صحيفة المثقف

جودت العاني: حوار صامت..

الطريق و الأقدام و صفحات التاريخ ..!!


 وقع أقدام الشعب على صفحات التاريخ،

ووقع أقدام السياسي الفرد على هذه الصفحات..

الفرق كبير، وكبير جداً ..

 لا يتمثل الشعب في السياسي الفرد

مهما بلغ من القدرة..

وقد لا يمثل الشعب..

وقد يختطف  السياسي الفرد القرار من الشعب أو يحتكره ..

ولكن الشعب يمتلك دائماً القدرة على استعادته..

المهم هو زخم الشعب أمام وجه التاريخ

والمهم أن ينصهر كل شيء في بوتقة الوطن..

لا شيء يعلو على هذا المنطق..!!

* *

ليس من الحكمة أن تضرم النار خارج الموقد،

لأن النار أعدت للدفء والبقاء على قيد الحياة..

* *

الشمعة البعيدة في شتاء قارس

قد تبعث على الدفء ،

ولكنه ليس دفئاً حقيقياً

إنه إحساس في الدفئ لا غير

ينعش الرغبة في البقاء على الأمل..!

* *

السياسي الفرد قد يفشل ، لأنه انسان..

والشعب ينكفئ ثم ينهض ولا يفشل،

وإذا فشل السياسي الفرد

قد لا نراه على الطريق مرة ثانية..!

* *

دبيب أقدام السياسي الفرد على الطريق

ليس تاريخاً تصنعه أقدامه فحسب..

وقع أقدام الشعوب على الطريق هو التاريخ ،

لأن الشعوب هي التي تصنع التاريخ وليس العكس،

رغم ان القادة لهم بصمات، ولكن ليس كلهم ..

والساسة هم بيادق في هذا الدفق الكاسح لحركة

 أقدام الشعوب على الطريق باتجاه صنع التاريخ..

ربما لا يصل أحد منهم حتى نهاية الطريق

ولكن الشعوب في نهاية الأمر تصل وتستمر..

تنكفئ ثم تنهض من جديد..!

* *

من هو الشاهد على التاريخ ..؟

 السياسي الفرد أم الشعب..؟

الشعب هو الشاهد، لأنه يصنع التاريخ ،

لأن التاريخ هو الشاهد الوحيد على الحقيقة..

الشعب والتاريخ، هما معاً يتعقبان الأقدام

الصلبة والمتعثرة والمنكفئة..

الطريق قد يستهلك أقدام من يمشي

نعم يستهلك أقدامهم

أما أقدام الشعب ، فلن تستهلك

لأن غائيتها أن تحفر على صفحات التاريخ

ما تريده وما تتمناه..

* *

إذا تعثرت أقدام السياسي الفرد على الطريق

وترنح ، وربما أنحرف وزاغ عنه.. هل يعترف؟   

هل لديه الجرأة على الاعتراف؟

النبيل والمدرك والقادر هو الذي يعترف..

لأنه يدرك أن الطريق لم تعد قادرة

على تحمل خطواته..!

هل يستطيع السياسي الفرد أن يتخلى عن أناه الذاتية

وأن يتلبس الـ(نحن) في خضم وقع أقدام الشعب

على الطريق..؟

ماذا لو ضخم ذاته وهو في مشواره ..

وماذا لو قزم ذاته في هذا المشوار

هل يتقزم الطريق تحت أقدامه الهزيلة..؟

و!ذا ما ضخم ذاته في مشواره

هل يتقزم الطريق، لأن أقدامه باتت ثقيلة يصعب تحملها؟

وإذا ما تحملها .. سيتحملها إلى حين..

لأن الطريق باقٍ .. الطريق باقٍ

والأقدام المتعثرة

والأقدام المتقزمة

والأقدام المتضخمة

تزول .. لأنها مجرد أقدام عابرة

على طريق ممتد إلى ما لا نهاية..؟!

***

د. جودت العاني

15/12/2021

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم