صحيفة المثقف

في ذاكرة يومٍ شذي

 ولكن ولادةً لا تصاحبُها يدُ الطبيب أو يدُ القابلة ألمأذونة لا تكون ولادةً كالولادات العادية، كولادة أيِّ طفلٍ مثلاً، ما هي إلاّ ساعات قليلة ويُسمعُ صراخُه بوجه عالمٍ ربما يستقبلُه بعلامة استفهام كبيرة، لعله يصرخُ احتجاجا... لكنما هو صراخ سرعان ما ينتهي حينما تضعه الأمُ على صدرها وتعطيه ثديها، يشبع، تحين ساعة هدوء ثم يعود يصرخ واصبعهُ او ربما كل اصابعه الغضة الصغيرة يضعها في فمه الفاغر!!!غير أن ولادةً سببها الإلهام هي ولادةٌ من نوعٍ آخر تستقبل الوجود بأشياء وأشياء تحسها، تلمسها، تغنيها، تبكيك، تراقصك، تجعلك تركض أو تقفز بدون أن تتمالك نفسك، أو أن لحظةً من جنون مشروع تنتابك حينما فجأة يقودُك الفضول إلى اكتشاف المزيد من الموجودات التي كانت خافية عن العين أو كانت لا تخطر على البال جراء ومضة من ومضات تلك الولادة. كل تلك الارهاصات ازدحمت في ذهن سامي المشغول بكل اسباب الدهشة والفضول ولكن هذا أمر مشروع فرضته الأجواء المتعارضة في كل شيء وما عليه الاّ أن يوثق كل ما قدح في فكره من خيال.. أخرج دفتر مذكراته وبدأ يكتبُ: أحلامي فراشاتٌ تطير كالخيالات جذلى إلى ما لا نهاية. نحن وُلِدْنا عراةً بلا خطيئة ولا أوزار لكننا بعد حين نتلاشى و نفنى مخلفين وراءنا نسياننا البغيض.، وليته بغيض فحسب وانما تترتب عليه فرضياتٌ إثباتُها ليس بالامر اليسير. يرمقنا المارة بعدم اكتراث ! اوووووووووووووو مالي أنا اشغل خاطري بما لا اقدر عليه، دع عنك كل هذه الخواطر وتعال ابحث عما يمدك بالكثير الكثير من الرغبة في احتساء بارقة الأمل.

ألقى بجسمه على السرير وراح يستعرض ما رأته عيناه من يومه المزدحم بالصور من كل الألوان والاشكال لكن صورة سوق الذهب لم تفارق خياله. بدا كلُّ شيءٍ جلياً أمامه وكأنه استيقظ من نوم عميق وسرعان ما جلجلت ضحكةُ الفتاة الفارسية في اذنه وكيف اطبقت شفتيها على تلك الابتسامة التي ظلت مرسومة في عينيه فولد ذلك لديه الكثير من الاشتياق إلى البحث عن سبيل يدخله في عالم النساء الآريات ليكتشف سحره وأثره في المعادلة وكأنه اكتشف قانون المعادلة لأول مرة في حياته، رجل و امرأ ة تعني الحياة، امرأة تعني مصدر الإلهام، ضحكة امراة تعني الفرح،حضن امراة يعني الدفء، جسد امراة يساوي التحليق عاليا في فضاءات تتسع وتتسع الى ما لا نهاية..........

لا يهم غدا سيكون يوما مشهودا لي في هذه البلاد وسأبحث عمن تريني بروق صباحاتي وأيامي القادمة !!

لم يكن جدول صباح اليوم التالي مزدحما بكثير من المواعيد أو المقابلات..كل هذه الأشياء لا تعنيه ولم يكن قد خبرها من قبل، خرج من غير ان يتناول فطوره يتأمل الشمس التي أحكمت جلوسَها ببهاءٍ في ذلك الصباح الشذي. أين سيذهب ؟ وجهتُه معلومة لكنه في قرارةِ نفسه يتمنى أن يكتشف الكثير الكثير ليتمكن من ايجاد بديل يأخذه الى عالم يضج بالحياة، لا شيء سوى الحياة، النسيمُ الذي غازل ارنبةَ أنفهِ ووجهه الغض الطري كان منبعثا من الشمال، فالتوجه نحو الشمال مثيرٌ للغاية. فيه من اللذة ما لم يمنحه الجنوب، إذاً سيتجه نحو الشمالِ ولعله سيكتشف لنفسه عالماً يوقظ حاجاتٍ بدأت تتحرك فيه الآن.

 الشارع لا نهاية له، المارة غرباء، اللغة لا تسعفه، حتى الرصيف الذي ينقل عليه اقدامه برفق لم يكترث لخطاه وكأنه هو الآخر يبحث عن ملهمٍ ليبدأ يغني للصباح الجميل. مرت سيارة الاجرة ببطيء، عجلاتها تدور على مهل، عينا سائقها شاخصتان نحوه، لما اقتربت منه... تفوه السائق بكلمات لا يفهمها.. سواق الاجرة في كل مكان هذا ديدنهم عيونهم على الارصفة والواقفين عليها، يبحثون عن الزبائن وما اكثرهم، لكنه زبون يختلف عن الباقين، أحسَّ أنّ السائقَ يسألُه إنْ كان يريد ركوبَ سيارة إجرة. أومأ له مبتسما، توقف السائقُ من فورهِ وابتسامة الرضا كانت تملأ وجهه العريض. فتح سامي باب السيارة:

السلام عليكم اخي.

 رد السائقُ بلغة عربية فصيحة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلاً بك أخي.

كانت الفرحة غامرة جدا ولم تسع سيارة الفولكسواكن روح سامي التي كادت تحلق في الفضاء عندما تكلم هذا الرجل باللغة العربية مما جعله يظن انه في بغداد وبالذات في ساحة النسور وليس في طهران.

أراك تتكلم بعربية فصيحة اخي العزيز....! هل أنت عراقي ؟

وأنت اخي أراك تتقن العربية وباللهجة العراقية، هل انت عراقي مثلي ؟ أنا عربي من العراق لكن الظروف الجأتنا الى العيش هنا والبحث عن اسباب الحياة. النظام أسقط عنا الجنسية،حرمنا من المواطنة وقذف بنا عند الحدود لإتهامنا بعدم الولاء له، لستُ الوحيد هنا، هنالك عشرات الآلاف مثلي في مختلف المدن وهنا في طهران الكثير الكثير من العراقيين، منا من كان من التبعية الايرانية اصلاً ومنا من كان عربيا عراقيا أباً عن جد، لكن النظام حرمنا من حق المواطنة، في الحقيقة لا مكان يكون بديلا للأرض التي ولدتَ فيها وترعرتَ عليها، مهما قيل أو يقال أو مهما بعدنا يبقى العراق هو وطننا وارواحنا لا تعرف الطمأنينة او السعادة ونحن نعيش بعيدا عنه.. قل لي هل انت من المسفرين ايضا ؟

تظاهر سامي بعدم الاكتراث ولم يرد على ثرثرة السائق لأنه أساساً اختار ألاّ يتذكر كل شيء خلَّفه وراءه وبدأ يفكر كيف يعرف من السائق مزيدا من المعلومات التي يحتاجها:

قل لي أخي العزيز ............ لكن السائق قاطعه مبتسما: حسن، أنا اسمي حسن وأعرف هذه العاصمة شبرا شبرا وأي شيء تسأل عنه اُجيبك عنه. هل لديك وجهة محددة تنوي الذهاب اليها الآن ؟

لا يهمك أمرُ الإجرة ما دمنا ننتمي الى العراق.... نحن الآن نتجه الى شمال العاصمة وهي أجمل مناطق طهران وارقاها وعندما تدخل هذا الجزء من العاصمة تحس أنك تسير في واحدة من كبريات مدن اوروبا.

لكن سامي الفتى المتطلع الى اقتحام عالم الحسن و الجمال سرعان ما عادت به الذكرى الى طالبة الطب فاطمة نديميان حسيني... تأمل صورتها في خياله، ووجهها الجميل،قوامها الممشوق،عينيها اللتين كانتا تتكلمان شعرا، تذكر الرحلة الجميلة التي لم يحس بمشقتها، كل ذلك داعب خياله فهزه الشوق إليها وقرر أن يعثر عليها مهما كلفه ذلك من عناء. التفت الى السائق وقال بلهفة:

 أخي حسن هل كلية الطب قريبة من هنا وهل يمكنك إيصالي الى هناك؟

نظر اليه حسن بدهشة وقال مبتسما:

 وماذا تريد من كلية الطب، هل لك قريب او قريبة فيها، استاذ مثلا، طالب او طالبة ؟ وأنت اساسا لم تجب على سؤالي... أولا قل لي هل انت عراقي أُرغِمتَ مثلنا على ترك العراق والعيش هنا في هذه البلاد الغريبة عنا.

نعم أخي العزيز اُرغمتُ على ذلك، لكنّ لي صديقة تعرفتُ عليها اثناء ركوبي الحافلة واتفقنا على أن نلتقي وقدشغلتني امورٌ عن ذلك.

رد عليه حسن مازحاً:

 اليوم هو الجمعة أخي العزيز ولا يمكنك العثور عليها في الكلية...... لكني اراك بارعا في مصادقة النساء، كيف تمكنت من التعرف على ايرانية بهذه السرعة ؟ لكن لا عليك اخي العزيز المرأة الايرانية جميلة وناعمة، سهلة الانقياد اذا وثقت بالرجل، تطيعة الى ابعد الحدود، في البيت هي ربة البيت التي يقع على كاهلها نظام البيت كله، وبعدما تنتهي من تهيئة لوازم البيت اليومية واعداد كل شيء، تبدأ بالاعتناء بنفسها وتعد الدقائق بانتظار رجوع زوجها من العمل، الفارسياتُ يحسنّ معاملة الزوج معاملة لطيفة حيث تنسيه كل مشقات العمل وتزرعُ في نفسه الامل، وهن شديدت الاعتناء بمظهرهن ولا يحبن ان يراهن الرجل على غير اناقة وسحر وجاذبية. لكن قل لي ماذا تفعل الآن ؟

 لم تدع لي مجالا للكلام أخي.. أراك انبريت مدافعا عن الفارسيات، يا لبختهن يمتلكن مدافعا قويا لا تنس أن المرأة العراقية جميلة وكريمة وشجاعة وصبورة وعزيزة النفس والآن هي تتحمل العبء الكبير... لكن ما يهمني الآن هو كيف أجد فاطمة لقد أعطتني رقم هاتفها واخبرتني أن اتصل بها حالما سنحت لي الفرصة.

كان حسن شابا في بداية العقد الرابع من العمر وكان حسن الوجه، عندما يتكلم يتكلم بعفوية والابتسامة لا تفارق شفاهه ابدا ولكنه بين الحين والحين يتحسر ويكثر من التأوهات.... أوقف السيارة في المكان المخصص لوقوف سيارات الاجرة التفت الى سامي، مسكه من كفه الايمن وقال:

اسمع اخي انا اليوم قررت ان اكون في خدمتك لأنني رأيت فيك العراق كله.انت اليوم ضيفي و لا افارقك الا بعد ما تجد فاطمة،إنْ وجدتها سأضطر الى تركك وأن لم تجدها أكون معك أينما تريد، اريد أن اعرف

منك كل شيء عن العراق وأهله وكيف حال و اوضاع الناس وهل اكلت هذه الحرب المجنونة منهم الكثير وعطلت الكثير ؟ وعندما احسّ بتململ سامي من هذا الحديث قال:

 انظر الى ذلك الهاتف العمومي بامكانك الاتصال بها من هناك.

لم يصدق سامي ما سمعه من حسن فتح الباب بسرعة وهرول نحو الهاتف واضعا يده على قلبه الذي تسارعت دقاته من شدة الفرحة والشوق... لكن الهاتف كان مشغولا من قبل احدهم وحينما نفد صبر سامي أخذ يلح عليه لكي يُسرع وينهي مكالمته مما جعل الرجل ينظر إليه باستغراب لأنه لا يفهم ما يقول.... أنهى الرجل مكالمته، تكلم بكلمات غير مفهومه أيضاً وانصرف. اخذ سماعة الهاتف وبدأ يتلفن على عجل، رن الهاتف لكن المتكلم كان رجلا وليس فتاة، كرر الاتصال ثانية وانتظر طويلا مما جعله ييأس لكن صوتا ناعما بعيدا رد عليه... ألووو فاطمة تتكلم. لم يصدق انه سمع صوت فاطمة مماجعله يصيح باعلى صوته: هل انت فاطمة حقاً ؟ أنا سامي الشاب العراقي الذي التقيت به في الحافلة... هل تسمعينني جيدا ؟ اليوم قررت ان اراك هل لديك متسع من الوقت ؟

كانت عباراته في اللغة الانكليزية مفهومة من قبل فاطمة نديميان وكانت تكثر من الاجابة بـ نعم نعم نعم.. عند نهاية كل استفسار من قبله. بدأت تصف له المكان الذي ستقف عنده تنتظره فيه لكنه لم يفهم بدقة مما جعله ينادي على حسن ليتبين منها وصف المكان ليتسنى له إيصال سامي اليه. كلمها حسن باللغة الفارسية.. وصفت له المكان الذي تقف عنده.. التفت الى سامي وقال هيا بنا. بدأ سامي يهتز طربا ويصيح باعلى صوته: حسن، قد وضعتك السماء في طريقي فما أكرم السماء...!

عند منطقة وقوف سيارات الاجرة في الشارع الفسيح كانت تقف شابةٌ جميلة ترتدي بنطالا وعليه معطف وعلى راسها شال اخضر،عيناها تتفحصان كل النازلين من سيارات التاكسي وحينما لمحها سامي صاح باعلى صوته فاطمة. أوقف حسن السيارة نزل سامي مسرعا نحوها.. صافحهابحرارة والفرحة تغمره. حسن هو الآخر نزل من السيارة والقى بالتحية عليها مما جعلها تكثر من كلمات الشكر والثناء على ما أبداه من مساعدة في إيصال سامي اليها. استأذن منها سامي وأخذ حسن على جانب ليعطيه الاجرة لكن حسن رفض ان يأخذ اي شيء... كتب عنوانه على ورقة،اعطاها الى سامي وقال اذا احتجتني تجدني على هذا العنوان، ركب سيارته وراحت تتهادي لا يرى الا بريق زجاج نوافذها وسرعان ما توارت عن الانظار.

عاد سامي الى فاطمة مبتسما غير مصدق لما يرى، هي الاخرى كانت فرحة بلقائه. تمشيا ببطيء على الرصيف وعندما وصلا الى منطقة عبور المشاة سألته:

إلى أي الأماكن تحب أن نذهب ؟ نحن الآن في ارقى الأحياء في العاصمة كلها، لا بل في ايران كلها، ولكني اُفضِّل أن نلف على كل الاماكن الجميلة ومن ثم نذهب الى احد المطاعم الكبيرة، أنت اليوم في ضيافتي.

ضحك سامي من الاعمال وقال كيف يكون ذلك والرجال قوامون على النساء ؟ ألستُ أنا الرجل وأنت المرأة؟ نظرت اليه وقالت لا عليك دعنا نكسر القاعدة ولكن قل لي ماذا فعلت، وأين تسكن؟ هل وجدت عملاً، هل وجدت سكنا تأوي اليه وكيف وجدت العيش هنا ؟

 كان يجيبُ عن كل سؤال بعفوية وبراءة، عن شغله في الفندق وعن الحاج منصور وعائلته عن جولته في سوق الذهب عن جمال الطهرانيات الآسر، عن زبائن الفندق وحتى عن أزياء الناس وتباينها ولماذا قرر البحث عنها ولقائها مما جعلها تضحك وتقول لا عليك ساجعلك الآن ترى ما لا رأته عيناك من جمال الطبيعة و جميلات هذه المنطقة ؟ لعلك لا تعلم أن هذه المنطقة لا يسكنها الا الأغنياء فقط كالتجار وأصحاب المصالح الكبيرة، بيوتهم تضج وتزدحم بكل ما هو عصري وفاخر.. اليوم هو الجمعة كما تعلم والايرانيون من اصحاب المدن الكبيرة يمضون هذا اليوم في الحدائق العامة والمتنزهات بعد صلاة الظهر الى منتصف الليل او ما بعده، وبالرغم مما تمر به البلاد من حالة الحرب التي راح ضحيتها الكثير من الشباب ورغم الحزن الذي يخيم على الكل لكن الناس لا تضيع فرصة الاستمتاع والتنزه في أيام الجمع والاعياد والمناسبات لذلك اعتقد أنك لا تمانع إن امضينا جل وقتنا في الحديقة العامة " بارك ملّت " فهي مكان جميل وكبير جدا وفيه ترى كل ما لا يخطر على بالك. لما رفعت رأسها والتقت عيناها بعينيه ابتسمت وتساءلت باستفزاز:

مالك تحدق فيَّ هكذا، هل فيَّ مايثير استغرابك أم انك غير مصدق لما اقول ؟

 اقترب منها سامي كثيرا وقال مازحاً: لا ولكني اراك تحسنين التحدث عن جمال بلادك،فخلتك أنك تعملين دليلة سياحية ولستِ طالبة طبٍ كما تقولين.

 ضحكا ثم تمشيا لمدة ليست بالقليلة يتحدثان عن كل شيء وقد انساهما الحديث الجميل عن طول المسافة.لما وصلا بوبة الحديقة العامة التفتت إليه وسالته:

هل عندكم حديقة عامة كبيرة في بغداد ؟ لكن سامي قال لها.. هيا ندخل على انفراد خشية أن يسألنا الحراس عن هوياتنا. لما سمعت ذلك ضحكت وقالت هنا لن يسألوا عن هويات الداخلين، هم فقط يحاسبون الذين يُسيئون للآداب والاخلاق. ولما لم يساله اي من الحراس عن هويته شعر بالارتياح والطمأنينة مما جعله يحس بامان.

كان كل شيء مختلفا تماما.. تحت كل شجرة تجلس عائلة على شكل حلقة... الممرات تزدحم بالمتنزهين.. أينما يمد بصره يرى المكان مزدحما... لأول مرة التقت عيناه بما يريد ولما أراد أن يقول شيئاً اشارت عليه فاطمة أن ينعطفا الى محل كبير يبيع المكسرات. إبتاعت كسين.. أعطته واحداً واشارت الى مسطبة في ركن بعيد بين اشجار السرو العالية. جلسا عند المسطبة. مد بصره في كا الاتجاهات ونظر الى الشجر، الى الزهور، الى نظافة وتنظيم كل شيء... على غصن رأى حمامتين حدق في وجه فاطمة، أشار الى الحماتين وقال لها: هذا نموذج مما تنعم به المخلوقات من الحرية وراحة البال، لا هم لهما غير التحليق في الفضاء والاستقرار على اغصان الشجر أليست هذه الحرية ؟ ارتسمت ابتسامةٌ عريضةٌ على شفتيها القرمزيتين، تلمس وجنتيها بانامله ليتحقق من حمرتهما، اخرج قلما وورقة وراح يكتب: لا أصْدَق من لونِ الوردِ و لا شفاهٍ تضحكان للنسيم كشفتيك... يا طعمَ الذكرى ولحن اغنيتي الجميلة،...... لكن فاطمة وضعت يدها على الورقة وسالته: ماذا كتبت ؟

أجاب: كتبتُ شيئا للذكرى.

قالت دوِّن عندك:

يشيخُ الزمانُ وقلوب المحبين لا تشيخُ.

نظر كل منهما للآخر. تلمسا كيسي المكسرات. لم يجدا شيئا. ربتت على كتفه قائلة: هيا بنا الى المطعم وكن في ضيافة فارسية.

------------------------------

 

(*) من رواية بعنوان "النومُ على سرير العدو"

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1295 السبت 23/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم