكنيس - اليهودي.. كما توجد به دكاكين (المزابيين الإباضيين) لبيع خيوط النّسيج، ومنها نسج الكاتب السّرد وحاك المعنى..  

- الباب الثّالث والأخير: باب المؤمنين. باب الذين يمشون في الأرض وأرجلهم تسيل دماً. المؤمنين أو (لومامين) كما جرت الألسن على تسميته، اسم حي عريق في مدينة بوسعادة كان الرَّسام الفرنسي العالمي المسلم (نصر الدِّين دينيه – ألفونسو إيتيان دينيه) يُقيم فيه، قُبالة مسجد الحي وقريباً من كنسية النَّصارى، تحول مسكنه إلى متحف باسمه. كان أول نزول لـ (كارلايل كولن) ببوسعادة في حي (لومامين) الاندهاش والانبهار..

- أحداث الرِّواية:

الرِّواية تتحدث عن (كارلايل كولن) طبيب انجليزي تجاوز السّتين من العمر يُصارع العيش وحيداً دون رغبة في الحياة بعد أن فقد زوجته (إيڤا) وقبلها ابنهما الوحيد (نواه). (الاستسلام كان يبدو أقرب للسّكينة خصوصاً بعد أن انقضى كُلّ هذا العمر ورحل في أثره كُلّ ما كان يُعطي للحياة معنى..) ص 08. يعيش (كملكٍ وحيد فوق رقعة الشّطرنج فارغة لا مُلك لكي يُدافع عنه ولا ملِكة تحميه من تقلبات نفسه، يقفز من خانة إلى أخرى في حركات عبثية لا تتوقف في انتظار موت لا يبدو أنه سيحل قريباً.) ص 13. الوحدة رفيقته في البداية والنِّهاية، عاش طفولته في القاهرة وحيداً مع والده بعد أن توفيت أمه بعد ولادته بأعوام قليلة. (كيف يكون الأمر عندما تفقد شخصاً مُهِمّاً وأنت صغير السِّن ستنسى الحدث على الأرجح لكن أثره سيكون فيك عميقاً، لا يُمحى، يُرافقك مدى العمر.) ص 11. وبعد أن بلغ الخامسة عشر توفي والده فعاد إلى إنجلترا حيث أقام عند خالته (أولغا) بواست هام. وبقيت الوحدة تلازمه، وحيداً دون أصدقاء مقربين مُنغمساً في آلامه ووحدته (بعض البشر خُلِقوا ليعيشوا وحيدين مَهْمَا كثُر النّاس مِن حولهم وتعدّدوا.) ص 15. جمعه القدر بحواء (إيڤا) أو(إيڤ) - كما يُحِبّ أن يُناديها - في سراييفو بالبوسنة عام 1993، حيث كانا يعملان طبيبين لمعالجة المصابين في حرب الصِّرب على مسلمي البوسنة، أحبّا بعضهما البعض وتزوجا وأنجبا ابنهما الوحيد نوح (نواه).

في رحلة (كارلايل كولن) للبحث عن المعنى في صحراء الجزائر، بعد أن غيب الموت زوجته (إيڤا) ومن قبلها ابنهما (نواه) عاش حياة داكنة بالحزن واليأس والاستسلام والوحدة والنّدم والألم والضّياع. (عالق ووحيد وبارد، كصنم مهجور مات كلّ من يعبدونه، كملكٍ يقف وحيداً على رُقة الشّطْرنج، لا صديق يأنس به ولا عدواً يُحاربه.) ص 53. كأنه ميّت موتاً انفعالياً. (كان الأمر موتاً حقّاً.. لكنه لم يكن موتاً كاملاً بل وقوفاً على تلك الحافة المؤلمة بين الموت والحياة..) ص 89. قدر جديد يولد فيُلاقيه بشاب جزائري من مدينة بوسعادة يتحدث قليلاً من الانجليزية تُمكنه من التّواصل معه، سماه (جيثرو). أهداه كتاباً "حلم إلى غاية ما" قدر جمعهما صديقين. كان دليله في رحلة الصَّحراء ودليله إلى المعنى. (فالمعنى ليس كتاباً نقرأه فقط، بل محيط نغرق فيه وصحراء نوغل في مسالكها حتى نجد أنفسنا في النِّهاية.) ص 86. يعود (كولن) لأنجلترا، لكنه يبحث في كتبه وقراءاته عن المعنى الذي يفتقده. لكن لا شيء يوحي بأنه قد عاد للحياة.. يقتنع (كولن) بضرورة العودة إلى الجزائر وإلى صديقه - نبي المعنى - (جيثرو) في بوسعادة. بوسعادة مدينة السَّماء السَّابعة والألوان المستحيلة. ينتقل (جيثرو) للعيش مع (كولن) في انجلترا، ساعده ليواصل دراسته الجامعية التي كان يحلم بها في الطِّبّ. وكأنه بذلك أراد أن يُكفر عن ذنبه اتجاه ابنه (نواه) الذي كان يريده أن يكون محامياً لكنه لم ينجح في دراسته، وبقدر ما كانت التوقعات كبيرة كانت الصَّدمة أقوى. (التّوقعات الصّلبة هي ما يقتل البشر.) ص 44. الابن (نواه) كان يحمل إيماناً وفلسفةً في الحياة تختلف عن تلك الفلسفة التي لطالما عاش فيها الأب (كولن) (إنّ الآباء يعيشون على فكرة أنّ أبنائهم اِمتداداً لهم، وأنّ حياة الأبناء ما هي إلاّ فرصة أخرى ليعيشوا ما فاتهم أو يُكرِّروا فيه ما عاشوه إنْ كانوا مِن النّوع الذي لا يتسلّل إليه النّدم. ببساطة الآباء يعجزون عن فهم أنّ لأبنائهم كيانات مُستقلّة كُلّ الاستقلال عنهم!.) ص 43. قرر ابنه (نواه) الرحيل للمحيا الذي يعنيه دون عودة. ماتت زوجته (ايڤا) حزناً وحسرة وألماً على غياب وموت ابنهما (نواه). وضاع كل معنى للحياة من (كولن)، لكن حضور (جيثرو) في حياته أعاد إليه المحيا والمعنى. (الإنسان حين يكون في أوضاع صعبة عليه أن يحصل على المواساة والصّحبة، ولو كانت داخلية المصدر.) ص 141. يلجأ إلى القراءة، قراءة كُلّ ما تقع عليه عينه ويده، وبها يفتح دروب كتابة روايته السِّيرية، سيرة فيها كثيرٌ من الحزن والأسى والألم.. يتلذذ بهلوسة اللِّقاء في محطة الميترو بنيوكاسل بـ (إيڤا)، (هي لم تكن (إيڤ)، كانت مجرد هلوسات، كنتُ أعلم ذلك من البداية، لكني انجررتُ أكثر فأكثر.) ص 130. ظلّ شبح (إيڤ) يُلاحقه، وتحول ذلك إلى تلذذ وإدمان. (يكفي أن يجعلك وجود أحدهم تشعر بالأمان والاستقرار ليكون وجوداً كاملاً ولو كان مجرد طيف صامت.) ص 150.

- نقاط على الهامش في رواية «ملك وحيد على رقعة الشّطرنج»:

- «ملك وحيد على رقعة الشَّطرنج» تمثل في نظر السَّارد تراجيديا الوجود ورجاته الموجعة.

- جاء البناء الفني للرِّواية بناءً سامقاً ممتعاً للقراءة آسِراً للقارئ...

- يتضح من خلال النَّص أن السَّارد بنى بؤرة السَّرد على شخصية (كولن) الذي تعرض في حياته لانكسار وشرخ عميق وإحباط نفسي بسبب فقدانه لزوجته وابنه. أصبحت حياته نَفَقاً مُظْلِماً، وهذا ما سَبّبَ له أزمة نفسية حاول أن يُداريها بالسّفر إلى الصّحراء والقِراءة والكِتابة.

- الرّاوي أو الممسك بِدفة السّرد لجأ إلى الاستعانة بِتقنيات (التّشظي، والحوار الداخلي، والاستبطان...) حِرصاً منه على النَّفاذ إلى سرائر الذّات السّاردة، لِبيان ما يَجُول في داخلها من انكسارات. بين السّارد منذ البداية وقع الرّزايا على نفسيته، خاصة بعد وفاة زوجته (إيڤا)، التي لقيت حتفها بعد أزمة نفسية حزناً على فقدان ابنهما (نواه)، فشكل رحيل زوجته وابنه جُرحاً غائراً لم يندمل... لقد بذل (كولن) (بطل الرِّواية الرَّئيسي) جهوداً مُضنية لِنسيان الكارثة التي حلت بأسرته، مُختلياً إلى نفسه مؤثراً الانزواء ساعياً إلى مراودة الكِتابة، باحثاً عن الأكسير الذي يمثل جذوة متقدة تفجر الكِتابة وتحولها إلى سيل ناعم متناغم. حاول أن يسترجع توازنه في الحياة، بالبحث عن ذاته الضَّائعة في الكتابة، كبديل يجسد فردوسه المفقود. وكذلك بتقديم العون لجرحى الحياة (مساعدته "جيثرو" على مواصلة دراسة الطِّب في أنجلترا).

- «ملك وحيد على رقعة الشطرنج» رواية تزدحم بالصُّور الفلسفية العبثية... نص مقارب لروح (الغريب) لألبير كامو (...الكثير من التساؤل عن وجود أيّ معنى وسط هذا العبث...لكن هل أنا موجود في العبث حقّاً، أم أنّ العبث موجود فيّ؟ أحياناً نرى العالم لكنّنا لا نُبْصِرْ فيه سِوى ما هو انعكاس لأفكارنا عنه! أنا مجرد فقاعة من العبث وسأنفجر يوماً ما!) ص 17. عبثية الاستسلام والموت والحياة في آخر الصفحة 19. الموت، الدِّين والإيمان ص 20 و 21. ومقارب لروح نص (الخيميائي لـ باولو كويلو)، في الصَّحراء الكنز والمعنى ص 126.

- بدا لي أن كاتب هذه الرِّواية "بلال مزاري" اعتمد تقنية الفن المتعمد ليدفع بشخصية السَّرد إلى أقصى درجات تحملها. "الفن المتعمد هو الدَّفع بالشَّخصية إلى أقصى مدى ممكن، وأقصى حدود تحملها." كما يقول الرِّوائي الكبير الطّيب صالح.

- ورد ذِكر العنوان في متن السَّرد أربع مرات في صفحات: 53 و 97 و 119 و 125.

- أعجبني تناول الكاتب لظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب خاصة بعد تفجير بُرجي التِّجارة في نيويورك في كلمات قليلة. ص 109 .

- المنحنى البياني للسرد يتصاعد بشكل يجعل القارئ يتتبع النّص باستيعاب ووعي.

- المساحة الزمكانية تمتد بين تسعينات القرن العشرين والعشرية الأولى للقرن الواحد والعشرين عبر القاهرة والبوسنة وصحراء تامنغست وبوسعادة بالجزائر ونيوكاسل بأنجلترا.

- يمكنني القول للكاتب الشّاب بلال مزاري: أنك كما جعلتَ بطل النّص (كارلايل كولن) يلتقي (فيكتور فرانكل) "نبي المعنى" في صفحات كتابه ص 127، فقد مكنتني أنا - القارئ - أيضاً أن ألتقي بطل النّص (كارلايل كولن) بين صفحات روايتك.

- إنّ تمكن الكاتب بروح واقتدار من تقمص شخوص روايته والاندماج في حالاتها النّفسية والاجتماعية مكّنه من بناء نص مؤثر في القارئ يجعله يُحب شخوص الرِّواية ويتعاطف ويتفاعل معها طالما الكتاب بين يديه وأمام ناظريه.. (قيمة الأدب الحقيقية أن يجعلك تعيش حيوات بعيدة وعديدة.. يفتح أمامك وجهات نظر معاكسة، مُريبة، أن يُجدِّد أفكارك الرّاكدة ويأخذك لعوالم مجهولة..) ص 72.

- رواية «ملك وحيد على رقعة الشّطرنج» تميزت بالأسلوب السَّردي الرَّصين والحبكة المحكمة واللُّغة الأنيقة الجميلة. وهي إضافة قيمة للسّرد الجزائري.

- أخيراً. أقول كما قال جيثرو لـكولن: روايتك يا بلال مزاري - أشعر أنها - (حقيقية، مصنوعة من التُّراب والدُّموع والمعنى والحيرة..) ص 152.

- أنا قارئ هذه الرِّواية «ملك وحيد على رقعة الشّطرنج» مقيم في مدينة بوسعادة، المدينة التي أَحَبّها الرَّسام (إيتيان دينيه) واختارها ليكون فيها مقامه الأخير عند سفح (جبل كردادة) للعبور إلى عالم الخلود.. بعد أن قرأتُ هذا النّص سارعت للنزول إلى حي (لومامين - المؤمنين) ومنه إلى (المخفيات)، حيث كان يُقيم (جيثرو) في النّص.. ووقفتُ في نفس الأماكن التي كان يقف فيها (كارلايل كولن) ناظراً إلى بُرج السَّاعة (حصن كافينياك) العسكري، والمسجد الإسلامي والكنيسة المسيحية والكنيس اليهودي. أماكن ومقامات لا تفصل بينها إلّا أمتاراً قليلة كانت تُشِعُ على هذه المدينة بالتَّسامح الدِّيني.. أسجل إعجابي الشَّديد بهذا النَّص الرَّائع الَّذي أغراني بالخُروج وإعادة اكتشاف مدينتي ببصيرة وروح «ملك وحيد على رقعة الشَّطرنج».

- اقتباسات من رواية «ملك وحيد على رقعة الشَّطرنج» للكاتب الشَّاب بلال مزاري:

- الأمر الأكثر جمالاً في الوجود البشري والأكثر غرابة والأكثر إيلاماً أيضاً.. أننا كلنا مختلفون..! ص 11.

- أحياناً نرى العالم لكنّنا لا نُبْصِرْ فيه سِوى ما هو انعكاس لأفكارنا عنه..! ص 17.

- للموت سُلْطانه الأعظم إنّه يُعطي للأشياء معانيها الحقيقية، بعيداً عن السّخافات الّتي كانت تبدو مُهِمّة، بعيداً عن الالتزامات وبعيداً عن وَهْمِ الكبرياء أو أيّ وَهْمٍ آخر.. ص 26.

- كُلّ شيء وكُلّ شخص يملك جماله الخاص... تلك الأشياء التي تُعاكس نظرتنا للجمال ليست بالضرورة بشعة أو خالية من شكل من أشكال الجمال.. ص 40.

- الأشياء تتغير، الحياة والبشر أيضاً، فكرة الثّبات بِرِمّتِها عارية من الصِّحة، علينا أن نتقبل التّغيير ونُحاول فهمه وتوجيهه إن أمكن الأمر.. ص 44.

- لم أكن أرى الحاضر المتغير، لأني كنت متمسكاً بالماضي الثّابت.. وفكرة الثُّبوت في حدِّ ذاتِها هي خمرٌ لا نصحو من سكرته إلاّ بعد فوات الأوان.. ص 45.

- الوظيفة لم تكن يوماً استقراراً الوظيفة فخّ استعباد البشر برضاهم.. ص 45.

- الحياة هي الحياة، بنا أو بدوننا.. لا يُمكننا أن نعرفها تعريفاً شاملاً أو نسعها كاملةً بوعيّنا القاصر.. ببساطة الحياة هي الحياة وأيّ محاولة أخرى لتعريفها هي تعريف للجزء المبتور الذي نفهمه منها فقط.. ص 49.

- المحيا هو النّماء.. أن نسعى بشغف نحو ما نريد، نحو ما نحتاج، نحو ما نشعر نحوه بالانتماء.. ببساطة المحيا هو رحلة البحث عن الامتلاء الدّاخلي والخارجي.. ص 49.

- إن السّعي وراء أحلامنا وإن مُني هذا السّعي في النّهاية بالخسارة فإنّه سيمنحنا شيئاً ما، ستتحقق ذواتنا، سنصبح ما تريد أحلامنا أن نصبح، سنصبح أحسن نسخة منّا، النّسخة التي ما كنّا نتخيل يوماً أن نصيرها.. أمّا إنْ تجاهلنا النّداء فلن نُبْتَلى بِفُقْدِ المَحيا الخارجي فقط بل الدّاخلي كذلك، سنموت بالمعنى الفعلي.. فمثلما يحتاج الجسد الطّعام والماء، تحتاج الرُّوح منّا أن نحلم ونسعى نحو الحلم.. ص 50.

- المحيا هو الفكرة، المحيا هو مجموع كُلّ الفلسفات التي استقرت داخلنا وتماسكت لتشكِّل ما نُسميه "الأنا"، وما نظُنُّ أنّ الحياة تجري عليه، أو ما نظُنُّ أنّ الحياة عليه، ليس الحياة حقاً بل اِنعكاسها في عقولنا، والعقل قاعة من المرايا التي نُسميها الأفكار، بعض هذه المرايا مقعّرة تُصغِّر صورة حدث ما، وبعضها مدبّبة تُكبِّر صورة الحدث الأخر، وقِلةٌ منها تُبقي الأحداث على حجمها.. ص 51.

- لكُلِّ شخص في هذا العالم فكره وتوجهاته وفلسفته النّقية وطريقة نظره للعالم عموماً.. وطالما هذا الشّخص لم يجلب لك أي أذى، فكل ما يُفكر فيه أو يقوله أو يفعله ليس من شأنك.. ص 52.

- ما حدث لم يكن نصراً كاملاً لأسعد به ولم يكن الخسارة الكاملة التي كنت استعد لها.. بل كان شيئاً في المنتصف، وأشياء المنتصف هي الأكثر ألماً، والأكثر أذية.. ص 55.

- المعنى، لأجله نعيش ولأجله نموت ودونه نقع ضحايا المنتصف.. ص 57.

- عليك أن تدرك أن بقدر ضرورة أن يكون لحياتك معنى، فَمِن الضّروري أيضاً أن تكون حياتك في آمان، أن تحفظ هذا الجوهر النّقي من الفناء.. ص 58.

- لديّ إيماني الخاصّ بأنّ الّذين نُحِبُّهُمْ حقاً لا يرحلون أبداً، إنّهم يبقون داخلنا، جُزءاً مِنّا للأبد.. ص 61.

- قيمة الأدب الحقيقية أن يجعلك تعيش حيوات بعيدة وعديدة... يفتح أمامك وجهات نظر معاكسة، مُريبة، أن يُجدِّد أفكارك الرّاكدة ويأخذك لعوالم مجهولة.. ص 72.

- عليك أن تكون ما يطلبه منك حلمك؛ أن تكون قبل أن تطلب منه أن يكون.. ص 78.

- أسمى وظائف الكتاب ليس أن يمنحنا معارف جديدة بل أن يُبرز لنا معارف كانت موجودة داخلنا دون أن ندركها.. أن نفهم مسمياتها وماهيتها وغاياتها.. ص 79.

- العالم ليس ما نظنه عليه، فما نظنه العالم ليس هو العالم حقاً بل انعكاس أفكارنا حولها.. ص 83.

- على الفكرة أن تحلم وعلى الحلم أن يفكِّر.. ص 84.

- الحياة تأخذنا دوماً بعيداً عمّا نود فعله إن لم نفعله في أوانه الأول.. ص 85.

- أولئك الذين يعيشون دونما معنى هم نوعان؛ نوع يعيش دونما فكر، وأولئك يعيشون في سعادة حيوانية لا حد لها. أمّا من يعيشون في حضور الفكر وغياب المعنى فسيلقون كل شيء بالغ الألم.. ص 90.

- المعنى هو ما يُنْقِذُ الإنسان، لكن لا يمكن أن يكون المعنى هو نفسه لدى كلّ واحد منّا، فمثلما لكلّ إنسان بصمة أصبعٍ تُميّزه عن سائر البشر، فهناك معنى وغاية خاصّة بكلِّ إنسان تُنْقذه من أن يتهاوى ويذوي.. ص 91.

- ربما الضعف الذي أعيشه ويعيشه كل رجل تجاوز الستين سببه نقص الحاجة: الاكتفاء الدّاخلي والخارجي وذلك الشُّعور المقيت بأنك ناضج وما عدت تريد أو تحتاج هذا الشَّيء أو ذاك، وتكتفي ببساطة بالأكل والشُّرب وفي أحسن الأحوال ممارسة الجنس.. ص 112.

- القلب يرتب الذِّكريات كما يريد هو، لا كما حدثت هي.. ص 117.

- إخبارك لشخص ما بمخاوفك هو أن تعطيه كبرياءك كاملاً فيكون بيده أن يحطمه أو أن يحفظه.. ص 139.

- لا يمكن أن نجد حلاً واحداً كُلّياً لجميع المشاكل.. لا يمكن أن نجد حلاً للحياة بأكملها.. ص 139.

- يقولون إنّ النّظر في العيون لغة، إننا حين ننظر في عيون غيرنا، أو ينظرون في عيوننا، فإننا نبعث بالعديد من الرّسائلِ التي قد لا تكفي الكلمات لنقلها.. ص 148.

- كلّ أصدقائي خطفهم الموت والكبرياء الزّائف والنّسيان.. كانوا يسقطون كورقات هبّت عليها رياح الخريف.. ص 153.

- أحياناً.. بل غالب الوقت، لا نفعل الشّر لرغبة خالصة بالشّر. وأغلب الأفعال الشّريرة بهذا العالم لم يكن سببها سوى التّردد والخوف، الكبرياء الزّائف.. أحياناً نفعل الشّر ليس لأننا نريده.. بل لأننا لا نملك من القوّة والمعرفة كفاية لتجنُّبِه.. ص 157 .

- المعنى الذي يُلازمنا كبشر، نحن خلقنا من تُراب وضعف وأفضل ما يُمكننا فعله هو أن نُحِبّ لكي نُزهِر، وقبل كُلّ ذلك يجب أن نُحِبّنا، نعرف ضعفنا، أن نُسامح بعضنا ونسامح أنفسنا أيضاً.. ص 158.

 

أ. السعيد بوشلالق

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم