صحيفة المثقف

قاسم حسين صالح: شعراء المربد مع التحية.. لماذا لا تقدّرون ثقافة سيكولوجيا الشعر!

قاسم حسين صالحفي (1998) كنت انا والراحل الكبير الدكتور عناد غزوان في جامعة صنعاء باليمن، وكانت معظم أمسياتنا ثقافية، فاقترحت عليه مشروعا مشتركا يهدف الى اشاعة ثقافة سيكولوجيا الشعر لدى الشعراء العراقيين، وبدأنا بالشاعر (ابو الطيب المتنبي) فقدم تحليلا لبنية الشعر اللغوي لديه، وقدمت تحليلا سيكولوجيا لشعره وشخصيته و(تضخم الأنا) لديه. وتوقف المشروع لأن الموت خطف عقلا اكاديميا كبيرا وانموذجا لشخصية ممتعة مهذبة.. سيبقى مشهد نحيبي عليه وانا ارفع تابوته في بيته بمدينة الشعب.. في الذاكرة ما حييت.

وبرغم أن الشعر في جوهره هو انفعالات ومشاعر وخيال.. وكلها من اختصاص علم نفس الأدب والفن، فأن الكثير من شعراء العراق.. لاسيما الشباب، غير مكترثين بذلك. لا يدركون، او لا يقدرون الحالة النفسية للشاعر لحظة ميلاد قصيدته، وانه لا يكتب الا حين يصل الى حالة من التوحّد بموضوع القصيدة، وحالات الخصومة والتصالح مع الذات، وغواية اليأس واستسهال حالات الشجن والتحسر والفقدان والضياع والاغتراب.. وصولا الى حالة الابداع في الشعر وانتحار الشعراء ما اذا كان ازمة حياة حياة ام خلل عقلي. نعم، يعرفون عنها وللبعض اهتمامات.. لكن غالبية الشعراء ليست لديهم ثقافة تخصصية بسيكولوجيا الشعر والشاعر.

بادرنا فكانت.. الخيبة 

قال لي الصديق الشاعر (عمر السراي) ان هناك لجنة خاصة بالمؤتر وقد (تواصلت معهم واخبرني استاذ حبيب السامر بأنه سيضيف الأسم.. ودعوتك شرف كبير.. )

ولأن الاستاذ حبيب لم يستطع شيئا، فانني تواصلت عبر (الواتس آب) مع الأخ الدكتور سلمان القاصد، واليكم ما حصل بالنص:

- ساتوجه اليكم يوم 3 القادم، لطفا خبرني الى أي فندق اذهب؟

اجاب الدكتور سلمان:

+ آسف لم نبلغ اي اديب بالحضور لحد الان.

- عزيزي دكتور سلمان .. كنت اقترحت المساهمة بمحاضرة بعنوان الصعلكة والاغتراب لدى الشعراء العرب – جان دمو وسركون بولص انموذجان.. تحليل سيكولوجي . او اشكالية العلاقة بين المثقف والسلطة – تحليل سيكوبولتك.

فاجاب:

+ انا غير مسؤول عن الدعوات ونحن لم نعلنها ولا احد يعرف من مدعو ومن غير مدعو، اما برنامج المحاضرات فقد طبعت البحوث.

وكان عليّ ان احتويه سيكولوجيا، واوضح له القصد فكتبت:

- مساء الخير ياحلو. هدفي من المشاركة هو ان نفتح نافذة لدى الشعراء العراقيين تطل على سيكولوجيا الشعر كما فعلنا في منتدى القاهرة الثقافي، فقام بروفيسور مصري وقبّل يدي، وكتب عنها زيد الحلي موضوعا.

ما اخشاه عليك ان تتطبع بطبائع السلطة.. واليك شاهد.

في مؤتمر العلماء والمفكرين العرب الذي انعقد بجامعة الأزهر(2018).. تم انتخابي رئيسا فخريا. وأنا اول سيكولوجست عراقي يطلق اسمه على جائزة العلوم النفسية لعام (2020) يتنافس علماء النفس العرب للحصول عليها، وفاز بها عالم نفس مصري.وفي مؤتمر اسطنبول الدولي (2014) منح اثنان فقط درع الأصالة.. انا وعالم نفس اجنبي.

كل هذه ما كانت تعني للدولة شيئا، لكنها تثبت انها تتقصد تهميش العلماء.. وارجو ان لا تفهم انني متاثر، فقد قلتها عبر فضائية الشرقية انني لا يسرني تكريم من هم أقل مني علما وثقافة وعطاء اكاديميا بعشرات الألوف من حملة البكلوريوس والماجستير والدكتوراه.. ولكن ان تتعامل معي جنابك بنفس الأسلوب.. فهذا مؤلم.. فيما الأجدر بك ان تدعوني ضيف شرف، مع انني عضو في اتحاد الأدباء ايضا!.

ولعلم جنابك.. انا مدعو لمؤتمر عربي فكري في تونس يوم 7 القادم في محاضرة فكرية (ارفقت نصها له)، ففضلت ان احضر المربد. وللأسف، فبعد ان اجهضت محاولة مخلصة لأشاعة ثقافة سيكولوجية بين اكثر الناس رهافة في المشاعر والانفعالات.. فانني ساتوجه الى تونس وفي القلب غصة.

خالص تمنياتي بالموفقية.

 

والذي حصل، ان الدكتور سلمان كاصد لم يرد.. فكتبت له بعد يومين:

+ ما زلت افضل حضور المربد على مؤتمر تونس.. فهل ستوفر لسيكولوجيا الشعر فرصة المشاركة، وتستفيدوا منّا قبل ان نغادر الدنيا؟

فأجاب:

- دكتور قاسم.. انت عالراس والعين ولكن صدقني ما في فنادق للمدعويين الذين لم نعلن اسماءهم لحد الآن.

فأجبته:

+ حدد لي فندق جيد وانا ادفع تكاليفه على ان تكون لنا مشاركة في البرنامج.. فهدفي ان اشيع ثقافة سيكولوجيا الشعر بين شعراء العراق كما اشعناها في القاهرة.

وكان الصمت الأخير.

وبالمناسبة.. يطلق على هذه الدورة اسم الشاعر الكبير (ابراهيم الخياط) ولحضراتكم نص ما كتبه ابو حيدر في تهنئته:

("ما ادّعي لك جانبا من سؤدد.. الا وانت عليه اعدل شاهد". بفخر واعتزاز وابتهاج تلقينا في اتحادك العريق، اتحاد الجواهري الكبير، تسميتكم الرئيس الفخري للعلماء والمفكرين العرب، ومنح حضرتكم، درعين من الاكاديمية العربية للدراسات التطويرية بمصر، ومن الهيأة العليا للعلماء والمفكرين العرب.. ولا غرو فجنابك الكريم اهل وكفء وجدير وتستحق بامتياز.

ازكى التهاني واشذاها، ازفها لمقامك استاذي الفاضل، مع امنياتي بدوام التألق والاخضرار لثمار ابداعك الثر.

تقبل مني دكتور، اصدق ايات المحبة والمؤازرة.. مع سلامي واحترامي.

محبك ابو حيدر - ابراهيم الخياط).

الأحبة المشاركون في مربد الشعر والشعراء.ماذا ترون في هذه المواقف، الفكرية وليس الشخصية.. سواء الصديق الدكتور سلمان او غيره؟ وهل انتم فعلا لا تقدّرون ثقافة سيكولوجيا الشعر والشاعر؟

وثمة مقولة للسيد المسيح (اذا فسد الملح فبماذا يملّح).. وعلى ايقاعها نقول (اذا تطبع الشاعر بطبائع السلطة.. فبماذا يتغنى؟!)

خالص محبتي واجمل امنياتي بنجاح مهرجانكم.. وفي القلب غصة الحرمان من اللقاء بكم.

 

أ. د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

3 تشرين الثاني 2021

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم