صحيفة المثقف

صادق السامرائي: هل توجد صحة نفسية!!

صادق السامرائيتعددت تعريفات الصحة النفسية وتنوَّعت، وما أوصلتنا إلى ما تريده من التفاعل الإنساني الحيوي، الذي يمكن أن يكتسب عنوان الصحة النفسية أو العافية النفسية.

ولا بد من التساؤل أولا : هل توجد صحة نفسية؟

وهل يمكن عزل الصحة وتجزأتها إلى تنوعات صحية؟

إن الإنسان أو أي مخلوق حي موجود متكامل متفاعل بكل ما فيه مع ذاته وموضوعه، ولا يكون مقسما إلى كينونات أو صناديق معزولة عن بعضها، فنقول صحة نفسية وعقلية وبدنية وقلبية ومعوية وجلدية وعينية وسمعية وحركية، وغيرها مما يتصل بالمخلوقات من أفعال حيوية وفسيولوجية.

إن القول بالصحة النفسية على أنها حالة معزولة عن الواقع البيئي للبشر لا يعني شيئا، ولا يساهم في توفير المناخات الإيجابية لتفاعل إنساني طيب رحيم.

فالواقع الحقيقي والجوهري للمخلوقات يشير إلى التكامل والتواصل والتفاعل، المساهم في تحقيق نشاطات وتطلعات  المخلوق مهما تنوعت وتعددت.

وعليه فأن التعبيرات التي نطلقها لتوصيف ما نتصوره، لا يمكنها أن تكون صحيحة أو سليمة،  أو مستوفية لشروط ومنطلقات ما تذهب إليه.

ولهذا فمن الأصح الكلام العملي والواقعي عن الصحة البشرية، بما يحقق سلامة السلوك والتفاعل ما بين الناس وفقا للمصلحة العامة، ويأتي في مقدمة ما يحتاجه البشر هو الشعور بقيمته ودوره وأهميته في الواقع الذي يكون فيه، ولديه ما يعطيه للحياة في رحلته، التي تطول أو تقصر لكنها ستنتهي ذات يوم.

فما هي الصحة البشرية؟

إنها بيئة صالحة للحياة الحرة الكريمة، وسلامة بدنية قابلة لتأهيل العقل للتفاعل مع محيطه بإيجابية وسلامة وأمان، بعيدا عن الإحتقان بالشرور والمرارات القهرية والتدميرية للمخلوق ومحيطه.

أي أن الصحة البشرية لا يمكنها أن تختصر بالنفسية، وإنما تشمل الوعاء الشامل للمخلوق أيا كان نوعه وجنسه.

ولا توجد عافية نفسية إذا إنتفت شروط الحياة الحرة الكريمة في المجتمع، وعندما تغيب قيمة الإنسان وتضيع كرامته، فالحديث عن الصحة النفسية يكون هذيانا أو تخريفا، وتحليقا في فضاءات الفنتازيا، والتغني بالتصورات الخالية من أي رصيد واقعي.

فهل لنا أن نعيد النظر برؤيتنا عن الصحة النفسية؟!!

 

د. صادق السامرائي

10\2\2020

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم