شهادات ومذكرات

حسن صعب.. رائد المدرسة الإنمائية وجنرال تحديث العقل العربي

3686 حسن صعبإذا كان لكل عبقري في ميزان التاريخ ثقل نوعي تختصر به طاقاته، وتحد أبعاده، فإن لحسن صعب (15 أكتوبر 1922 - 25 يوليو 1990)، (مستشار لبنان الثقافي في أمريكا الشمالية، أستاذ محاضر سابقاً في علم السياسة في الجامعة اللبنانية، وجامعة بيروت الأمريكية) المتعدد الجوانب، المتنور المواهب، فوق الثقل المميز، بصمات خالدة، وأصداءٌ مدوية، وشعلات باهرة، ومحطاتٌ - معالم، ومواقف حواسم، ودروس هي للناس عِبَرٌ وفِكرَ؛ فمهما حاولت أن تختصر حسن صعب في سجلات هيرودوتوس وأمام بوابة التاريخ .. وفي حضرة مطرقته الكبرى كما يقول د. روحي البعلبكي، فإنك لا بد عاجز عن أن تغفل أياً من تلك الجوانب - الآثار.

فحسن صعب، بما سطّر وبشّر، يتحداك أن تكون منصفاً، وأن تنسى، مع ذلك، واحداً من ينابيع عطائه المتدفق. ولذلك، فأنت لن تنسى مدرسته الإنمائية، ولن يفوتك فكره الديني، ولا السياسي، أو الفلسفي، أو الإعلامي، أو التربوي، أو الاجتماعي، ولن تغيب عن بالك نظراته وآراؤه في الحضارة، والثقافة، والعروبة، والاسلام، والإنسان، والكون، والمستقبل؛ ويخلبك في حسن صعب أنه خاض الكتابة في كل هذه الميادين، بل واكثر، فأبدع في كل جملة دبجها وفكرة صنفها.. وهو، الى ذلك، مطبق لما يعلن، ممارس لما يلقن.. وهو محب اليك قوله، مقنع إياك بكلمته.. شامخ كالطود، ومتواضع كالنهر.. يستشرف آفاق المستقبل، وينطلق بك مسرعاً إلى أقصى المدى.. الإنهزامية أولى ضحاياه، والوعي ضالته ‏المنشودة وذلك حسب قول د. روحي البعلبكي.

وعليه، فلعل أقل ما يقال في حسن صعب هو أنه كاتب، مع أن أعظم ما في حسن صعب هو أنه كاتب غزير الإنتاج، متدفق العطاء، سيال اليراع، وأسلوبه رقراق متماوج، وذو كيمياء خاصة، والنص الكتابي عنده بناء متماسك، ذو مداميك مرصوصة، وفقاً لهندسة محكمة. وهو يدير موضوعه حول فكرة محورية يوسعها ويطورها حتى يقتلها توسيعا وتطويراً، ولكنه يفاجئك أحياناً بنزعة تجنح به نحو الاستطراد؛ هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه لا يجد حرجاً في الانتقال من فكرة إلى أخرى بسرعة صاروخية ليربط بين متناقضين، أو ليمزج بين متنافرين، أو ليوحد بين متمايزين.

في الخامس عشر من تشرين الأول من عام 1922 ولد حسن صعب في بيروت، فحمل اسم والده " حسن" الذي توفي قبل أن يولد فعاش يتيما في ظل ظروف حياتية صعبة، لكنه شق طريقه بنفسه معتمدا علي العلم سبيلا .

وفي عام 1941 اختاره مفتي بيروت " محمد توفيق خالد" مع مجموعة من الشباب، من بينهم المفتي حسن خالد، ونقيب الصحافة " محمد البعلبكي" للإنتقال إلى مصر، ودراسة العلوم الإسلامية، إلا أن حسن صعب تخلي عن مسار العلوم الإسلامية، واتجه إلى العلوم المدنية، وفي القاهرة تابع دراسته، وحاز في العام 1945 علي الإجازة في الآداب من جامعة القاهرة، ومنها انتقل إلى فرنسا، حيث درس الحقوق لمدة سنة، لينتقل بعد ها إلى جامعة توشكند في واشنطن، حيث نال في العام 1956 شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية .

وفي عام 1944 نجح صعب في اختيار السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين، حيث تنقل في مناصب عدة في الإدارة المركزية للإدارة في بيروت، وفي العديد من السفارات اللبنانية في الخارجية منها منصب القائم بالأعمال في السفارة بواشنطن، وبين الأعوام 1955-1956 وكان عضو البعثة اللبنانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1956، بينما في عام 1960 ترشح حسن صعب عن الانتخابات عن دائرة بيروت الثانية، لكن الحظ لم يحالفه، وقد درس الدكتور حسن صعب في العديد من الجامعات اللبنانية وتولي عمادة كلية الإعلام والتوفيق بالجامعة اللبنانية من سنة 1972-1987، وفي عام 1990 أصبح أستاذا محاضرا بالجامعة الأمريكية.

وقد ألف الدكتور حسن صعب (15 أكتوبر 1922 - 25 يوليو 1990)، العشرات من الكتب وترجم عشرات أخري، ومن أبرز مؤلفاته " تحديث العقل العربي، والصادر عام 1969، والإسلام وتحديات العصر، ولبنان العقل لا لبنان العنف، والمفهوم الحديث لرجل الدولة ... الفيدرالية العربية في الإمبراطورية العثمانية، 1958،المدرسة العقلانية في السياسة اللبنانية- (1966). الصهيونية والعنصرية، 1968، مقدمة لدراسة علم السياسة، نظرة جديدة إلى الاتحاد العربي، وإسلام الحرية لا إسلام العبودية"، والإسلام وتحديات العصر، والإسلام والإنسان.. وغيرها من الكثير من العديد في المجالات الاجتماعية والإنمائية.

وفي تلك الكتابات نجد أن عبارته انسيابية مصقولة، وجمله مقتضبة، قصيرة، مباشرة، صاعقة، هادرة. يعشق ‏الفقرات القصيرة المتلاحقة التي تتكون كل فقرة منها من جملة واحدة فحسب، وله جرس كتابي خاص يتبدى لك وقع حوافر خيل تتناهب أرضاً فرشت ناراً؛ علاوة علي أنه صياد أفكار، وصائغ أحلام، وحافز همم. يغوص في يم الأفكار غوص الصيادين وراء اللؤلؤ، ولا يعود إلا بالطريف النادر.. وهو يقلب الفكرة التي طلع بها، ثم يسلكها في سلسلة آرائه، محاولا أن يرفق بين وجهات نظر متباينة، صاهراً للتناقضات، ومعقلناً للرؤى، ومعصرناً للاتجاه، كما يهوى ابتكار المصطلحات، ونحت التراكيب، وتوليد المفردات. و

كما أنه يعد أول من استعمل كلمة "مقاربة" في اللغة العربية كمقابل لكلمة approach الانكليزية، وأول من أدخل الى العربية كلمة "تنظير" مقابل كلمة theorization الانكليزية أي وضع النظريات. ولا تخلو تسمياته من طرافة مقصودة: "ثقافية" (التي أصر على إطلاقها اسماً للحركات الثقافية في انطلياس)، كما أن اشتقاقاته قد لا تخلو أحياناً من غرابة: "دمغنة"، "لحظنة"، "تعبقر"، "تصير"، إلخ...

على أن كل كتابات حسن صعب قد استهدفت غايتين إنسانيتين أساسيتين، شكلتا المحورين الدائمين لإبداعه: العقل والحرية، و‏فيما يخص غايته الأول، آمن حسن صعب بالعقل هادياً ومميزاً وقيمة لجميع بنى البشر. وعندما دعا إلى ثورة منهجية في نظرة الناس إلى السياسة، اختار منطلقاً لثورته تحكيم العقل المرتاب في مسلماته الخاطئة، لأننا إذا أحسنا استعمال العقل استطاع أن يحررنا من سلاسلنا.

ولذلك، فإن حسن صعب كان يعتبر كتابه "تحديث العقل العربي" أهم كتبه على الإطلاق. ولذلك أيضاً، أوجز قضية إنماء الإنسان بأنها إنماء وعيه الذاتي. ومن ناحية ثانية، رأى أن ‏الطموح الأعظم والأقصى للعقل هو الله سبحانه وتعالى. أما غايته الثانية - الحرية-، فقد جعلته يعتبر أن الكينونة الإنسانية هي ليست إنسانية إلا بقدر ما هي حرية. فإما أن يكون الإنسان حراً، أو لا يكون. هذا هو معنى وصفه الكينونة بالصيرورة. وهذا معنى قوله إن الحرية هي الاسم الآخر للإنسان. وبالتالي، فلا إنماء حقيقياً بدون تحرر حقيقي. فالحرية هي مبدأ الوجود الإنساني، وقاعدة التشريع البنائي السياسي. وإن تطور الإنسان في طريق الحرية هو تطوره الروحي نحو الكمال الذاتي.

‏ لكن عاب عليه البعض إغراقه في المثالية التفاؤلية الطوباوية، وبروز سمة الرغبة المفرطة والتفكير بالأماني في الكثير من كتاباته؛ وانتقد البعض الآخر استرساله في مط الأفكار وتحميلها أكثر مما تحتمل؛ في حين هاجم سواهم إيغاله في الترداد والتكرار.. وكأني بحسن صعب يجيب: إن مثاليتي هدف أسمى لعملانيتي، فما دامت اليوتوبيا معلمة وغير موهمة، فهي التي تدفع حركة التاريخ لتحقيق يوتوبيا بعد أخرى؛ وإن نمط الافكار وسيلة لإرسالها حتى تبلغ آخر النفق وتنهي المطاف؛ وإن التكرار ترسيخ وتقعيد وتحذير.

وحسن صعب بوصفه كاتبا عربيا ومسلما، قام في تلك الكتابات بدراسة عدة موضوعات كقضايا العقلانية العربية، ودور العرب في نشأة العقلية الغربية الحديثة، ثم تحديث العقل العربي . ومن خلال هذه الدراسات يتضح لنا المناخ الفكري المحيط به، وكيف كان هذا الوسط الفكري دافعا له لتبني التوفيقية كظاهرة فكرية .

إنه ينطلق من قضية أساسية مفادها: هل كان عرب الأمس عقلانيين أم غير عقلانيين ؟.. وهل يكون عرب اليوم عقلانيين أم غير عقلانيين ؟ .. وهل سيقدم عرب الغد في عقلانيتهم عن عرب الأمس واليوم أم سيتخلفون عنهم ؟ .. ويحاول الدكتور حسن صعب مراجعة دور العقل العربي في ماضي الأمة العربية، ويستعرض الآراء النافية لدور العقل العربي، والآراء الناقدة لهذا الدور، والآراء التي أشادت به، ثم يتناول دور العرب في نشأة العقلانية الغربية الحديثة من خلال مراجعات لدور العقل التي تتراوح بين موقفين متناقضين: موقف التقديس للعقل، وموقف المشككين بدوره .

وهو ينظر إلى معظم القضايا نظرة شمولية، كلية، كونية، إنسانية، توحيدية، جامعة. كما يخالجه تطلع دائم نحو الوحدانية في جل الأمور، يتجمعد في محاولته إخضاع كل وجه وشأن الى المبدأ الواحد الموحد. فإنماؤه إنماء كل إنسان وكل الإنسان. والثقافة المرجوة لديه هي ثقافة الإنسانية الواحدة، في إطار الحاضرة الكونية الواحدة، حيث تسود رؤية وحدانية الله، ووحدانية الحقيقة، ووحدانية القيم العلوية، ووحدانية الإنسانية.

وفي نظر حسن صعب أنه بالأمس كان الغرب يشكو من الغزو الثقافي العربي، ونحن اليوم نشكو من الغزو الثقافي الغربي، وهذا الإنقلاب يرجع إلى أن الغزو الثقافي العربي، حرك فيه ذهنية فلسفية وعلمية جديدة: ولكن الغزو الثقافي الغربي لم يحرك عندنا مثل هذه العقلانية، لأننا نجهل المضمون العقلاني في تراثنا، ونجهل أيضا أن عقلانيتنا كانت هي المحرك الأول لعقلانية الغرب؛ يقول حسن صعب:" إن الحكمة العقلانية لأسلافنا التي انطلقت منها نهضة أوروبا الحديثة، والتي أثرت في نهضتنا الثقافية في نهاية القرن التاسع عشر، هي التي نحاول أن نعيد اكتشافها لنستطلع أهليتها لأن تكون منطلقا لعقلانية عربية إنسانية جديدة .

وينطلق حسن صعب مناديا يتحديث العقل العربي، من خلال العامل الفاعل في التطور وهو الإنسان العربي، إذ عرف إمكانياته وقدراته وأعمل عقله بصورة إيجابية للتوصل إلى المعرفة مستخدما الاستقراء والتجريب والاختبار لاكتشاف المعارف:" إذ إنه عندما حدثت الثورة العلمية التكنولوجية لم تقف عند حدود الأرض، بل انطلقت إلى الفضاء، وتضاءلت الحدود الطبيعية . لكن الفوارق اتسعت بين الشعوب التي نهجت النهج العصري، والشعوب التي لم تسلكه، مما أدي إلى المفارقات بين التقدم والتخلف، وأصبحت مشكلة الإرتقاء بالإنسان من أكبر التحديات، ويرتقي السؤال إلى البحث عن كيفية الارتقاء بالإنسان عامة والعربي بخاصة؟

ومن هذا المنطلق نجد أن حسن صعب بوصفه مفكرا عربي الأرض واللسان يعتبر قضية تحديث العقل العربي، هي قضيتنا الحضارية الأولي، إذ تتوقف عليها مواجهاتنا لقضايانا المصيرية، فعقلنا يقرر مصيرنا ويوفر لنا الإدراك الحقيقي، ونحن هنا نطرح قضية تحديث العقل العربي، طارحا تطبيقا، قوامه وعي الصلة بين المفهوم والسلوك، إذ ليس هناك حياة حديثة بدون فكر حديث، وليس هناك سلوك حديث بدون مفهوم حديث للسلوك، حتى لا يكون هناك تناقض أو تخلف، ولكن ما هي علاقة الإسلام بالتحديث ؟

إن التحديث في نظر حسن صعب هو تجديد متواصل للفكر والحياة، ومشكلة الإسلام هي التوفيق بين التجديد الفكري وطبيعة الدين الإسلامي، إذ إنه دين يعتبر أنه ولي الحقيقة، وما دامت الحقيقة مصدرها الوحي، أي القرآن، فإن التحديث يتطلب تجديد مفهومنا للقرآن، تجديدا منهجيا مستندا إلى مبدأ ذاتي إسلامي لا إلى مبادئ منهجية حركية حديثة .

‏ إن إعجاز الإسلام الأكبر، كما يراه حسن صعب، هو أنه يمثل البعد الأزلي فى نفس الإنسان وحياته. والإنسان الذي يفرض علينا القرآن أن ننشده، هو إنسان يؤمن با لله ‏إيماناً عميقاً وخلاقاً؛ إنسان مؤمن بالحقيقة، باحثاً عنها بحثاً لا نهائياً؛ إنسان تغمر المحبة علاقته بالكون وبكل إنسان آخر؛ إنسان مؤمن بحرية كل إنسان، ويصون كرامته وكرامة كل إنسان، ويقدس حقه في الحياة وحق كل إنسان؛ إنسان يؤمن بالعقل؛ إنسان يؤمن بأن الإنسانية كلها هي ديمقراطية روحية كبرى تسودها المحبة والحرية والعدالة. إن هذا الإنسان الكامل هو ضاله الإسلام المنشودة.

‏  والإسلام، بمفهوم الدكتور حسن، ثورة اجتهادية دائمة، عمادها العمل الفاضل الذى يشكل أساس سُلم القيم في المجتمع. وحكم الإسلام هو حكم الحرية، لأن سياسة الإسلام هي صناعه الحرية، ولأن الاسلام كدين ما هو إلا دين الحرية. وينبني على هذا أن كل ما أتى به الإسلام من فكر ومؤسسات هو (أولاً) تطوري، (ثانياً)انفتاحي، (ثالثاً) إبداعي،(رابعاً) مستقبلي.

ولا ينسى الدكتور حسن، بنظرته التوفيقية التحاورية الشمولية أن يلاشئ ما بين الديانتين العظيمتين، من منطلق أن المؤسسة الإسلامية حوارية، بدليل مجادلتها أهل الأديان والفلسفات والإيديولوجيات بالتي هي أحسن. وكان يعلن أن رسالة المسيحية والإسلام غايتها إيقاظ وعي الإنسانية بالخالق العظيم المتجلي في نظامية الكون وغائيته، وتحرير الإنسان تحريراً شاملاً. ولبنان، الملتقى الفريد للمسيحية والإسلام، هو التجسيد الحياتي الخلاق لتلك الرسالة.

ففي كتبه الثلاثة: "إسلام الحرية لا إسلام العبودية" و "الإسلام وتحديات العصر"، و "الإسلام والإنسان" وكأني به يصرخ وبأعلى صوته: بأن توحيد الله، هو تحرير للبشر، من كل ما يفرقهم !! لأن الله سبحانه وتعالى، هو المحرر الأول والآخر، فلما لا يتلازم المفهوم القرآني هذا، من منطلق النظرة التوفيقية، التحاورية، الشمولية بين الديانتين العظيمتين، على أساس أن المؤسسة الإسلامية حوارية !! بدليل مجادلتها أهل الأديان والفلسفات والإيديولوجيات، بالتي هي أحسن، خصوصاً وأن رسالة المسيحية والإسلام، غايتها: إيقاظ وعي الإنسانية بالخالق العظيم، المتخلق في نظامية الكون وغائيته، وتحرير الإنسان، تحريراً شاملاً، متسائلاً أفلا لبنان: هو الملتقي الفريد للمسيحية والإسلام والتجسيد الحياتي الخلاق لتلك الرسالة؟؟

ولعل حسن صعب هو من المفكرين القلائل – ليس فقط في لبنان وانما على امتداد العالم الاسلامي قاطبة – الذين اكتنهوا بعمق جوهر الحداثة من جهة وجوهر الاسلام من جهة اخرى، وخلص من هذا الفهم الى صياغة موقف فكري ملفت في تماسكه وتقدميته، فالدين، في رأيه، دعوة لا دولة، لأن الدعوة دائمة والدولة زائلة۔ والدين عقائد لا أحكام لان العقائد ثابتة والأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان، والدين اخوة لا عصبية، لان الاخوة سبيل النجاة والعصبية سبيل الهلاك، والدين ايثارية خلقية لا طائفية انانية ولا مذهبية استغلالية۔ والدين عبادات، تسمو بالنفوس لا طقوس تستهويها، أن الدين يغير النفس ليرسل فيها الوازع الذاتي، والذي يغنيها عن الوازع الخارجي من قانون او دولة.

فتحية لحسن صعب الذي استطاع أن يزاوج بين عراقة الشرق وتكنولوجية الغرب في انفتاح مدهش ورهافة صادقة، فحسبك حسن صعب كما د. روحي البعلبكي أنك كنت نبراساً هاديا في كلماتك وأفعالك، نبراساً ستستضئ به أجيال وأمم من بعدك. وحسبك أنك جعلت همك صناعة الإنسان المتحضر، الوثاب، المترقي إلى أعلى مرتبة.. وحسبك أنك ما مالأت ولا حابيت، ولا تزلفت ولا داجيت.. وحسبك أنك اجتهدت لكي تجعل أمل اليوم حقيقة الغد. وحسبك أنك أطهر الإيثاريين اللاسوداويين. ألست أنت الذي لخصت الدنيا بكلمة "المحبة"، إذ قلت:"إن المحبة هي اسم الأسماء كلها، وهي الاسم الآخر للكون، لأجلها و بها أحيا و أموت"؟‍!

***

د. محمود محمد علي

أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

......................

المراجع:

1- د. روحي البعلبكي: حسن صعب الكاتب، دنيا الوطن، تاريخ النشر: 2014-02-06

2- السيد أحمد إبراهيم الأعصر: التوفيقية في العقل العربي المعاصر من خلال نماذج أربعة محمد عبدة، ونديم الجسر، وحسن صعب، ومحمد الغزالي، رسالة دكتوراه غير منشورة، بيروت، 2003.

3-أنظر مقال بعنوان: حسن صعب مفكر الانماء في لبنان .

4-من هو حسن صعب .. يوتيوب .

5- حسن صعب: "نحو دولة عربيّة واحدة"، الآداب، 7/8، 1967.

 

في المثقف اليوم