صحيفة المثقف

صادق السامرائي: الإنجازية الغائبة والشخصنة الغالبة!!

صادق السامرائيمناهج تفاعلنا مع الواقع الذي يواجهنا لا تقيم وزنا للإنجاز، فتنبهر بالشخص وتضفي عليه ما ليس فيه، وتخرجه من بشريته وتتعبد في ظلاله، ولا تتساءل عن إنجازاته وقيمتها ودورها في الحياة العامة.

الشخص كما نراه لما كما هو، وبموجب التصورات الفاعلة فينا يبدو أمامنا، ولا يحق لنا أن نتعامل بعقل لفهم ما يتصل به وما يقوم به.

فحالما تتأكد الصورة بأذهاننا، وتتجسد معانيها في لا وعينا، نؤطرها بطاقات إنفعالية، ونلونها بعواطف متأججة، فتعمينا عن الأعمال التي يقوم بها، فلا نراها ونراه وفقا لما ترسخ فينا عنه.

ولهذا فالعملية الديمقراطية في مجتمعاتنا فاشلة، وتحمل أضرارا وترعى فسادا، لأن الإنجاز مغيَّب ولا قيمة له ولا معنى، والمهم الشخص بذاته، وما يتصل به من هالات أوهام وهذيان.

فإذا قالوا أن الشخص الفلاني كذا، فأنه كذلك ولا يمكن تغيير صورته والنظر إلى إنجازاته، لأنه كما يُرى لا كما هو.

وهذه معضلة سلوكية فائقة النتائج السلبية على مسيرة المجتمع وتطوره، وتشير إلى جمود وتعثر في الفهم والإدراك، وعدم القدرة على تقرير المصير، مما يشجع القوى الطامعة للإندفاع نحو الإستثمار في تأمين مصالحها، وسط إضطراب المفاهيم وإنحياز الناس لإرادة المجهول.

والسلبي يتأتى من الإقترابات الأصولية الفاعلة في المجتمعات، التي تنكر ما هو نسبي وتتمسك بالمطلق، وما يتصل به من مسلمات جامدة، تحث على تعطيل العقل، وتعويق الإرادة المنوّرة الساعية إلى الإشراق والتعبير عن الصورة الأمثل.

ولكي نتغلب على ما نتخندق فيه، يتوجب إعمال العقول وتفاعلها وتواصلها، ووعيها لمفردات وعناصر الواقع القائم ومتناقضاته، وتفعيلها للوصول إلى آلية ذات قيمة حركية إيجابية، قادرة على التغيير والتوثب والإنطلاق الوجيه.

فهل من عقول ذات رؤى لتنير؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم