صحيفة المثقف

حشاني زغيدي: رسالتي لأساتذتي.. أول الخطى

حشاني زغيديبمناسبة اليوم العالمي للمعلم الذي يوافق الخامس أكتوبر من كل سنة، أجدد أنفاس مقالي المنشور، يحملني لأيام ماضية، أكسبتنا دروسا لا تنسى، أهدي مقالي لأساتذتي لأصحاب المئزر الأبيض و المحفظة والقلم، لهم أهدي مقالي

بينما كنت أعيد سجل أرشيف الذكريات، أخذني حنين للماضي المشرق، أقلب دفاتر ذكرياتي حين كنت في بداية طريقها، أشق خطواتي الأولى، نحو مهنتي التي شرفها الله ؛ مهنة تربية الأجيال وصناعة الرجال، تخيلت نفسي أنني أحمل أجمل رسالة وأشرف مهنة، أعددت نفسي لأكون جندي    فكرة، أحمل هدفا،  أنشد طريقا مميزة، طريق سار عليه أفضل الخلق .

جعلت نصب عيني، أن يكون جهدي وتعبي مرضاة لربي ، أرجو رحمته وثوابه، فأكون مثل تلك الشجرة الطيبة الظليلة المثمرة ، ذات النفع الوافر، والخير العميم.؛ شجرة تضرب بجدورها الأرض، لكن أصلها في السماء يقول عزّ من قائل: ” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ” سورة إبراهيم : الآية رقم 24 .

أحببت أن أكون مثل تلك النحلة، التي تتغذى بأطيب الرحيق، فتخرجه عسلاً صافيًا صائغا غذاء و دواء، فتأملت تلك الحشرة النافعة وجدتها أخذت بكل أسباب النجاح، انضباط شديد، جهد مضني وثقيل، وإتقان في غاية من الروعة في انجاز المهمات، رافقتها قيادة راشدة للفريق فقلت في نفسي : كيف لا نتعلم من هذه المخلوقات المبدعة؟!

لك أن تأمل أستاذي تلك الآيات الرائعة لقصة نجاح مبهرة ، صنعتها مخلوقة صغيرة يقول الله تبارك وتعالى: (وَ أَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (سورة النحل آية 68 ـ 69).

دربت نفسي أن أعيش حياة الجماعة التربوية، نعيشها  أسرة لها أركان و أعمدة ، تحميها أسس متينة.؛ قوامها التفاهم، والتعاون والتكافل،نعيشها  أسرة واحدة، جماعة تربوية، تتبادل فيها الخيرات والتجارب من خلال التنسيق في كل المسائل التربوية و البيداغوجية.، نعيشها جماعة تبعث في أفرادها روح البحث والمطالعة ننمي  الموارد والمهارات، فاستفدت من خبرة المدير القائد والمشرف المتمرس وخبرة الأستاذ الضليع في تخصصه صاحب الخبرة الطويلة، فصقلت مواهبي فسهلت مهمتي .

رغم تلك المؤيدات إلا أن وجود التربية الذاتية لها دورها فهي محرك الانطلاق لأن كل تأثير خارجي في الحركة مفعوله أقل بكثير، فرسمت طريقي فألزمت حياض العلم، فتسلحت بالأخلاق الفاضلة و. استكملت نقصي المعرفي و. اجتهدت في تطويري خبراتي ومهارتي ومواردي؛ لأسير على ثقة لأنني كنت على يقين أن طريق سيري طويلة، وأتعابها كثيرة، ومهامها متعددة؛ فسرت نحو هدفي، أعمل بخطى ثابتة؛ لأسعد نفسي، وأسعد غيري، وأساهم مع الخيرين من أبناء وطني.

أستاذي المحترم أحببت أن يكون آخر كلامي أبيات معطرة من الشعر، في وصفة دواء شافية لسالك طريق التربية والتعليم؛ لأن الأستاذ إذا أفرع من الخلال الكريمة فلا فائدة ترجى، ولا أجر يحصل يقول شاعرنا وهو يقدم عصارة تجاربه في أبيات غاية في الروعة والفائدة:

وليس بمنسوب إلى العلم والنهى

فتى لا ترى فيه خلائق أربع

فواحدة تقوى الإله التي بها

ينال جسيم الخير والفضل أجمع

وثانية صدق الحياء فإنه

طباع عليه ذو المروءة يطبع

وثالثة حلم إذا الجهل أطلعت

إليه خبايا من فجور تسرع

ورابعة جود بملك يمينه

إذا نابه الحق الذي ليس يدفع

فاللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه في كلِّ وقتٍ وحين، وفي كلِّ مِلَّةٍ ودين، وفي العالمين إلى يوم الدِّين .

 

الأستاذ حشاني زغيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم