صحيفة المثقف

صادق السامرائي: الفشل الجارف!!

صادق السامرائي"قد فشلنا وخسرنا مبتغانا .... وجعلنا الدين عدوانا علينا"

ما يدور في واقع الأمة ناجم عن الفشل الجارف الذي إنتهت إليه مسيرة روادها من النهضويين والمفكرين والفلاسفة والمثقفين ونخبها بأنواعها.

فالأمة إستيقظت قبل غيرها، وحاولت أن تمتطي ظهر الريادة والتفاعل العقلي المنير، وقدمت نماذج فكرية ذات قيمة حضارية منذ مطلع القرن التاسع عشر، وبلغت ذرة تفتحها الفكري والثقافي في النصف الأول من القرن العشرين، ومضت بتأسيس أحزابها المتعددة المنطلقات والنظريات، وظهرت فيها مسارات إتخذت من الحداثة عنوانا لها، وجميعها وبلا إستثناء باءت بفشل ذريع، وأصابت الأمة بتداعيات خبيثة قاهرة، مما تسبب بظهور إتجاهات غير مسبوقة في تأريخها، حيث برزت الحركات والتحزبات الدينية، التي لاقت دعما كبيرا من قبل أعداء الأمة، لأنهم وجدوا فيها القوة اللازمة للقضاء على الوجود الحضاري لها.

ولهذا يمكن القول أن هذا الفشل هو السبب الرئيسي لما يجري في واقعها اليوم، قد يأتي مَن يأتي بألف تفسير وتحليل، يبدو مقنعا في ظاهره، لكنه غير صائب في جوهره، وما أكثر إبداعات "لماذا" الفاعلة فينا؟

فواقع الأمة يشير إلى ظواهر غير مسبوقة في مسيرتها على مدى القرون، ويأتي في مقدمتها جلوس العمامة على كراسي السلطة والحكم في أكثر من بلد من بلدانها، وتنامي الحركات التحزبية العدوانية بإسم الدين، والعمل بموجب "الإسلام هو الحل"، يجري على قدم وساق لتدمير الإسلام بالمسلمين.

فلم يحصل أن أصبح أدعياء الدين أو من يمثلونه  ذوي حكم وسلطان وتحكم بمصير البلاد والعباد، إلا بعد أن فشلت الأحزاب بأنواعها، وخابت مشاريع النخب المدعية بأنها ذات قدرة على الإصلاح والبناء والتغيير.

وتجدنا اليوم أمام حكومات تحسب أنها تمثل الدين القويم، وتفرض إرادتها المتقاطعة مع إرادة العصر، وتحسب ما تقوم به هو الدين القويم.

فأصبحت الحياة في الدين، وما عاد الدين في الحياة، وبهذا تحقق تدمير الحياة، وتعبيد طرقات الموت والفناء، وتأمين أسباب البلاء.

وتحولت الأمة إلى مستنقع لتنامي الآفات القادرة على الإتلاف، وترجمت العديد منها رؤاها المأساوية بمحق الحضارة الإنسانية.

فهل من قدرة على التفكير بالنجاح، ومقارعة الفشل المباح؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم