صحيفة المثقف

صادق السامرائي: الموت المستحيل!!

صادق السامرائينتصرف وكأننا نعيش أبدا، ولا نستطيع إستيعاب أننا سنموت، فالموت في وعينا الخدّاع أمر مستحيل، وعلينا أن نتفاعل ونملك الدنيا ونقبض على عنقها، وواقع سلوكنا يوحي بأننا في حالة ذعر وهروب دائب من وحش الموت، فنطارد سرابا، حتى تخور قوانا ونفقد وعينا ويأكلنا التراب.

وفي نهاية المطاف تجدنا قد تجهزنا، وإنطبخنا على مدى سنوات حياتنا، لنتحول إلى لقمة شهية لتراب يجوع.

فما قيمة ما نقوم به من صراعات ونزاعات، للهيمنة على بعضنا وتدمير ما يشير لكلنا، إنها حالات وهمية تدفع بنا لتأدية طقوس الإنتحار الجماعي، وتساهم بإنجاب فردٍ ضروس يقودنا إلى سقر ونحن صاغرين.

الكثيرون في العقد الثامن والتاسع، ويتحدثون بلغة مقتبل العمر، وينطلقون في مشاريع جديدة، ويحسبون أنهم مخلدون، وأحتار لهذا السلوك المعفر بإرادة نفس لا تقنع ولا تشبع وتبقى تريد.

زميلي مصاب بمرض عضال لن يمهله طويلا، لكنه كمن بدأ الحياة لتوه، وأحتار بمشاريعه التي لا تنتهي، وبقدرته على العمل بطاقات غير مسبوقة.

فهل أن سر البقاء يكمن بالإصرار على صناعة الحياة، وتحدي الزمن وما يتسبب به من عاهات ومعوقات للقدرات؟

إنها حالات بشرية متكررة ومتواصلة، لا تعرف الهدوء والإستقرار، فكل مخلوق يجري في نهر الوجود  الدفاق، ويتمسك بكونه موجود خالد، وإرادة الجريان تتسبب بأضرار جسيمة لكل حالة ثابتة في التيار، لإنها ستتعرى وتتعرض لسطوته الفاعلة بالموجودات.

وننسى بأن الأرض تدور، وتطحننا وتستلب طاقاتنا، لأنها تريد وقودا يديم دورانها، ويساهم في تقلبها تحت نيران الشمس، التي لو توقفت تحتها للحظات لتحولت إلى حريق.

فهل أن الأحياء تموت حقا، أم أنها تستحيل إلى مآلات، في أفلاك الدوران القابضة على مصير الموجودات المنبثقة من رحم التراب.

تساؤل محيّر، وما نقوم به يبدو كالهباء، وكأننا نمضي إلى مدينة العصف المأكول.

وكل موجود إلى أفول وذبول!!

 

د. صادق السامرائي

9\6\2021

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم