صحيفة المثقف

حشاني زغيدي: لا حياة دون مبادئ

حشاني زغيديعجيب أمر الناس لا يميزون بين حسن المعاملة التي شعارها {و قولوا للناس حسنا} و بين نضالك في الحياة و بين مبادئك التي تؤمن بها، فالمناضل الحقيقي لا يصانع الناس في مبادئه و قناعته ولا يجامل على حساب أفكاره، فمتعة الحياة الحقيقية أن تعيش لغاية و لمبدأ، أن تعيش متناغما مع قناعتك،فغير الأسوياء يريدون منك أن تتجول في حدائق لا تألفها، يريدونك أن تخلع جلدك في كل فصل ؛ لتحلب في أوعية أخرى، يريدونك إن تدور كما يدور حمار الرحى المأجور، والعاقل يوطن نفسه منذ صغر أن يكون متناغما مع قناعاته لا أبيع ولا أشتري، ولا ينتحل قناعات و خيارات غيره .

عن نفسي آمنت أن الحياة نضال مستمر، نضال لا يتوقف، أمنت أن الحياة عطاء مستمر، أمنت أن المبادئ ليست ترف فكري نتغنى به بالخطب أو الموائد الفكرية، أمنت أن المبادئ تمثل وجه الجمال للإنسان، أمنت أن المبادئ ترسم لنا وجه السعادة التي من خلالها نتذوق طعم الحياة وجمالها، أمنت أن المرء في حياته يرسم له طريقا واضحة، يرسم له طريقا يسير في مسارها، طريق معروفة المعالم ؛ مختومة برسم منهج واضح يحمل صلاحية الديمومة، يسير في رحاب منهج يتفاعل مع حركية الحياة في غير جمود .

أمنت أن لكل شخص في الحياة قدوات تحضى عنده بالقبول، يحق له أن يزكيها بحرية، يحق لكل إنسان أن يزكي من يثق في كفاءاته ونزاهته، لا أحسب تلك الحرية تنتقص حق الأخرين، فالمرء يسعد حين يحضن المبادئ التي يؤمن بها، فيكون قدوة عملية، يصدق مع مبادئه، فلا يكون عملة مزورة، يبض بها الأموال في أسواق النخاسة، أنرجل المبادئ يطبعه الوفاء فلا يغدر بمشروع حياته، تغره بهارج الحياة وأمواجها المتقلبة ؛ لتقذفه يمنة و يسرى إلى وجهة مجهولة، غير محسومة النتائج ..

يقول العلامة المفكر محمود شاكر رحمه: {فكَّرتُ في المبدأ الذي يجب عليَّ أنْ أحدِّده لنفسي تحديدَ الذي يُريد أن يشرع في عمل ينتظم، وفي الغرض الذي يجب أن أسدِّد إليه كلَّ سَهْمٍ من سهامي في هذا العمل"، ففكِّروا في المبدأ الذي ستقوم عليه حياتُكم، فقيام الحياة على مبدأ صحيح أمرٌ يؤكِّد حقيقتَها، وحقيقةَ حامِلِه، فهو تعبيرٌ عن الذات في أخلاقها، وأعمالها، وأفكارها، ومساعيها، وما علينا إلا " أن نقولَ وأنْ نعملَ، وأن نؤمِنَ بما نقول وما نعمل من سرِّ أنفسنا... من قلوبنا.... من مبادئنا... من أحشائنا... من دمائنا"؛ فالحياة قوامُها المبدأ، وضجر الإنسان واضطرابه ناتجٌ عن غيابه وانعدامه}.

وعليه أقول: لنفسي قبل غيري، ألزم حياضك، ألزم موقعك الذي تحرسه، سجل بصمتك من خلال الخير الذي أمنت به، سر و قوم مسارك، قوم عيوبك و واصل مسيرك، أحمل الخير لمجتمعك، أحمل الخير للمجتمع الإنساني من خلال مشروعك، شارك الخيرين برسم ابتسامة صادقة لا خداع فيها، نافس الخييرين بالحسنى، أفرح لنجاحات غيرك، فليس شرطا أن يحصل الخير على يديك، ضع نصب عينيك لا يهمك مزايدة المنافسين بصلاحهم فالمجتمع ينتفع بخيرك ؛ لكن نفسك تسعدها بتمسك بمبادئك

يقول الله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته} سورة الإسراء الآية 84 .

 

الأستاذ حشاني زغيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم