صحيفة المثقف

بكر السباتين: بين المواطنة والتسحيج على هامش مهرجان جرش..

بكر السباتينيتعرض مهرجان جرش للثقافة والفنون الأردني الذي أطلق قبل أيام، إلى حملة شعواء من قبل المواطنين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدأ بانتقاد أسعار التذاكر في بعض الحفلات التي وصلت إلى 300 دينار مقارنة إلى ظروف المواطنين المتردية، وصولاً إلى التعليق على سقوط ماجدة الرومي مغشياً عليها ثم العودة إلى المسرح سالمة غانمة، بالإضافة إلى المبالغة في استقبال المطربين ومنهم نجوى كرم في المطار.

 وفي نظري أن الانتقادات وإن بدت موضوعية في جوانب منها، إلا أنها تعتبر من المخرجات الإعلامية السيئة للمهرجان ويمكن تقديرها أيضاً في سياق نفسي واجتماعي بأن الكيل طفح لدى الناس وهم يعانون من فقر مدقع وأحوال اقتصادية متردية دون مراعاة لظروفهم من قبل المستهترين.

وحتى نكون منصفين، يجب أن نفرق موضوعياً بين المواطنة والغيرة على الاستثمار من جهة والتسحيج المهين من جهة أخرى، بدراسة تعليقات الأردنيين المتضاربة -بكافة مستوياتهم الثقافية والاجتماعية-  على حفلات: ماجدة الرومي ونجوى كرم وعمرو ذياب.

فثمة من يدعي بأن مهرجان جرش مشروع استثماري ناجح وله عائدات مجزية على قطاع السياحة دون أن يحدد المعايير التي تقاس عليها النتائج فيما يتعلق برأس المال التشغيلي والإيرادات وتحديد مصدرها على قاعدة أن ما يدخل الأردن من أموال الغير يُعتبر عائداً إيجابياً أما ما يخرج من البلاد من أموال يشكل نزفاً مالياً، وهذا يسترعي معرفة عدد الذين أقبلوا على المهرجان من سياح قدموا من خارج الأردن؟ وكم أدخلوا معهم من الأموال؟ بالمقابل كم تقاضى الفنانون المشاركون في المهرجان من أموال خرجت من الوطن لتستقر في جيوبهم؟ وبالتالي فإن الفرق سيفصل في الأمر فيما لو كان المهرجان ذا فائدة للوطن أم أنه مجرد استثمار داخلي كبد المواطنين خسائر باسم الترفيه لتصب في خزينة الدولة" وزارة السياحة" أو شركائها في القطاع الخاص.. دون وجود ميزانية "وطن" تبين الفرق بين الخارج من أموال والداخل إلى الأردن منها.. من خلال احتساب إجمالي الربح أو الخسارة على صعيد الوطن وليس فقط احتساب العائدات المحلية على الاستثمار في إطار ثمن التذاكر ناقصاً النفقات. مع تجاهل عوامل الوضع الأخلاقي والاجتماعي والمالي والصحي وتجلى ذلك في تعليقات كثيرين عبر مواقع التواصل.

أيضاً هل العدالة في التعامل مع المشاركين كانت موضوعية وعادلة من حيث الإقامة والاستقبال ودفع المكافآت للمشاركين الأردنيين رغم مجانية حفلاتهم من باب التشجيع والتقدير؟ فماذا لو قورن بين استقبال نجوى كرم وماجدة الرومي المبالغ فيه، مع استقبال الفنانين الأردنيين البسيط والذي جاء من باب المجاملة ورفع العتب كما يقول معلقون!

 والنتيجة أن الفارق كبير بين الأمرين!

 ولكن ما السبب الذي يقف وراء ذلك!..

 أحد الخبثاء يقول بأنه مُرَتَّبُ النقص إزاء ما هو غير أردني!! وهو أمر لا أميل إليه.

أيضاً هناك من يدعي بأن المهرجان راعى شروط السلامة بشأن كوفيد 19 أسوة بالإجراءات الوقائية المتخذة في المساجد التي تسترعي التباعد بين الناس أثناء الصلاة أو بفرض التباعد بين المتزاحمين في الحفلات الخاصة، وهذا هراء ومكشوف للقاصي والداني لأن التزاحم الخانق في مدرجات المهرجان  شوهد عبر الفضائيات.. فكل من يخالف الحقيقة فإما أنه أعمى وعديم البصيرة، أو سحيج يبتغي رضا القائمين على المهرجان لمآرب شخصية.

ومن وحي كل ذلك لدي سؤال وخاطرة:

ترى! هل العلاقات بين الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعدما خفت اللقاءات الوجاهية في المناسبات الخاصة وحصرها على الهواتف أو النت؛ أصبحت مجرد صراعات يتعالى صوتها حتى درجة الاحتدام، أو يتخافت إلى مستوى السكينة! لذلك يخرج علينا حكماء يضغطون باتجاه خفض الصوت ويتمتعون برتبة "مصلح اجتماعي محترم"، مقابل محرضين يؤججون الموقف إلى درجة التصادم برتبة "شيطان مُقَنَّعْ، وربما سحيج يقف مع الأقوى ولو على حساب المبادئ، أو منافق بدون ملامح، يبحث عن الفتات بين مخلفات المعارك العبثية.

صباحكم محبة وصداقة نحرص عليها، وأخرى نصنعها بعد تسوية الحقوق، وعداوة نبتغي تحيدها ما أمكن بالحوار، وبركان لا يتنفس فينا إلا إذا فتح فوهته من يرفض الحوار.

 

بقلم: بكر السباتين

24 سبتمبر 2021

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم