صحيفة المثقف

حاتم حميد محسن: قراءة هيجل لهيرقليطس.. مدخل لكلا الفيلسوفين

حاتم حميد محسنعندما سئُل سقراط عن رأيه في كتاب هرقليطس (حول الطبيعة 535-475 ق.م)، أجاب بأن الجزء الذي فهمه كان ممتازاً، بنفس مقدار الجزء الذي لم يفهمه. هذان وجهان لهرقليطس. من جهة، هو الفيلسوف الغامض الذي كان صعب الفهم حتى لسقراط. ومن جهة اخرى، كانت اعمال هرقليطس لها من العمق ما يجعلها تستحق الاستطلاع. هذه الثنائية جرى التعبير عنها في كلمات الشاعر التراجيدي سكيثينوس:

"لا تكن سريعا جدا في الذهاب لنهاية كتاب هيرقليطس:

"المسار يصعب السفر فيه.

العتمة هناك والظلام خال من الضوء.

ولكن اذا كان لديك مدخلا ملائما كمرشد لك، فان المسار سيشرق لامعاً واكثر لمعانا من ضوء الشمس".(دايوجين لارتيوس 9، 16).

اذاً هرقليطس هو الصعب والجدير بالاستطلاع، وايضا الغامض، طالما يتطلب فهمه مساعدة الكاهن. وهنا نجد في هيجل (1770- 1831) ما هو مشابه له: صعوبة لاشك فيها، وعادة فيلسوف يصعب فهمه، افضل طريقة لكشف اسراره هي عبر مدخل ملائم. هيجل ذاته ايضا شعر بالانجذاب لهرقليطس. وهذا يتضح في محاضرات هيجل حول تاريخ الفلسفة (1830)، حيث هو يلاحظ:

"هنا نحن نرى ارضا خصبة، لا وجود لفرضية لهرقليطس لم اتبنّاها في منطقي"(trans.E.S Haldane,p.278). لكن قراءة هيجل لهرقليطس في محاضراته هي ليست كمؤرخ يدرس شخصية تاريخية، انها ثناء وإعجاب بروحاني قديم يمكن تعقّب اسسه الفلسفية. احدى المشاكل في هذا الأصل الروحي هو انه ينطوي على الكثير من المفارقات التخمينية التاريخية . من المشكوك فيه جدا ان هرقليطس قصد حقا اشياءً بنفس الطريقة التي فسّرها هيجل. كذلك، ان عمل افسيس المتبقي الى اليوم هو فقط مقاطع تمت استعادتها من أعمال المؤلفين اليونانيين والرومان والمسيحيين الذين هم ايضا شوّهوا المعنى الأصلي. هيجل لم يعالج حقا هذه القضية ابدا، وعادة ينتزع المقاطع من سياقها الأصلي، مقدماً في أفضل الأحوال تفسيرات غامضة.

ولكن رغم قضية الكيفية التي فسر بها هيجل المقاطع، فان محاضرات هيجل عن هرقليطس تتخيل روح الفيلسوف اليوناني باسلوب متفرد. خلف الطبقات المتعددة لأفكار هيجل، اللوغوس الهيروقليطي او "المبدأ الالهي للعقل" لايزال يشرق لامعا. كذلك، كان هيجل واحدا من القلة، ان لم يكن الاول، كفيلسوف غربي عبر القرون يفهم بشكل صحيح المبادئ الهيراقليطية للتدفق المستمر ووحدة الاضداد، وهي الافكار التي تشكّل ايضا اساس الديالكتيك الهيجلي. هذا يعني ان محاضرات هيجل حول هيرقليطس هي مدخلا جيدا للمفاهيم اليونانية الاكثر تعقيدا، وحتى ايضا مدخلا جيدا لفلسفة هيجل ذاتها. هذا مشابه للطريقة التي قُرئت فيها ملاحم هوميروس والتي هي اكثر فائدة في فهم زمن هوميروس الخاص منه الى فهم العصر البرونزي اليوناني اللاحق الذي قُرئت فيه والتي نُظر اليها باعتبارها "كلاسيكيات".

هرقليطس طبقا لهيجل

"الديالكتيك" هو عملية تفسيرية تدمج افكارا متناقضة للوصول الى استنتاج. لننظر اولا للديالكتيك كما استعمله هيرقليطس. الطريقة الديالكتيكية تتألف من ثلاث مراحل. في الاولى، "مرحلة الفهم"، فكرة معينة (مثل الوجود) تُعرّف بوضوح. في المرحلة الثانية، وتسمى "الديالكتيكية"، نصل الى فكرة مضادة تماما (اللاوجود). المرحلة الثالثة هي "التأملية" وتقود لفهم وحدة الفكرتين السابقتين، واللتين جرى التوفيق بينهما الآن في مركب (الصيرورة).

ديالكتيك هيرقليطس هو ايجابي: لا يهدف لإثبات ما هو غير موجود (مثل الايليين)، ولا الى القول ان كل الافكار نسبية (مثل السوفسطائيين). بدلا من ذلك، انه يبحث عما يوجد، عما هو حقيقي. هيجل يعترف بالفضل لهيرقليطس في تصوّر الشكل الديالكتيكي المتطور. طبقا لهيجل، كان هيرقليطس اول من ذكر ان "المطلق" – الكلي الشامل او الوحدة التي تؤطر كل شيء – يوجد في وحدة الاضداد، اولا كـ "كينونة"، وثانيا كـ "صيرورة" مستمرة. الخصم الفلسفي الرئيسي لهيرقليطس كان بارمنديس. على عكس قول بارمنديس بان "الشيء كائن، ومن غير الممكن له ان لا يكون"، هيرقليطس اعتقد ان كل شيء في تدفق مستمر أي ان - كل شيء - وبمعنى معين ما يكون، وما لا يكون في نفس الوقت. بالنسبة لهيجل، مع هيرقليطس بلغت الفلسفة أعلى مرتبة لـ "الشكل التأملي" – نوع التفكير الذي هو قادر على توضيح كل شيء بدون فجوات. بالنسبة له، المفكرون السابقون مثل بارمنديس وزينوس تميّزوا بـ "فهم مجرد "لما يُحتمل أقل قيمة. كذلك، يعتقد هيجل ان هيرقليطس يُطلق عليه وبلا إنصاف الغامض. في ضوء اللغة المعقدة المطلوبة لوصف افكار معقدة، فان هيرقليطس هو المتمكن من المفاهيم المعقدة. اولئك غير القادرين على فهم تام لتلك المفاهيم يخلطون بين التعقيدية والغموض لكي يبرروا فشلهم في الفهم. هنا، هيجل مرة اخرى يستذكر قول سقراط بأنك " ستحتاج لغواص ماهر للوصول الى أعماق هيرقليطس، العملية التي تذكّره بصيد اللؤلؤ.

المبدأ المنطقي

بالنسبة لهيرقليطس، يتحد شيئان متضادان في واحد ليخلقان انسجاما، وكل شيء موجود يتشكل من خلال الصراع بين اجزائه المتضادة. هذا يُعبّر عنه في عدة مقاطع من كتاباته مثل التالي:

"الناس لايعرفون كيف يتفق المتنافر مع ذاته. انه تناغم التوترات المتضادة، كتلك التي في القوس والقيثارة" (B51, trans.T.M.Robinson,1987).

صياغة اخرى لهذا المبدأ وردت في قوله ان مذاق العسل حلو للصحة ومر للمريض. في هذه الحالة، العسل هو شيء واحد في صفتين متضادتين، تماما مثل ماء البحر هو موت للناس وحياة للسمك: "البحر هو أنقى ماء ولا أنقى ماء ايضا. السمك يستطيع الشرب منه، وهو جيد له، ولكن للانسان هو مدمر ولايمكن الشرب منه " (B61).

في تفسير هذه المقاطع، هيجل يستنتج ان "الحقيقة هي فقط في اتحاد أضداد متميزة .. ومن تضاد خالص للوجود واللاوجود.. الوجود كائن ومع ذلك هو غير كائن ايضا"(المحاضرات، ص282).

هذا هو المبدأ المنطقي الهيجلي الرئيسي (نسخته للوغوس): وحدة الوجود واللاوجود والتي تشكل مع بعضها "المطلق". كذلك، في علم المنطق لهيجل (1816)، وبعد اول اختبار، الوجود الخالص واللاوجود الخالص وُجد انهما فكرتان فارغتان من المعنى لو نُظر اليهما بشكل مستقل عن بعضهما(132-134). بدلا من ذلك، انه فقط بمقدار التحول من حالة العدم الى حالة الوجود يمكن تعريفهما وفهمهما بشكل صحيح. هذه الحركة من حالة الى اخرى هي الصيرورة (Becoming). هذا هو الثابت فقط، انه صيرورة والذي منطقيا يجمع العدم والوجود.

ان مبدأ الحركة المستمرة، للصيرورة، هو ايضا عنصر هام في فهم هيرقليطس. افلاطون يجسده بشكل جيد في حوار كراتيلوس (402a): "يقول هيرقليطس، انت تعرف ان كل الاشياء تتحرك، لاشيء يبقى ثابتا وهو يشبّه الكون بجدول الماء، قائلا انك لا تستطيع الدخول مرتين في نفس الجدول". لكن الأمثلة الاكثر شهرة هي عن وصف هيرقليطس للنهر:

"انت لا تستطيع الدخول مرتين الى نفس النهر، لأن ماءا جديدا يتدفق دائما نحوك" (B12).

"نحن ننزل ولا ننزل في نفس النهر، نحن فيه ولسنا فيه"(B49a).

العالم في تدفّق، لاشيء يبقى ذاته، كل شيء يتغير، كل شيء في صيرورة: هذه هي فلسفة هيرقليطس التي ركزت على كلمتين. هذه الحركة المستمرة للوجود تتطلب فعالية الوجود في تجزئة ذاته الى اضداد هي في نفس الوقت نوعيات متميزة واجزاء للوجود ايضا.

في محاضرة لهيجل، يأخذ فيها هذه الأفكار خطوة أبعد ليوضح الهوية. الذاتية هي النقيض للموضوعية، وطالما "كل واحد هو "الآخر"الى "الآخر"، نحن هنا نمتلك هويتهم". المسألة هي انه بدون "الاخر" وتأثيراته، لا وجود هناك للشيء طالما يمكن تعريف الشيء فقط بشيء آخر غير ذاته. لذا فان هوية الشيء هي نتيجة العملية الديالكتيكية. هذا بالضبط يوضح لماذا في فينومولوجيا الروح (1807) يكتب هيجل ان الوعي الذاتي يوجد فقط عبر الاعتراف من وعي ذاتي آخر. لكن هذا يوضح بشكل جيد كيف ان الكون لدى كل من هيرقليطس وهيجل ليس محددا وثابتا وانما يتحرك ويتغير. الوجود هو عملية الصيرورة.

الزمن والنار

يستمر هيجل لتفسير مفهومين آخرين اساسيين لهيرقليطس وهما الزمن والنار. الزمن بالنسبة لهيرقليطس هو تجسيد الصيرورة، وهو شكلها الاول. انه صيرورة خالصة، وتناغم بين الوجود واللاوجود المتضادين. يرى هيجل انه "في الزمن لا وجود للماضي او المستقبل، وانما فقط الآن، وان هذا اللاوجود، كمستقبل، يتحول الى وجود" (المحاضرات.ص287).

بالنسبة لهيرقليطس، النار هي المبدأ الاول الذي خُلق منه كل شيء واليه يرجع كل شيء. انه يمكن ان يأخذ شكل كل شيء، وكل شيء يمكن ان يأخذ شكل النار، في عملية مستمرة من الخلق والتدمير. يرى هيجل ان هيرقليطس لايعتقد حقا ان كل شيء مصنوع من النار بالطريقة التي اعتقد بها طاليس بان كل شيء جاء من الماء، وانما هو اختار النار كإستعارة للقوة التي تحول شكلها باستمرار. النار لا تبقى ابدا في حالة ثابتة وهي دائما مضطربة. وعلى عكس الارض والهواء والماء الذين يبدون ثابتين، النار هي ذاتها عملية. بهذا المعنى، يمكن النظر الى النار كممثل لفكرة الصيرورة في العملية الطبيعية للتحولات المادية – كنقيض للزمن، والذي هو التجسيد المجرد للعملية.

العمليات الطبيعية المتمثلة بالنار تحطم وتخلق المادة. هذان مساران اثنان متميزان، في الحقيقة، في هيرقليطس نواجه "طريق نازل" way downwards، حيث تصبح النار رطوبة، والتي بدورها تصبح ماءً، الذي يتكثف ليصبح ارضا، و"طريق صاعد" way upwards، حيث الارض تصبح ماء، والماء يعطي شكلا لكل شيء آخر. ومثل اي شيء اخر، هذه العملية لن تتوقف ابدا. يقول هيجل ان الطريق صعودا هو عملية التمييز والخلق التي تقود للوجود، والطريق الى الاسفل هو عملية التحطيم، التي تقود الى اللاوجود. وهكذا يستنتج هيجل ان "الطبيعة بهذا تكون حلقة دائرية " .

الوعي والحقيقة

في التعبير عن إعجابه بقدرة هيرقليطس في توضيح الديالكتيك حين يستعمل مقارنة بسيطة مأخوذة من الحياة اليومية، يقول هيجل انه كان "جميلا، طبيعيا، طريقته تشبه الطفل في الحديث عن حقيقة الحقيقة" (ص293). هناك شيء ممتع جدا في قراءة احد اكثر الفلاسفة غموضا في كل الاوقات مدّعيا ان هيرقليطس "الغامض"، له طريقة الاطفال في الحديث عن الحقيقة. هيجل ايضا يرى في هرقليطس اصل مفاهيم اخرى مركزية لنظامه في الفكر، مثل وحدة الذات والموضوع، طبيعة الروح المطلقة الكلية الوجود، ووحدة التجربة. هذه الأفكار جرى استكشافها تماما في القسم الثالث من محاضراته التي تجيب على الأسئلة: "كيف يأتي اللوغس الى الوعي؟" و "كيف يتصل بالروح الفردية؟" يعتقد هيجل ان اليونانيين رفضوا الواقع الحسي كمجال يجد فيه المرء الحقيقة. اذا كان لدى هرقليطس ان كل شيء كائن وايضا غير كائن، ذلك يعني ان كل ما نلاحظ كشيء واقعي هو ايضا غير واقعي. باتباع هذا المسار، يستنتج هيجل ان "الوجود الحقيقي ليس هذا الوجود المباشر وانما التأمل المطلق، الوجود كتفكير، الفكر ذاته".(ص294). بكلمة اخرى، ليس من خلال الملاحظة، وانما فقط من خلال العقل، يستطيع المرء فهم وتمييز الحقيقة.

يعطي هيجل تفسيرا ممتعا آخرا لبعض مقاطع هيرقليطس حول النوم والتعلم والحقيقة:

"كل الاشياء التي نراها عند الاستيقاض هي موت، حتى عندما كل ما نراه في النعاس هو نوم".

"العيون والآذان هم شهود سيئين للناس الذين لديهم أرواح بربرية" (B107).

