صحيفة المثقف

صادق السامرائي: ما سقطت بغداد!!

صادق السامرائيالتأريخ يحدثنا أن هولاكو دخل بغداد في (18\1\1258)، أو في (28\2\1258)، ويمكن القول بأن بداية الدخول كانت في التأريخ الأول، ونهاية القتل المروع الذي إستمر (40) يوما هى التأريخ الثاني.

وآلة القتل هي السيف، الذي أباد الناس الأبرياء، فتحول الجزء الأكبر من المدينة إلى ساحة للأبدان المتعفنة، مما أدّى لإحراقها للوقاية من الأوبئة، التي كادت أن تندلع فيها.

مضى على ذلك الزمن المشؤوم (764) سنة، فهل سقطت بغداد؟

سقط هولاكو وجيوشه في معركة (عين جالوت) التي حصلت في (3\9\1260)، وإندحرت إمبراطورية التتار، وإستعادت بغداد روحها ودورها وقدرتها على صناعة الحياة.

ومن المعروف أن الجيوش الغازية كانت تجنّد أبناء القرى والمدن، التي تستولي عليها في طريقها نحو بغداد، فكان الجيش يتنامى عدة وعددا، وإنضم إليه عدد من فقهاء المسلمين، وتعاون معه بعض القادة الذين خانوا الخليفة، بل أنهم تآمروا على الدولة العباسية، بتوليتهم للمستعصم بالله الخلافة (640 - 659) هجرية، بدلا من عمه (الخفاجي)، الذي كان أهلا لها، ومتوافقا مع تحديات زمانه، ولديه خبرة في مقارعة التتار وهزيمتهم لأكثر من مرة.

"فلما مات المستنصر بالله (623 - 640) هجرية، لم يرَ الدويدار ولا الشرابي تقليد (الخفاجي) خوفا منه، وأقاما إبنه أبا أحمد للينه وضعف رأيه ليكون لهما الأمر، ليقضي الله أمراً كان مفعولا من هلاك المسلمين في مدته"

وتذكر المدونات أن ما قتل في بغداد قد بلغ مئات الآلاف والبعض يشير إلى تجاوز المليون، لأن هدف التتار كان إبادة البشر لا غير.

فبغداد ما تمكن منها الآخرون إلا بمعاونة أهلها وجيرانها لأعدائها، وهي حقيقة تأريخية ماثلة ومتكررة.

تلك المحنة التي يصفها إبن الأثير: " حادثة التتار من الحوادث العظمى، والمصائب الكبرى، التي عقمت الدهور عن مثلها، عمت الخلائق، وخصت المسلمين، فلو قال قائل : العالم منذ خلقه الله إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا، فأن التواريخ لم تتضمن ما يماثلها"!!

هؤلاء قوم ديدنهم إبادة البشر، وقد فشلوا في ذلك، وإندحروا، لأن الشر يحيق بأهله.

هذه المحنة الجلل، ما فتت بعضد بغداد، فهي مدينة حية متحدية ومقتدرة على لم شملها، ومداواة جراحها، والإنطلاق في مشوارها الحضاري الإنساني المطلق.

فهل لنا أن نعرف بغداد؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم