صحيفة المثقف
عقيل العبود: رحلة الأزمنة.. رثاء في عالم البرزخ
إهداء: إلى من توقف قلبه، تاركًا بيته الذي شيده ذات يوم على ضفاف أجمل بحيرة في هذا العالم!
**
يغادرك مَن أمضيت بصحبته زمانًا، حاملًا حقيبة سفره المرتبكة نحو محطةٍ صار لها أن تبقى خالدة لكي تعيش.
**
بات يواجه صحبة التحدي عند سرير الموت، تشده آصرة تشبه العلقة التي أنفصل عنها لحظة الولادة لمواجهة المخاض.
**
أحاط بها الردى، رحلة الجسد، صارت تسوق أثقالها المتعبة نحو الهاوية؛ هنالك يمكن لها أن تلوذ بالصمت، والأمتعة، لعلها تستريح.
**
ما زال قلبه يعانق أنفاس مودته، ليتها لغة الأمل تستعيد عافيتها بعد وجع أغار عليها.
**
وتلك تعريفة تحتاج إليها، وأنت تواجه مصير سفرك المحتوم، مع طرقات هجرتك الطويلة.
**
فالعزاء يعني ان تفترق بك السبل، لتشعر أنك وحدك من يشاغله الألم؛ تغرب سفينة أشلائك المحطمة، وتنأى بك الأقدار، تغور بعيدًا.
**
شهيقك، و زفيرك، هذه النبضات، التي تهرب من أقفاص إتهامها، بعد شرودها خارج مساحات الجسد ستعلن توقفها.
**
الحركة المتدفقة تشبه الى حد ما حقيبة سفر تحملها طائرة، تقلع بها خارج أسوار وجودك المكاني.
**
أسرارك يقطعها الزمان، وتتخلى عنها أجنحة الحياة لتقذف بها عند سطح هذا العالم الفسيح، هنالك يصعب تمامًا إيقاف تلك السحب الملبدة بالغيوم.
**
التحدي يتطلب منك جهدًا استثنائيا، يفوق نشاطك الذي أتعبته الطرقات، لذلك يصبح من الصعوبة التقاط أنفاسك.
**
ستلتقي بحقيبتك التي تضم في جوفها ما تحتاج إليه من الزاد، بينما في ذات الوقت، روحك ستعلن أنباء مغادرتها دون عودة.
**
يومئذٍ تودعنا الحقائب، تحمل زادنا اليومي، نلتقي بها، نسترجع أمنياتنا، لكنها سرعان ما تمضي دون أن نمسك بها.
**
وتبقى مقيدة نبضات هذا البدن الذي أريد له أن يُحمل مع حقيبة نعشه لعله يدرك بلوغ موقعه الاخير.
**
عقيل العبود
...........................
* مرثية إلى صديقي الذي مات بعد إصابته بالكورونا أثناء سفرته إلى ولاية تبعد عن ولايتنا بساعات.