صحيفة المثقف
سعيد ساجد: سُلَيْمَى
أَرَى فِي سَمَاءِ مُخَيِّلَتِي
مِنْ قَرِيبٍ سُلَيْمَى
يُطَارِدُهَا الْعِشْقُ كَيْ
تَرْتَقِي سُلَّماً فِي الْبَهَاءْ
وَتَمْضِي عَلَى خَطْوِهَا الْمُتَمَرِّدِ
لَكِنَّهَا لاَ تَرَى فِي رَحِيقِ الْوِدَادِ
سِوَى كُتْلَةٍ مِنْ صَفَاءْ
أَرَاهَا تَرَى مَنْفَذَا
كَيْ تُرَاوِدَ فِي شَمْسِ
بَهْجَتِهَا أَسْعَدَا
تَرَاهُ فَتىً عَاشِقاً أَبَدَا
كَثِيرَ الْوَفَاءِ كَعِشْقٍ
إِذَا مَا بَدَا
يَقُولُ لَهَا:
عِشْقِيَ الْمُجْتَبَى كُنْ صَدِيقِي
لِتُؤْنِسَ لِي وَحْدَتِي الْمُوحِشَةْ
أَنِرْ لِي طَرِيقِي
فَلاَ أَسْتَطِيعُ الْمُكُوثَ
بِبَيْتِ الْهَوَى مُفْرَدَا
فَكُونِي لِسِحْرِ النَّدَى مُنْعِشَةْ
لِأَنِّي أَخَافُ
أَخَافُ عَلَى نَبْضَتِي أَنْ تُمَسّْ
أُرِيدُ لِأَشْوَاقِنَا أَنْ تُحَسّْ
أَخَافُ عَلَى وَرْدَتِي
مِنْ عُيُونِ الْعِدَى
وَسِحْرِ الْوَصِيفَاتِ
حِينَ تُنَاغِي الْمَدَى
فَكُنْ يَا وَجِيبِي لَنَا سَنَدَا
مَدَى الْعُمْرِ نَجْنِ النَّدَى
وَصُبِّي عَلَيَّ رَحِيقَ الْبَهَاءِ
عَلَيَّ يَصُبُّ الصَّفَاءُ
سَمِيرَ السَّنَاءِ
وَبَرْدَ الْبَهَاءِ
وَوِرْدَ الرَّجَاءِ
لِنَمْضِي سَوِيَّا
وَنَقْتَسِمَ الْوَقْتَ
وَالدَّرْبَ
وَالْعِطْرَ
وَالسِّحْرَ
وَالشِّعْرَ
وَالنُّورَ
وَالْعِشْقَ
وَالسُّؤْدَدَا
أَرَاكِ سُلَيْمَى وَفِيَّةَ عِشْقِي
مَدَاكِ مُخَيِّلَتِي
فَمُخَيِّلَتِي تَنْتَشِي
مِنْ قَرِيبِ الْقَرِيبِ
أَرَاكِ مَدَى الْعُمْرِ أَحْلَى صَبِيَّةْ
فَدُمْتِ لِصَبِّكِ دَهْراً وَفِيَّةْ
تُلاَقِي كَمَا يَشْتَهِي
طَيْفُهُ أَسْعَدَا
فَرَاشَتِيَ الْعَاشِقَةْ
فُؤَادِي وَعِشْقُكِ هَا انْطَلَقَا
يَعْزِفَانِ قَصِيداً لِعِشْقِ الْجَمَالِ
وَفِي صَبْوَةِ الْإِلْفِ
لِلْإِلْفِ هَا اتَّحَدَا
يَقُولُ لَهَا:
عِشْقِيَ الْمُجْتَبَى
فَتَحْتُ لَكِ مِنْ مِسَاحَاتِ
قَلْبِي مَدىً أَرْغَدَا
أَتَأْذَنُ لِي ظَبْيَتِي
أَنْ أَكُونَ لَهَا
وَرْدَهَا الْمُشْتَهَى
فِي سَمِيرِ الْأَعَالِي؟
تُعَانِقُهُ فِي الطَّرِيقِ
فُؤَاداً يَدَا
وَتَلْبَسُهُ نَفْحَةً لَفْحَةً
مُهْجَةً جَسَدَا
وَرُوحاً كَرَعْدٍ
يُعَانِقُ بَرْقاً
وَمَا رَدَّدَا
مِنْ صَهِيلٍ
وَمَا غَرَّدَا
مِنْ هَدِيلٍ
يَجُولُ بِعِشْقَيْنِ هَامَا
سَنىً سَرْمَدَا
كَأَنَّ الْهُيَامَ اجْتَبَاهُ لَهَا
مُهْجَةً تُرْتَدَى
كَأَنَّ الْهُيَامَ اجْتَبَاهَا لَهُ
زَهْرَةً تُفْتَدَى
تَقُولُ لَهُ:
يَسْكُنُ الْعِشْقُ
وَالْبَحْرُ
فِي نَبْضَتِي
فَإِنْ نَقْتَبِسْ مِنْ سَنَائِهِمَا
وَبَهَائِهِمَا
نُحَلِّقْ مَعاً فِي
سَمَاءِ الْقَرِيضْ
نُطَوِّفْ بِجَنَّةِ حَقْلٍ أَرِيضْ
إِلَى ذِرْوَةِ الْبَرْقِ وَالرَّعْدِ
عِنْدَ السُّرَى
يُمَازِجُهُ مِنْ حُبُورِ السُّعُودْ
إِذَا عَانَقَتْ وَرْدَةٌ زَهْرَةً
يَنْتَشِي الْعَرْفُ مِنْ سِحْرِ
هَذِي الْوُرُودْ
وَمِنْ لَثْغَةٍ بِيَدَيْكِ
أَنَالُ الْمُنَى فِي الْمَسَاءْ
فَتَهْمِي اللُّحُونُ
مِنَ النَّبْضِ يَسْرِي الْوِدَادْ
لِعِطْرِ الصَّبَاحْ
خُذِينِي إِلَى دَوْحَةِ الْعِطْرِ
سَارِيَةً فَوْقَ مَوْجِ الْأَعَالِي
فَفِي نَبْضَتَيْكِ
رَأَيْتُ سَفِينِي
رَأَيْتُ شِرَاعِي
رَأَيْتُ مَآلِي
أَرَى فِي وَجِيبِي سُلَيْمَى
أَرَاهَا تَرَى
فِي مَرَايَا حَقِيقَتِهَا أَسْعَدَا
حَبِيبِي انْتَشَلْتُكَ
مِنْ بَوْحِ قَلْبِكَ
فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةْ
حَبِيبِي سَجَنْتُكَ
فِي بَحْرِ عَيْنَيَّ
خَوْفاً عَلَى نَبَضَاتِكَ
مِنْ شَهْقَةٍ شَارِدَةْ
حَبِيبِي تَحَدَّيْتُ عَقْلِي
وَأَهْلِي
وَآثَرْتُ عِشْقِي
إِلَى الصَّبْوَةِ الرَّائِدَةْ
سُلَيْمَى
أَيَا سِحْرَ كُلِّ السَّنَاءْ
عَشِقْتُكِ
لَكِنَّ عِشْقَكِ
جَرَّأَنِي أَنْ أَبُوحْ
وَصَيَّرَنِي
كَوْكَباً شَاعِراً
إِذْ يَلُوحْ
وَصَيَّرَنِي
مِزْهَراً صَادِحاً أَبَدَا
أَمَا كَانَ أَوْلَى بِعِشْقِكِ
أَنْ يَتَقَدَّمَ قَرْناً
لِأُعْلِنَ عِشْقِيَ
مِنْ قَبْلِ أَنْ تَغْمُرِينِي بِهِ
مِثْلَ وَارِدَةٍ
مِنْ وَفِيِّ الْوَفَاءْ
لِيَصْدَعَ مِنِّي الْوَجِيبْ
يُنَادِي الْحَبِيبْ
أَكُونُ عَلَى زَمَنِي الْأَسْعَدَا؟
لَكِ الْآنَ أَنْ تَذْكُرِي
لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً
أَنْ أُحِبَّ سِوَاكِ
وَلاَ أَتَدَثَّرَ مِنْ
غَيْرِ سِحْرِ يَدَيْكِ
وَلاَ أَتَنَفَّسَ مِنْ
عِشْقِ غَيْرِكِ لاَ
لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَبَدَا
وَلَكِنَّ صَوْتَكِ
حَوَّلَ كُلَّ حُرُوفِ اعْتِرَافِي
عَلَى شَفَتِي كَلِماً يَتَصَادَى
مَعَ الْعِشْقِ
وَالْبَحْرِ
وَالْوِرْدِ
مُبْتَهِجاً سَرْمَدَا
أَرَى فِي فُؤَادِي سُلَيْمَى
تُكَلِّمُ فِي سِحْرِهَا أَسْعَدَا
حَبِيبِي الَّذِي قَدْ مَنَحْتُهُ
أَمْوَاجَ سَانِيَتِي مَوْرِدَا
وَفَصَّلْتُ عِشْقِي
عَلَى قَدْرِهِ
نَبْضَةً
شَهْقَةً
مَوْجَةً تُفْتَدَى
أَتَتْرُكُ سَهْمَ الْهَوَى
بَيْنَ أَجْنِحَتِي مُغْمَدَا؟
وَعِشْقِي يَفُوحْ
وَقَلْبِي يَنُوحْ
وَشِعْرِي يَبُوحْ
يُلاَحِقُنِي مِنْ وَرَاءِ هَوَانَا
صَدىً رَائِعٌ
رَاتِعٌ فِي الْمَدَى؟
يُعَلِّمُنِي الْعِشْقُ أَنْ
أَصْطَفِيكِ سُلَيْمَى
كَمَا تَنْثُرُ الْوَرْدَةُ الْمَلَكِيَّةُ أَشْوَاقَهَا
فِي الصَّبَاحْ
فَيَهْمِي الصُّدَاحْ
وَيَسْرِي الْوِدَادْ
فَهَا طَيْرُكِ النَّاهِلُ الْعِشْقَ
فِي الْمُنْتَدَى
يُنَادِيكِ نَحْيَا أَلِيفَيْنِ
فِي سَوْرَةٍ مِنْ صَفَاءْ
يُعَلِّمُنِي الْعِشْقُ أَنْ
أَتَلَمَّسَ مِنْ
شَهْقَةِ الْوَجْدِ
وَالْحُلْمِ
مَا قَدْ يُنَاغِي الرَّجَاءْ
سَأُدْرِكُ أَنَّ الْعَشِيقَةَ
حِينَ تَبُوحُ بِسِحْرِ الْهَوَى
كَشَلاَّلِ نُورْ
وَوِرْدٍ
وَمَاءْ
عَلَى نَبْضَتَيْ شَاعِرٍ
غَارِقٍ فِي الْوَفَاءْ
تُنَصِّبُهُ دَائِماً أَبَدَا
سُلَيْمَى
عَلَى عَرْشِ أَبْحُرِهَا
عَاشِقاً أَوْحَدَا
***
سعيد ساجد