هيجل يفسر هذه المقاطع ليبيّن الفرق بين العقل الخاص والعام – بين فكر الفرد او (الوعي الذاتي) والفكرة (الوعي المطلق او الموضوعي) او كما يسميه هيرقليطس اللوغوس. "الوعي" هنا يشير الى اطّلاع معرفي، وهو عادة يُستعمل بشكل متبادل من جانب هيجل ليشير الى كل من وعي الفرد بالشيء، وايضا الاطّلاع الذاتي لفرد. طبقا لهيجل، هيرقليطس اسّس اولاً وحدة الوعي الذاتي والموضوعي – وهي الفكرة الرئيسية لدى هيجل – عندما ألمح بأن الرجل المستيقظ متصل بالأشياء عالميا. يعبّر سكتوس امبيركوس عن بعض الافكار الملائمة في هذه القضية في رسالته Adversos Mathematicos (VII.127-133). هنا هو يربط ذلك المتعلق بهيرقليطس، النوم هو الحالة التي تتوقف فيها أحاسيسنا، وثوابتنا التي تشدّنا للعالم عن العمل .

الفرد يتوقف عن الاتصال باللوغوس، الوعي الموضوعي، وهذه العزلة تصنع الحلم الذي نلاحظه في نومنا . الارتباط الوحيد مع العالم في حالة النوم هذه هو التنفّس، الذي يشبه الجذور التي تبقينا على ارتباط بالواقع. مقابل ذلك، عندما نكون مستيقظين، نحن نؤسس علاقات وعي مجزأة ولكن واقعية مع الواقع واللوغوس. اذا كان سكستوس يفهم هيرقليطس بشكل صحيح، فان هرقليطس ايضا يرفض اولئك الذين يدّعون استلام الحكمة من الله في نومهم. وفي مقطع آخر، هرقليطس يبدو يدّعي باننا نستطيع الوصول الى معرفة موضوعية للوغوس. هذا ربما يبدو يسير بالضد من مذهبه في التدفق المستمر والذي يعني ان المعرفة التجريبية هي بلا معنى طالما ان الاشياء تتغير باستمرار. مع ذلك، هرقليطس هنا يدعو الى استعمال الملاحظات التجريبية المتغيرة للوصول الى المعرفة اللامتغيرة للواقع:

"مع ان كلمة (لوغوس) هي صحيحة الى الابد، لكن الناس غير قادرين على فهمها عندما يسمعونها أول مرة "(B1).

يعلّق هيجل على هذا المقطع (pp.296-297 )، الذي يُعتقد مقدمة لكتاب هيرقليطس:

"كلمات عظيمة وهامة: نحن لا نستطيع التحدث عن الحقيقة بطريقة أكثر صحة او أقل تحيزا. الوعي كوعي للعالمي، هو الوعي الوحيد للحقيقة، لكن وعي الفردية والفعل كفردي، كشيء أصيل يصبح خصوصية للمحتوى والشكل، هو غير حقيقي وسيئ. الشر والخطأ بهذا يتشكلان عبر عزل الفكر ومن ثم يؤديان الى الانفصال عن العالمي. الناس عادة يرون، انهم عندما يتحدثون عن التفكير بشيء، ذلك يجب ان يكون شيء ما خاص، لكن هذا وهم تام".

يختتم هيجل محاضرته عن هيرقليطس بتعديل لكلمات سقراط التي استعملها لمقدمته:

"ما تبقّى لنا من هيرقليطس هو ممتاز، ونحن يجب ان نخمن ما ضاع انه كان ممتازا. ولو كنا نحب النظر الى الحظ كما هو دائما ليحفظ للأجيال القادمة ما هو أفضل، فنحن يجب على الاقل ان نقول ان ما لدينا من هيرقليطس يستحق هذا الحفظ".

 

حاتم حميد محسن

...........................

Hegel Reading Heraclitus, Philosophy Now, Dec 2021/Jan 2022

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم