صحيفة المثقف

صادق السامرائي: زكي نجيب محمود أديب الفلاسفة!!

صادق السامرائيفيلسوف ومفكر وأديب مصري عربي (1\2\1905 – 8\9\1993).

يمتلك نظرة حضارية علمية معاصرة، جاهد لتأكيدها منذ الربع الثاني من القرن العشرين، ومضى بعزيمة وثابة وإندفاع لهّاب، متحديا الصعاب والمصدات والمعوقات.

فإنطلق بمشروعه النهضوي بعد تحليل عميق للواقع الذي إنغمس فيه، وفكك عناصره الداخلة في معادلاته، الناجم عنها ما يعتريه من العاهات والأوصاب، المانعة لحركته وتحقق جوهر أصله.

فرفع رايات العلم والتفكير العلمي، وضرورة الإقتراب الجاد من التحديات بعقل حرٍّ فعّال، قادر على الإبتكار، ووضع الحلول الناجعة للمشكلات، بعيدا عن إملاءات التقليد الأعمى والنقل الفتاك، الذي توشح بهالات القدسية، وبدى كمسلمات وبديهيات،  لا تقبل التفاعل العقلي، ومجابهة السؤال.

ومضى مبشرا بمنطق العقل، ورائدا في طرح الفكر الفلسفي للناس، بعيدا عن صوامع الإختلاء والترفع عن نهر الحياة.

وكان واثقا بأن الأمة لن تتقدم إلا بالعلم، فمثلما كانت بالعلم فبه ستكون، في حاضرها ومستقبلها، وتخلي الأمة عن العلم الداء الأكبر الذي ينخر وجودها المهيب.

وما تميز به،  إهتمامه بالمقالة الأدبية، فرافق مجلة الرسالة منذ صدورها (1933)، وأصدر مجلة (الفكر المعاصر)، وتواصل بمقالاته الأسبوعية الأدبية في جريدة الأهرام منذ (1973) حتى آخر أيامه.

ويُعَد من أروع كتاب المقالة الأدبية، ذات القيمة التنويرية والمعرفية، الضرورية لتفعيل العقل، وتحفيز الأجيال على الإقدام والمثابرة والإبداع الهمام.

كما أنه إبتكر العديد من المصطلحات الفلسفية، وركز على المعنى والكلمة، ودورهما في نقل الفكرة وإظهارها.

وإهتم بالتراث العربي وجاهد في إستحضار روائعه، ومزجها بالمعاصر من المعارف والثقافات، للوصول إلى ما يمثل الأمة ويترجم شخصيتها الحضارية.

وكتب سيرته الذاتية بثلاثة كتب: (قصة نفس، قصة عقل، حصاد السنين).

ومن مؤلفاته: أفكار ومواقف، تجديد الفكر العربي، وجهة نظر، أسس التفكير العلمي، نظرية المعرفة، جنة العبيط، رؤية إسلامية، جابر بن حيان، الشرق الفنان، الكوميديا الأرضية، من زاوية فلسفية، المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، في حياتنا العقلية، في مفترق طرق، حياة الفكر في العالم الجديد، هموم المثقفين، نافذة على فلسفة العصر، قيم من التراث، عربي بين ثقافتين، وغيرها.

قال عنه عباس محمود العقاد: "إنه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، فهو مفكر يصوغ فكرهُ أدباً، وأديب يجعل من أدبه فلسفة"

هذا عَلم من أفذاذ الأمة التي لا تخلو من عقول ذات إرادة إنسانية ومعرفة عالمية كونية، تطرق على رؤوس الأجيال لتوقظها من رقدة الإستسلام، والتراخي وفقدان الثقة بالذات والموضوع، وتدلها على صراط المجد الرحيب.

ولن تنكسر أمة تلد بوصلات إرشاد إلى مرافئ السموق.

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم