شهادات ومذكرات

هكذا أسرجت جواد المنون مسرعا

زاحم جهاد مطرفالردى كان أسرع مني في لقائك

إن عيناي تدمع

وقلبي يخشع

ونبضات روحي تسمع

وإنني على فراقك حزين

بفراقك زادت جروح قلبي وقروحه جرحا

أذرف الدمع في وداعك

أشيعك وأنت في قلبي أخا وصديقا

رحلت عنا وتركتنا نصارع أمواج المأسي والآلام

 *

زاحم يا صديقي

سنلتقي حتما عند ضفة دجلة

حيث - المتنبي - ينتظرنا واقفا

أو في الفردوس الأعلى

المخصص لنا نحن الفقراء الطيبون المعذبون المطاردون في الأرض

لأنه يتعسر على الأغنياء دخول الجنة

صدق السيد المسيح - عيسى بن مريم - عليه السلام

حين قال :  الحق أقول لكم: "أن يدخل الجمل في ثقب الأبرة أيسر من أن يدخل الغني ملكوت الله" كن في رعاية الله صديقي

*

سبعون شمعة

سأوقدها في حديقة آذار

وسأذرف دمعي الحار عليك يا صديقي

مثلما كان الشاعر - البياتي - يبكي وينحب على ولده - علي -  في مدن المنافي البعيدة الحزينة

                 - 1 -

قمري الحزين  "

البحر مات وغيبت أمواجه السوداء قلع السندباد

ولم يعد أبناؤه يتصايحون مع النوارس

والصدى المبحوح عاد

والأفق كفنه الرماد

فلمن تغني الساحرات ؟

والعشب فوق جبينه يطفو وتطفو دنيوات

.. .............................................

................................................

أكذا نموت بهذه الأرض الخراب؟

ويجف قنديل الطفولة في التراب ؟

أهكذا شمس النهار

تخبو وليس بموقد الفقراء نار ؟

                        - 2 -

مدن بلا فجر تنام

ناديت باسمك في شوارعها فجاوبني الظلام

وسألت عنك الريح وهي تئن في قلب السكون 

ورأيت وجهك في المرآيا والعيون

............................................

............................................

أهكذا تمضي السنون

ونحن من منفى إلى منفى ومن باب لباب

نذوي كما تذوي الزنابق في التراب

فقراء يا قمري نموت

وقطارنا أبدا يفوت

*

صديقي الغالي - زاحم - أهديتني قبل عامين قصيدة

" لم الإصرار على الرحيل "

ونهري ما يزال يجري

الليل بهيم يا صغيري

.............................

............................

ألا ترى الأفق البعيد

إنه بلون الدم

حتى القمر أحمر

والأضواء الصغيرة التي تراها حمراء

عيون ذئاب تنتظر حملانا

فلا تكن حملا يسير نحو الفناء على قدميه

أصر على الرحيل

ذهب نورسي وتلاشى في الظلام

الغراب الذي يبحث في البرية

لم يجد من يواري سوءة الغريب المجهول

وضفافي التي غاب عنها البياض

تبكي عليه عبثا "

*

كانت هذه نبؤتك عن موتي في المنفى وحيدا

حتى الغراب لم يجد من يواريني في التراب

أقول لك : صدقت يا صديقي ، سأرحل وحيدا في منفاي مثلما رحلت عن العراق وحيدا

وسيتعذر على الغراب أن يجد من يواريني التراب

 لكنني كتبت لك أيضا تعليقا على هديتك :-

أخي وصديقي الحميم - زاحم - أيها المبدع الجميل

هذه الأجواء التي رسمتها على خارطة رحيلي هي أجواء مصرع شهيد الشعراء ، قمر غرناطة وعندليب الأندلس ، شاعر الحرية والكرامة الإنسانية  - فدريكو غارسيا لوركا - شاعر القمر وظلال الأغصان ونبع الدموع 

هذا هو بالضبط حلم - لوركا - الذي رآه قبل مصرعه بيوم واحد . فقد رأى في ما يرى النائم ذئبا يتربص بحمل صغير

كان برفقة أمه . وحين غفلت عنه أمه هجم الذئب وافترس الحمل الصغير الوديع . وكان مشهد الدم مرعبا ، كل شيء أحمر ، الحقل أحمر كان ، حتى القمر أحمر كان

بعد يوم واحد من حلم لوركا هذا إعتقل الفاشيون الشاعر وأطلقوا عليه الرصاص في حقل محروث عام 1936

فهل تتنبأ لي يا صديقي بمصرع يشبه مصرع الشاعر لوركا أم ماذا؟! . حتى الغراب في منفاي لم يجد من يواري جثماني

 يا - إلهي .هل رأيت شيئا في منامك يا صاحبي وصديقي أم أنك تفزعني لأعود إلى ضفاف النهرين لأصنع مراكبي وقواربي من ورق دفاتري المدرسية وألقيها في نهر دجلة

الخالد وأنشد :  أيها النهر لا تسر وانتظرني لأتبعك

 تريدني أن أعود إلى السماء الأولى حيث عناقيد النجوم

دانية وقطفها أيسر من شرب الماء؟

وبساتين أشجار الرمان مزدانة بالجلنار الذي سيكبر وينضج ويصير نهودا لشجرة الرمان؟

حسنا سأعود ولن أرحل ثانية إذا كان ذلك يجلب البهجة لروحك والسعادة لقلبك أيها الصديق الحميم

*

عزيزي الشاعر المبدع زاحم

شكرا لك على قلادة الشعر التي صغتها من كلمات المحبة والطيبة والنبل والتي وضعتها في جيدي وتدلت على صدري

سأحتفظ بها كذكرى جميلة من صديق مبدع جميل

*

وهذا أخينا وصديقنا الحميم الشاعر - يحيى السماوي - كتب لنا هذا التعليق على نصك البديع

" يا صديقي زاحم جهاد مطر وحسين السوداني : دمتما شفتين لفم واحد غنى للإنسان وشهر صوته بوجوه المارقين

 *

أقول لك أيها الغالي

أنت أسرعت الرحيل

وأسرجت جواد المنون مسرعا

فالردى كان أسرع مني في لقاءك

إن عيناي تدمع

وإنني على فراقك حزين

***

حسين السوداني

 

في المثقف اليوم