صحيفة المثقف

عقيل العبود: أحلام غريقة

عقيل العبودالإهداء: للذين يبحثون عن وطنهم المفقود، ويموتون من أجل تصريح يرسم لهم أفق الحياة ، ما يسمى بحق اللجوء.

**

عندما بتحول البحث عن الحلم إلى ملاذ آمن

لرجاء يكمن بين طيات شعور بائس، يستحث هذا الشعور لغة الألم، لعله يدرك حقيقة انسانيته المعذبة.

**

يرفض لغة الاستسلام، يخطط ليواجه حقيقة انتمائه المكبلة بقوانين الطغاه، يجد نفسه محاطًا بمحنة التحدي.

**

وتلك نزعة يلاحق النداء فيها ألم الذاكرة، يلتحق بعيدًا، يصبح محاصرًا بخطوات الكوابيس.

**

تكبر مساحة الأمنيات ، يتسع طريقها نحو الشواطئ، تمتد بعيدًا، تتنامى في أجساد أنهكتها دوامة الانتظار.

**

يتحول الخوف إلى شعور ينبض بالحركة،

ليستحوذ على نفوس تسعى لإستقبال قدرها المجهول بناءً على إصرار ينبت عند مقدمة زورق تعصف بكيانه زوايا أمواج طائشة.

 **

ولهذا عند ضفاف سماء تبدو مستقرة، تستعيد لغة الأمل إرتباطها مع الحياة، تتحدى اضطراب المد الذي يسري بطريقة مخيفة، تتنفس الأرض حطام الأشياء، يستعيد المرفأ لحن أمومته، ليحتضن صيحات البحر، والبحارة.

**

وهنالك خلف المشهد، يرقد طفل ينتظر الفجر؛

 عبر إنعكاس رؤيا لا أحد يقدر أن يميزها، تتزاحم الأسئلة في ذهنه.

 **

يطل بحر ايجه بصحبة الشواطئ، ترتسم جزيرة تيمور تحت إمرة القبطان، تصرخ في مسامع الأبناء استغاثات بيت مخرب، ودكة متهرئة، يعقبها إعصار مخيف، بينما بمحاذاة ذلك، دعاء متأمل.

**

يعانق الصمت ذلك الجحود، حيث لا شيء غير أجل محتوم، يستقبل المكان، مع جملة من كلمات مبعثرة تحاكي أنشودة غريق بلا كفن.

**

الأجل ركامات بشرية مضاءة بقطع بلاستيكية عائمة في محيط معتم.

**

 الضحايا وثيقة لشهادات محكومة بالإعدام غرقًا،

حيدر، ومعيته قرابين ، لجبهة تعوم بقاياها وفقًا لضجة محيط أصم؛ مذبح لمخاض تتصارع أشواطه مع إرادة قدر بائس.

**

منظر لسيناريوهات تعوم في فضاء يبحث عن  جاذبية بلا قاع، حيتان يبتلعها طعام جاهز، معاناة يصعب البحث عن تفاصيلها؛

**

ذات العينين تحملها عروة زورق، تنين يتحرك بين توافق الفرح المبعثر، والضوء المحجوب، ينحني استجابة لأنفاس رسالة تحمل دعوات أب يموت ابنه غرقًا في أرض بعيدة.

 

عقيل العبود

......................

* نص منقح، منشور سابقا في كتابي الأول، حقائق غير هامشية، تحت عنوان اسطورة الحلم عام 2000 عن دار الشجرة للنشر/ دمشق، عن قصة حيدر، وأصحابه الذين غرقوا في شواطئ إندونيسيا في ذات العام.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم