صحيفة المثقف

عقيل العبود: صراخ من وراء الستار

عقيل العبودمذكرات مشهد مسرحي

أمسى المخاض يستنفر أحشاء السحابة الآسية، وهنالك عند غروب الشمس، بات الأجل يحمل عروش الموتى صوب مقبرة تساقطت جدران أمومتها حتى أعلن المصير حتفه المؤكد.

اقترنت لغة البكاء برابطة الثورة، افترقت الأشياء عن محطاتها القديمة، استفاق السكون، واصل الجلاد جرائم بغيه، استرجع الورد عطر محبته، ريثما تقيم الأشجار صلواتها المستحبة.

تابع الليل دوامة رحلته النائية، وبذلك فارقت الصباحات بيوت العصافير، وعادت الدموع إلى عيون الأمهات، ليهتف البكاء من جديد.

تهاوت عند حافة الوادي صخرة باغتها الألم، طوت أسراب الغربان شتاءات مشقتها، وامتلأت مسامع الحاضرين بنعيقها الذي سرعان ما أختلط بعويل نخلة اختطف روحها بركان عاصف.

انتفضت خشبة المسرح، انحطت أصوات البنادق، ثم أعقبها دوي انفجار هائل، فارقت البصرة أغنياتها تأسيا حين تناثرت أشلاء الضحايا.

تهاوت مفردات نشيد موطني استنكارا، وتبعثرت القصائد خجلًا، ذرتها الريح بعيدًا، نهضت الحشود، حاملة لافتة الردة، سقط الضحايا، اصطفت أسماؤهم، راحت تعانقها السنابل.

تابع الرصاص جولته الباغية، يوم نسفت أرقام عصبتهم تباعًا، أولئك الذين لازموا خطابهم المستبد.

صاحب العينين النافرتين، اختفت خلف تلابيب عمامته البيضاء شهوة الترويع، والتهديد، حتى جرى الإتفاق على إعداد خطة لإبادة ما تبقى.

بكت قصائد السياب، وأعلنت البصرة لغة الحداد، وعمّ الشجن، و المواساة. امتزج العويل متناغما مع تصفيق الحاضرين، بينما تداخلت الأدوار في ادائها مع ألوان الضوء على شاكلة فضاءات تحمل في مهجتها مشاهد تحتاج إلى إنارة.

توهجت لغة الشموع، أضحت قافلة الضحايا تتزاحم وفقا لنهايات واقع مرعب. باتت الوجوه شاحبة تبحث عن توابيت ضحاياها خلف الستار، وارتفعت راية الثورة تملأ فضاءات المسرح وسط الزحام.

 

عقيل العبود

...........................

* النص عبارة عن مشاهد مُعدّة لسيناريوهات جرى إعدادها بناءً على استغاثات، وصرخات ضحايا استهدفتهم فرق الموت، والاغتيالات، وعصابات الجريمة-الإعلامي الشهيد أحمد عبد الصمد إنموذجا.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم