صحيفة المثقف

صادق السامرائي: إستعمار وإستحمار!!

صادق السامرائيمفكران من أبناء الأمة طرحا فكرتي القابلية للإستعمار والإستحمار، وبموجبهما أخذا يبرران ويسوّغان ما يدور في أرجاء أمتنا من التداعيات والنوازل والويلات.

فهما يدّعيان بأن في الأمة قابلية على هذين الأمرين!!

فهل من الصواب القول بأن الأمة لديها القابلية على ما يصيبها؟

وما يقصدونه بالقابلية، الإستعداد الكامن في الأمة، والذي يجتذب ما يحل بها من النكبات.

ترى هل يصح في الأفهام إدعاءً كهذا؟

ولماذا تتوارثه الأجيال على لسان مفكريها ومثقفيها وإعلامييها؟

إنهما لا يقدمان أدلة وبراهين على ما يذهبان إليه، ويحاولان تبرير النتائج وتفسيرها بما ليس فيها.

فالمجتمعات البشرية ومنذ الأزل في صراعات وستستمر إلى الأبد، وهو ديدن الوجود فوق التراب، الذي تتحكم به قوانين الغاب، فالقوي يأكل الضعيف، والمعارك متواصلة، وهذا ينتصر وذاك ينهزم، وتتبادل المجتمعات الأدوار، فلا قوي يبقى قويا ولا ضعيف يبقى ضعيفا.

وبموجبه إنهارت قوى وصعدت غيرها، وما وجدنا أمة بررت هزيمتها أو إستعمارها بأن فيها إستعدادات لذلك، فهل أن الدول التي إنهزمت في الحرب العالمية الثانية، كانت لديها إستعدادات للهزيمة؟

إن الأمة تمر بمرحلة إنكسارية ستتعافى منها حتما، وذلك ما يشير إليه تأريخها ومسيرتها عبر القرون، فقد تعرضت لهجمات عديدة وقاسية، وإمتصتها وأفشلتها بالصبر والمطاولة والإرادة الأبية والروح القوية، ولسوف تنتصر على الحالات المريرة، وستنهض بإقتدار متوثب أصيل.

إن القراءة النفسية والسلوكية للتأريخ تدحض الطروحات اليأساوية الإبلاسية، المنبثقة من نفوس مكتئبة متهكمة، ترى بعيون الإنهزام والإنكسار والقنوط المهين.

فالأمة فيها إستعدادات للنهوض والتعبير عن رسالتها الإنسانية الوضيئة، وطاقات حضارية متميزة، ستنطلق بقوة من مكامنها التي يُراد لها أن تنطمر فيها، وهي تتعتق وتتجدد وتكنز ما يؤهلها للولادات المقدامة.

فالقول بالقابلية للإستعمار والإستحمار أشبه بهراء البائسين، وكلام لتثبيط عزائم الأجيال، وإيهامها بأنها عاجزة ولن تكون، وهذا بهتان عظيم!!

فهل لنا أن نكتب عن قابليات الأمة على الحياة الحرة الكريمة الواعدة بالعطاء الحضاري الأثيل؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم