صحيفة المثقف

صائب خليل: ايران تتنازل طوعا عن ورقة في مفاوضات النووي

صائب خليلوافقت إيران طوعا وبشكل مفاجئ وغير مفهوم على نصب كامرات لتصوير منشآتها، بدون التوصل الى اتفاق بشأن انهاء الحظر.

وحاول كمالوندي شرح الاتفاق بالقول أن الكامرات لن ترسل الصور الى الوكالة الدولية، بل ستلتقط الصور وتخزنها في ذاكرتها وبعد امتلائها يتم اخراج بطاقة الذاكرة، وتشميعها من قبل ايران والوكالة الدولية بشكل مشترك، وان تسليمها للوكالة لن يتم الا بعد رفع الحظر. وأشار الى أن هذا الامر يتم في اطار قانون اقره البرلمان الإيراني باسم "الاجراء الاستراتيجي لرفع الحظر وصيانة مصالح الشعب الايراني"، والذي يتيح للوكالة اجراء المراقبة خارج معاهدة الضمان بالرغم من أن كافة تلك المراقبات تم تعليقها منذ فترة طويلة قبل اكثر من 10 شهور، وأن موافقة ايران بغرض منح الوكالة الدولية "استمرارية الرقابة".

رغم اني اقر اني لا اعرف التفاصيل التي دعت ايران الى هذه الخطوة، لكن ما يبدو لي مما معلن، ان ايران أحرقت ورقة مفاوضات قوية كانت لديها، بدون مقابل وبحجج غير مقنعة. صحيح ان المعلومات لن تسلم الآن، لكن قبول ايران تسجيلها لتسليمها فيما بعد، يعني طمأنة الجانب المقابل ان ايران لا تقوم في هذه الاثناء، بأية تطويرات من تلك التي تخشاها إسرائيل وأميركا، وانها بهذه المبادرة تحاول اثبات "حسن نية" تجاههما، فما الذي تكسبه ايران من ذلك؟

يبدو لي ان العكس تماما هو الصحيح. على إيران ان ارادت الضغط لرفع الحظر، ان توحي بأنها تطور أشياء خطيرة ومقلقة في هذا الوقت، لتدفع بأميركا وإسرائيل الى الإسراع بالتوقيع لاستعادة المراقبة التي توقف هذه التطورات او تكشف الى اية مرحلة وصلت. أي ان عليها ان لا ان تبعث لها بـ"رسالة تطمين" تتيح لها إطالة المفاوضات إلى ما شاءت، بل "رسالة قلق" تدفعها للاستعجال بالتوقيع.

هل اقر البرلمان الإيراني بقانونه الذي أشار اليه كمالوندي، بضرورة مثل هذه الخطوات الطوعية؟ إني اشك بذلك، أولا لأن القانون لا يدخل في هذه التفاصيل، وكمال بندي يقول انها "في إطار القانون". وثانيا انا لا استطيع فهم كيف يكون هذا التنازل الذي يبدو مجانيا، عن أوراق قوة تفاوض الشعب الإيراني، في سياق "صيانة مصالح الشعب الإيراني"؟. لذلك تبدو لي محاولة كمالوندي، شرح حدود هذا التنازل لطمأنة الشعب الإيراني، والصاقه بالقانون، مؤشرا آخر على خلل يراد تغطيته لا أكثر، وتؤكد ذلك ايضا سعادة الجانب المقابل بها، خاصة ان المفاوضات ليست سوى مفاوضات ابتزاز، ولا علاقة لها بالقانون الدولي او حسن النية، لأننا ان بحثنا عن الحق، فلإيران الحق اليوم بصنع القنبلة نفسها وحتى ضمن معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والتي اخلت الدول الكبرى بها من زمن طويل، ولم يبق من المعاهدة إلا قوة الابتزاز.

صحيح اننا لا نعرف التفاصيل بما يكفي لحكم رصين ومبرهن، وصحيح ان ايران هي بارقة الامل الأخيرة بوجه الهيمنة الامريكية الإسرائيلية في المنطقة، إلا ان افتراض مسبقا ان كل ما تفعله ايران صحيح ودقيق، ليس افتراضا عقلانيا، خاصة وان الاتفاق النووي الذي وقعته حكومة روحاني، اتفاق سيء للغاية، أخر تطور ايران كثيرا في هذا المجال دون ان يمنحها أية ضمانات، ولم تستفد منه شيئا تقريبا، ولا نستبعد وجود بقايا من تلك الحكومة في الوفد المفاوض وتأثيرها عليه.

كمالوندي الكامرات بمجمع تسا لالتقاط الصور حصرا

 

صائب خليل

...........................

https://arabic.farsnews.ir/allnews/news/14000925000345

رابط للمقالة على المشترك

https://www.mushtarek.org/groups/5e95f3b870e26a0015d030a6/posts/post/61be08ef5529a5001a533ca2

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم