صحيفة المثقف

ضياء نافع: عن كليّة التاريخ بجامعة موسكو وانعكاساتها

ضياء نافعالى المؤرخ العراقي الكبير أ.د. ابراهيم خليل العلاف، الذي يتابع و يؤرّخ – بموضوعية وابداع – كل ما يشاهد حوله .           

من الكليّات التي اندهشنا بوجودها عندما وصلنا عام 1959 للدراسة في جامعة موسكو هي كليّة التاريخ، اندهشنا، لأن التاريخ كان آنذاك بالنسبة لنا- نحن العراقيين - قسم علمي في كلية الاداب بجامعة بغداد ليس الا، ولكننا اكتشفنا، ان هناك كليّة خاصة باكملها للتاريخ بجامعة موسكو، وانها قد تأسست عام 1934، واندهشنا ايضا عندما وجدنا، ان هذه الكليّة تحتوي على العديد من الاقسام العلمية المتشعبة جدا، والتي ترتبط طبعا بالدراسة العلمية المتخصصة والمعمقة لتاريخ روسيا قبل كل شئ وفي كافة مراحله،وكذلك لتاريخ العالم ايضا وباكمله، ونود هنا (في تعريفنا السريع والمبسّط لكليّة التاريخ) ان نشير قبل كل شئ الى تسميات الاقسام العلمية الموجودة في تلك الكليّة (والتي يعمل فيها أكثر من 300 تدريسي متخصص في علم التاريخ) دون تفصيلات وشروحات اضافية حول مهمات تلك الاقسام العلمية، اذ ان التسميات بحد ذاتها تتكلم بشكل واضح عن ذلك، فالتسميات نفسها وبحد ذاتها تعني ما تعنيه، والاقسام العلمية هذه هي كما يأتي –

 قسم تاريخ روسيا الى بداية القرن التاسع عشر// قسم تاريخ روسيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين// قسم تاريخ روسيا في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين // قسم علم مصادر التاريخ الروسي // قسم تاريخ العالم القديم // قسم تاريخ القرون الوسطى // قسم تاريخ بلدان اوروبا وامريكا الحديث والمعاصر // قسم تاريخ السلاف الجنوبيين والغربيين // قسم الاثار القديمة (اركيولوجيا) //    // قسم تاريخ الحركات الاجتماعية والاحزاب السياسية في روسيا // قسم تاريخ بلدان الشرق الادنى الاجنبية // قسم تاريخ الكنيسة // قسم الاعلام التاريخي // قسم اللغات القديمة // قسم اللغات الاجنبية // قسم تاريخ الفنون الوطنية // قسم التاريخ الشامل للفنون.

 وعدا هذه الاقسام العلمية، توجد في كليّة التاريخ مختبرات (نعم مختبرات !)، وهي –

مختبر دراسة النصوص القديمة // مختبر التاريخ البيزنطي وما وراء البحر الاسود // مختبر تاريخ الثقافة الروسية // مختبر تاريخ العلاقات القومية بروسيا القرن 20 // مختبر التاريخ الحديث والمعاصر لبلدان اوروبا وامريكا // مختبر الجاليات والهجرة .

 واضافة الى كل تلك الاقسام العلمية والمختبرات، يوجد في كليّة التاريخ ايضا مركزان علميّان هما – المركز الاعلامي – التحليلي للمشاكل النظرية في العلوم التاريخية // و// مركز الدراسات الاوكرانية والبيلوروسية .

 وتم في عام 1985 تأسيس (غرفة المجد الحربي لكلية التاريخ)، والتي تدرس وتدوّن تاريخ الكلية ومشاركة طلبتها وموظفيها واساتذتها في الحرب العالمية الثانية، والتي يسميها الروس الحرب الوطنية العظمى .

بعد هذا التعريف العام لكليّة التاريخ بجامعة موسكو، هل يمكن لنا ان نتحدث عن امكانية تأسيس كلية تاريخ عندنا؟ دردشنا حول هذا الموضوع مع مجموعة من الزملاء، وقد اتفقنا بالاجماع (وهي حالة نادرة بيننا!) بشأن عدم امكانية ذلك في ظروف بلادنا، لا في الوقت الحاضر ولا في المستقبل المنظور، وتحدثنا عن قسم التاريخ وقسم الآثار في كلية الاداب بجامعة بغداد، وقال احد المتابعين، ان القسم الاول هو توأم للقسم الثاني، فكلاهما واقعيا يدرسان التاريخ، ولكن قسم الآثار يدرس تاريخ الحضارات القديمة في وادي الرافدين حصرا، اما قسم التاريخ فانه يدرس تاريخ العراق الحديث والمعاصر وعلاقاته مع دول الجوار ومع العالم العربي وبقية دول العالم التي يرتبط بها بشكل او بآخر، ولا يدرس مواضيع تاريخية اخرى خارج هذا الاطار، وتشعبت الدردشة طبعا، وتساءل البعض، أليس من الضروري ان يكون لدينا متخصص في تاريخ امريكا وروسيا والصين وانكلترا وفرنسا والمانيا وووو، او، في الاقل متخصص في تاريخ اوروبا، او افريقيا، او آسيا، متخصص يعرف دقائق تفصيلية حول تلك البلدان والقارات، ويعرف كيف يجيب عن الاسئلة الكبيرة، التي يطرحها الواقع الدولي امام بلداننا وشعوبنا عند التعامل معها . واتفق الجميع تقريبا، بانه من الممكن في الوقت الحاضر اقامة مراكز علمية مصغّرة في اقسام التاريخ وبرئاسة تدريسيين متخصصين، مراكز تبدأ – في الاقل - بتجميع المواد العلمية اللازمة لدراسة تاريخ تلك القارات و البلدان، وتكون هذه المراكز بداية حقيقية لدراسة علمية في المستقبل تتخصص بالتاريخ العالمي، ولكن بعض المشاركين في الدردشة سخروا من هذه الفكرة، وقالوا، أليس الاكثر واقعية ان تبدأ عملية اقامة فروع في قسم التاريخ تتخصص بدراسة مراحل التاريخ العربي في الاقل، اذ اننا بحاجة ان نتعمق بدراسة تاريخنا وتحريره من الافكار العتيقة، التي تعرقل مسيرة مجتمعنا المعاصر، بل وتسبب له مشاكل كبيرة واقعيا .

 انتهت الدردشة باشتباك آراء الحابلين و النابلين، وقال أحد الشيّاب كي يختتم الدردشة – اعط الخبز لخبازته ولو أكلت نصفه.......  

 

أ.د. ضياء نافع

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم