صحيفة المثقف

عبد الجبار العبيدي: أيها العراقيون اصنعوا دولة الوطن.. الغرباء لا يصنعون لكم وطنا؟

عبد الجبار العبيديلا توافقا وانسجاماً بين الوطن والخيانة، فهما ضدان لا يجتمعان، ونقيضان لا يتفقان.. لذا فمن اعتقد بأتفاقهما يعانون اليوم من انكسار يتعرضون له لا يشفيه التظاهر بقوة السلاح والكثرة العددية ومبررات الدين.. أنه فراغ كبير لا يمكن ان يملؤه بأنفسهم، فهو جرح عميق يستعصي على الشفاء فهل يدركون..؟.

ايها العراقيون.. جروحكم في الوطن لا يمكن ان تندمل، الا اذا أكتشفتم تجربة الخطأ أو محنة الانكسار في توجهاتكم بعدها يمكن ان يعم الامل بينكم بعد الذي اصابكم. يا اصحاب تاريخ الحضارات.. أقرأوا التاريخ قراءة معاصرة.. وانظروا لمستقبل وطنكم بمنظار القرن الواحد والعشرين لا بمنظار السالفين أو التابعين من اصحاب نظريات الركوع للأخرين.. أضيفوا لتاريخكم فلسفة الوجود والمعرفة والتشريع والاخلاق والجمال والاقتصاد والحقوق والتاريخ.. منكم خرجت الكتابة.. ومن اشجاركم صنع القلم.. لذا فأنتم دوما محط أنظار الحاقدين الذين جرعهم عراقكم السُم.. من أعداء الوطن.. لكن الحقيقة يجب ان تقال فأنتم من قصر بحق الوطن.. فالوطن يناديكم اليوم ليتخلص من اعدائه القاتلين .

أختاروا حياتكم النقية بالأيمان بصيرورة الزمن (التطور) الذي يجب ان يكون قانونكم.. ولولا تقصيركم بأنفسكم والوطن بعد ان أغرتكم الدنيا ونسيتم ما كنتم به تدعون من اخلاص للوطن ففضلتم الباطل على الحق.فنسيتم الوعد والحق والقسَم.. فحلت بكم لعنة التاريخ كما حلت بقوم نوح حين خانوا الله والقسم،فاغرقهم الله في بحره ولم ينجُوا منهم احد حتى ابنه الفاقد للقيم .أصحوا على زمانكم فالغريب ومرجعياته الساكنة في الدهاليز لن ينفعكم بخزعبلاته التي عفا عليها الزمن .

فلا تهرولوا خلف الغرباء الذين حملوا السلاح وقاتلوا الوطن وهم يدعون انهم من الوطن.. هؤلاء المؤمنون بالشعوذة والماورائيات والشهادات العلمية المزورة التي بها صعدوا لمناصب الحكم،والذين باعوا حتى الذي لا يباع من اجل تدميرالوطن،وسرقة الوطن،وأحتكروا بقوة السلاح مناصب الوطن،وقتلوا علماء ومفكري الوطن،وشباب وشابات الوطن،واشاعوا كل خطأ وفاحشة في الوطن.. اليوم يرفضون نتيجة الانتخابات ويدعون انها مزورة.. فلا أدري كيف يفهمون هؤلاء من نظرية التزوير يوم زوروا وباعوا حتى الحجر، وحكم الوطن..

لكن لا عتب لمن فقد اخلاق الوطن والزمن معاً.. وتنكر للأرض والماء وسماء الوطن.. من أصحاب نظريات الوهم الديني المذهبي الذين غلفوا كل باطل بغلاف الدين وفلسفة المتخلفين.. فعندما يرفضون حق الوطن وشعب الوطن.. هنا تكمن عقيدتهم في الوطن فأحذروهم.. لأنهم أعداء التطور والقانون وحقوق الآدميين.. في الوطن.. وهم وأنتم ايها الشرفاء على طرفي نقيض من محبة الوطن..

اليوم ايها الاخوة علينا اليوم ان نختار أحتمال الألم ومشقة الدرب الطويل جزاء تفريطنا بالوطن.. نعم نتائج انتخابات تشرين اليوم على علاتها أظهرت ضرورة ان تدقوا ناقوس الأصلاح بما ترغبون وتريدون ولا تتراجعون.. بعد ان أنحسر الباطل ولو نسبياً منهم، فهم كالثعبان مالم يسحق رأسه يبقى ينفث سموم الزمن.. لذا حينما شعروا بزوال الزمن عنهم جاءهم القاتل الكبير مهرولا من خلف الحدود يخشى على اللاوجود من ان ينهزم ويتعرى اصحابه فُساق الوجود. غبي من يعتقد انه سيحتل العراق ليمنحه هدية لاعداء الوطن مادام فيه رجال الوطن.. قبلهم البويهيون والسلاجقة وكيف اصبح مصيرهم في الوطن.. هكذا هوالعراق المنتصر عبر الزمن.... لن تغلبه بقايا نفايات الزمن.

نقول لكم.. ان كل الذين كفروا بالأوطان وكذبوا على التاريخ امام المحتل من اجل تدميره قبل2003 يجب ان يقدموا لمحكمة التاريخ وسيقدمون.. وسيشهد عليهم الغاصب اللئيم.. فتاريخنا وقوانينا الحضارية الأساس افضل من "قوانين الماكناكارتا الأوربية وهي اول مدونة قانون كتبت للأوربيين عام 1215 لصيانة الحقوق " والتي حاسبت كل الأوربيين اللا مخلصين بحق اوطانهم حتى صنعت لهم وطن.أما نحن فقد سبقناهم في لوائح القانون فكانت شريعة آوركاجينا السومري، وقوانين حمورابي البابلي، والوثائق الاشورية النينوي هي "مكناكارتا " العراقيين اليوم في هذا الزمن هذه القوانين التي ينكرها علينا عدوالزمن والوطن..

ان الذين أجتاحوا تجربة الانكساربعد ان آمنوا بالحق في الوطن هم الذين استطاعوا ان يضعوا ذواتهم على مذبح الحرية في الوطن.فالقلب المخلص للوطن هو الذي يطلب عمق العطاء للناس ليرضى عليه تاريخ الزمن.. ما دهاكم كل هذا الاعوجاج من اجل نفسٍ ما أمنت بوطن.. الاعتراف بالاوطان هو اعتراف بالله الذي يتطلب التضحية الخالصة من اجل الرضا والشعب.. ما دهاكم.. نسيتم كل وعظ الانبياء والرسل والوصايا العشر وقصص الانبياء وما حل بالغادرين في الزمن.. اين هولاكو وجنكيز خان وملوك الامويين والعباسيين بعد ان خانوا الله والزمن.. ؟ فتجربة الانكسار التي تمرون بها اليوم ايها العراقيون النجباء بحاجة الى معرفة حقوق الله في الزمن.. فاين يهرب من قصربحق الله والوطن غداً..

ما فشلت دولة الاسلام والمسلمين الا.. لأن القائمين عليها منذ البداية لم يضعوا لسلطتهم تشريعاً للقانون.. فظل الحاكم يحكم بلاشورى القانون.. فالذين كتبوا الدستورللعراقيين قبضوا الثمن الرخيص من المحتل دون ان ينظروا الى مصلحة ومستقبل الوطن بعد ان زجواالشريعة في خطأ التدوين "المادة 2 من الدستور".. ولكن لا عتب عليهم حين كانوا غالبيتهم من الغرباء الاجانب عن الوطن.. فأدخلوا الناس بخيانتهم في حيرة الزمن.. لذا كان لابد من تنظيم جديدلانتزاع الوطن من الباطل الجديد..فكانت ثورة تشرين العظيمة بأبطالها الميامين التي فاقت ثورة العشرين.. والتي عوملت منهم بقساوة المغول للعراقيين.

هذا الموقف السلبي من التغيير.. جعلنا نطالب بقتلة وطن العراقيين.. واختيار السلطة من الشعب، وتحديد سلطة الرئاسة والمسئولين،وكيفية اختيار الموظفين،وكيف يكون تعيينهم، وكيف تحدد رواتبهم،وما هي وسائل الرقابة عليهم.... بعيداً عن محاصصة المحتلين التي افسدوا فيها كل قيم وقوانين الوطن.؟ولم يستجيبوا الغاصبين.. ولازالت.. هذه هي مبادئهم الى اليوم، فالذئاب لا تؤتمن وان شبعت من لحوم البشر تبقى عدوةالبشر..

رغم أقرارنا منذ البداية بأن الطمع والخيانة رافقت التغيير فقلنا لهم اعدلوا اقرب للتقوى والا ستكونون خاسرين ايها المتربصون بالوطن فعمر الغريب ما حنَ على وطن .فكانت العمائم الخضراء والسوداء والبيضاء هي اول من وقع على قتل وتدمير الوطن عام2002 في مؤتمر لندن البغيض حينما حاصرهم.فردوا علينا بأن هذه كلها اجراءات ادارية بها يمكن ضبط امور الدولة.. لكن المال والسلطان أغراهم كما أغرى الشيطان آدم وزوجه بالأكل من الشجرة.. فتخلوا عنها حتى اصبحت الدولة سلطة بلا حسيب او رقيب ناقصة التطبيق للدستور والقانون.. لذا لابد من وجود حلول لها،والتفكير بها جدياً.. لان التصرف الكيفي اليوم بحق الدولة والمواطنين اصبح يصرفنا عن التفكير بشكل خطير.. وليس في الدنيا أخطر من العيش بدون تفكير.. مصحوبا بمبدأ وحدة الامة في الدولة ليتربى الصغير والكبير على الامانة والعدالة ووحدة المصير.. بعد ما خططوا كل الغرباء لأفساد الضمير.

هنا يجب ان يتدخل القانون.. بعد ان تخلى فقهاء الدين عن حقوق الله والناس ولم يحددوا قواعد القانون.. نحن لسنا ضد احد بل نريد الحقائق ان تكشف في التطبيق وهذا من حق المواطنين ان يعرفوا اين ذهبت اموالهم ومن قتل ابناؤهم دون وجه حق .فاذا جاءت سلطة الدين من اجل السلطة والمال والمنصب وظلم الاكثرية فنحن لسنا بحاجة لمؤسسة الدين..

كثيرةُ هي الشعوب التي تقدمت ووصلت الى اعلى مراحل الحقوق.. ولم يكن لديها دين كما في اليابان والصين.. وأصحاب مذاهبنا الدينية تفرق بين المواطنين .يحاسبون المواطن على الاسم واللقب بقانونهم المذهبي الكريه الذي يدعون به الدين.. فهل من اجل هذا جاء الدين للتغيير ؟ ألم يكن محمدا(ص) يرافقه في دعوته الآلهية بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي ان هؤلاء عليهم ان يتعلموا ويعلموا ان السلطة المغتصبة لا يحميها السلاح بل العدالة التي يحميها القانون.. فالرئاسة اذا تحولت الى ملك عضوض كسرويا، وغصبا قيصريا لم يعد بعد ذلك الا ما يجمع على الضلال والفسق والفساد فحذاري من زمن الاختراق على الحقوق.. فالعدل مطلق وبآية حدية لا تقبل الاختراق في الحدودً ان كنتم تؤمنون بدين.. ايها المعتدون؟.

فاياكم ايها الحاكمون الظالمون الاستئثار بالفيء وتعطيل الحدود بالشفاعة والقرابة من جنس جحد الاحكام المنصوصة، والشرائع المشهورة، والسنن المنصوبة.. اياكم والاختراق.. فالحقوق هي مسئولية الجميع وهي تقع على عاتقكم فلا تسمعوا الجهلة والمتخلفين من قادتكم.. وانا اقول لكم كمظلوم مثل كل المظاليم.. ان تحديد الفكر وتحريمه على الناس لا يأتي بخير ابداً.. كنا نأمل منكم ان تكونوا فكرا واصالة واسلوبا وعقلا لا يفكر الا باحتياجات المواطنين.وليس عميلا ينفذ جرائم المجرمين القاتلين.

وكلمة اخيرة نقولها : ان نظام الدولة عندنا هو القانون الاساسي وهو الدستور الذي يحدد الحقوق والواجبات.. ولكن دون تطبيق.. الا ما خلا حقوق وواجبات سلطة الظلم بلا قانون.. فماذا استفدنا من نظام ديني اهلكنا دون قانون..؟.. لا اظن ان احدا من المؤرخين اليوم يستطيع ان يدرس التفاصيل ويستطيع ان يقول حقيقة التاريخ عبر العصور.. الا اذا تجرد للحق دون خوف من مصير..

أيها العراقيون.. اليوم دولتكم..الحقوق فيها مغتصبة.. والقانون بلا قانون.. فأما تنتصروا لأنفسكم او تبقوا عبر الزمان عبيدا لمن يحكمون.نحن نحترم شجاعة من يقول الحقيقة أو بعضها.. فلا تلتفتوا اليهم فهم معذبون..

 

د. عبد الجبار العبيدي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم