صحيفة المثقف

صادق السامرائي: العرب والفلسفة قبل الإسلام!!

صادق السامرائيكلما قرأت شعرا من (العصر الجاهلي) ، يراودني سؤال: هل كانوا أصحاب فلسفة، وعلى إتصال باليونانيين؟!!

الأشعار التي وردتنا ذات دلالات فلسفية عميقة، ولا يمكن الجزم بأن الشاعر قد جاء بها من حيث لا يدرى، وإنما هو صاحب ثقافة فلسفية ورؤية فكرية ومهارات كلامية، وقدرة على التفكير المنطقي المتقدم.

ومن الصعب القول بأنهم لم يكونوا على إطلاع بالفلسفة اليونانية، ويعرفون فلاسفتهم ومدارسهم ومذاهبهم الفلسفية.

فهم يتاجرون ويذهبون إلى بلاد الشام ويلتقون بتجار من أنحاء الدنيا، وربما قد وصلتهم كتب ومدونات من اليونان، فإطلعوا على فكرهم وفلاسفتهم، ويجري في أثينا وغيرها من مدن اليونان، بل وما يحصل في الإسكندرية من نشاطات فكرية وتوجهات فلسفية، ولا بد أن منهم من زار مصر وحل في الإسكندرية وتأثر بما كان شائعا فيها، ونقله إليهم شفاهيا.

فالقول بأنه كان عصرا جاهليا، تهمة ألصقها المسلمون بتلك الفترة، لكي يتحقق نشر وهيمنة عقيدتهم الدينية، التي بموجبها تم طمس ما كان يدور في دنيا العرب قبل ذلك.

أي أن الإسلام سعى إلى محق ما سبقه من الأفكار، والرؤى والتصورات والإبداعات النثرية والشعرية، ذات البلاغة المؤثرة في حياة العرب.

ولهذا تجدنا أمام فترة عربية ثرية بالمعارف والعلوم والأفكار، لكنها مجتثة من الوعي، وما دونت مكنوناتها الشفاهية المتداولة قبل الإسلام، وطغى القول بالقرآن والعمل بموجب كلام الله الذي لايضاهيه كلام.

لست متيقنا لكنها ملاحظة تستدعي النظر والبحث والدراسة، فالعقل لا يقبل أن تكون الأشعار التي وردتنا كما في المعلقات، بأن أصحابها لا يعرفون الفلسفة، وليسوا مطلعين على ما يجري في أمم أخرى في زمانهم، وخصوصا أمة اليونان التي هي ليست ببعيدة عنهم.

فهل من قدرة على إكتشاف المطمورات والمستورات بإسم الدين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم