صحيفة المثقف

عقيل العبود: عزاء الأمكنة.. من أرشيف الذاكرة

عقيل العبوديوم توهجت النيران في جوف ذلك الفضاء، ازدادت هيبتها بهاءً تلك القباب، لتعلن للجميع أنها على موعد مع مائدة تحقق اعدادها مسبقًا لقافلة الضحايا.

وتلك قصيدة أجاد ترتيلها خطيب محترف، لعله أراد أن يصنع من حروف الهلع أغنية للحياة.

أما المشهد فهو حكاية امرأة راحت تفترش العزاء عند حافة حصيرة بائسة، تجلس كل صباح عند مفترق الطريق، تتلو خطوات قافلة قُتِلَ أبناؤها رميًا وفقًا لأحكام جنرال يعتنق لعبة الإبادة.

يومئذٍ راح عرش الليل يحمل تابوتًا خشبيًا، بين أركانه أوصال جثث تم تقطيعها، وصدرت الأوامر بقذفها عند بقايا دكة ترابية مخصصة لرمي النفايات فوق ضفاف شاطئ، استبدل لونه احتجاجًا؛

تناثرت أحشاء الصورة على شاكلة سيناريوهات تحمل في قلبها تاريخ مئذنةٍ مفجوعة، بعد أن دوت أصوات القذائف، تحركت الغيمة الخجولة بحثًا عن منفذ آمن، استباحت الريح أسوار السكون، لتدك أنحاء بقاع أخرى تقع عند منعطف المسافة المطلة على نهر دجلة، لتعلن السنابل استنكارها تمردًا، انتشر الجوع في أرض الفراتين، تلبية لناحية من الأرض أريد لها بأمر الطاعون أن تفنى، وأطلق سرب الافاعي العنان لآفته المخيفة، لإسقاط حق العيش، واستيقظ الديجور من نومته انتهاكًا لبسمة صباحات مشرقة.

بينما عند منتصف النهار، زار الكاهن معبدا سومريا مواساة لأحداث كارثة، سجلت أكبر مقبرة جماعية في تاريخ القرن العشرين، حتى أعلنت بابل الحداد، تضامنا مع جميع المدن المنكوبة.

 

عقيل العبود

.......................

* حدث ذلك في تسعينيات القرن المنصرم، ما أطلق عليه "الانتفاضة الشعبانية" يوم جرى قصف العتبات المقدسة في كربلاء من قبل نظام حزب البعث الحاكم آنذاك، وتساقط عدد كبير من الضحايا على أيدي ما يسمى ب( قوات الحرس الخاص)، وعلى أثر ذلك، وبغية تحرير تحقيقات أمنية جديدة، حصلت الموافقة على تخصيص المبالغ، والمكافآت لكل من يتعاون مع الجهات الحزبية بالمعلومات، والتقارير تحت ذريعة محاربة الغوغاء.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم