شهادات ومذكرات

آني إرنو ونظرية المؤامرة

الصحافة الاسرائلية تهاجم نوبل لمنحها الجائزة لكاتبة منحازة للشعب الفلسطيني

بالامس واثناء تواجدي في شارع المتنبي تلقيت تعليقات من بعض الاصدقاء ومعهم قراء اعزاء حول المقال الذي كتبته عن الفائزة بجائزة نوبل للاداب الروائية الفرنسية آني إرنو.. البعض كان يستغرب حصولها على الجائزة لانها كاتبة مغمورة حسب قوله، والبعض الآخر احال الامر الى السياسة واللوبي الاسرائيلي الذي يتحكم بجائزة نوبل حسب قوله، واثناء الحديث الذي دار في "قيصرية حنش"، كنت اشير بيدي الى الطابق الاول من القيصرية حيث مكتبة الجمل التي ترجمت عددا من اعمال أرنو، متمنيا ان لا نحكم على الكاتب قبل ان نقرأ اعماله.. وكنت خلال اليومين الماضيين قد قرأت الكثير من التعليقات التي يقارن فيها البعض بين الكاتبة الفرنسية والكتاب العرب الذين يستحقون الجائزة، ومدى احقية إرنو.

 بعد سماعها بخبر فوزها بالجائزة علقت آني إرنو بان الامر استغرق منها بعض الوقت لتقنع نفسها بانها حصلت على نوبل، ثم اضافت ان الجائزة ستجعلتني التزم اكثر بالكتابة عن القضايا الشائكة في مجتمعاتنا، وعندما سألتها الصحافة اين كانت عندما تم اعلان فوزها بالجائزة قالت: كنت في المطبخ لوحدي، استمع للراديو لأعرف من فاز، ثم اضافت: كنت آمل أن تذهب الجائزة إلى سلمان رشدي. تبتسم للصحفيين الذين تجمهروا امام شقتها وهي تقول:" افكر الآن بوالديّ وعائلتي. أشعر وكأنني بذلت قصارى جهدي من خلال حياتي في عيونهم ". تقول ان الكتابة:" لها تأثير على أولئك الذين يقرأون وعلى أولئك الذين لا يقرأون"، وعن الخطاب الذي ستلقيه عند تسلمها الجائزة قالت: الادب ليس محايدا، ولم يكن يوما بعيدا عن القضايا الكبرى.. عندما اتحدث عن مسؤولية الكاتب والتزامه افكر في جان بول سارتر والبير كامو ثم اضافت "وظيفتي الكتابية هي دائما الوصول إلى ما هو واقع بالنسبة لي، سواء كان واقع المرأة أو الواقع الاجتماعي".

بعد إعلان نيلها جائزة نوبل للآداب 2022، هاجمت الصحافة الإسرائيلية الأديبة الفرنسية آني إرنو، ووصفت جيروزاليم بوست حسب تقرير نشره موقع " الجزيرة " إرنو بكونها من "أشد المؤيدين لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن أديبة نوبل -المعروفة بميولها اليسارية- عارضت التعاون الثقافي بين فرنسا وإسرائيل عام 2018، ووقعت رسالة إلى جانب حوالي 80 فنانًا آخرين أعربوا فيها عن غضبهم لإقامة "الموسم الثقافي الإسرائيلي الفرنسي" من قبل الحكومتين.وقالت الرسالة إن الموسم ساعد في "تبييض" صورة إسرائيل، وأضافت "أن الالتزام الأخلاقي يملي على أي شخص ذي ضمير أن يرفض تطبيع العلاقات مع إسرائيل".

وأضافت الصحيفة أن إرنو وقّعت على رسالة تطالب بالإفراج عن المناضل اللبناني المعتقل في فرنسا منذ الثمانينيات جورج عبد الله، الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد عام 1982 لاتهامه بغتيال الملحق العسكري الأميركي المقدم تشارلز آر راي، والدبلوماسي الإسرائيلي يعقوب بار سيمانتوف.وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فقد وصفت الرسالة التي وقعتها أديبة نوبل الملحق العسكري الأميركي والدبلوماسي الإسرائيلي بأنهما "عملاء نشطون للموساد ووكالة المخابرات المركزية"، بينما وصفت عبد الله بأنه "ملتزم تجاه الشعب الفلسطيني وضد الاستعمار".

وفي عام 2021، وقعت إرنو على رسالة بعنوان "خطاب ضد الفصل العنصري"، شجبت فيه الحرب الإسرائيلية على غزة. وجاء في الرسالة "تأطير (الأحداث) على أنها حرب بين طرفين متساويين هو أمر خاطئ ومضلل. إسرائيل هي القوة المستعمرة. فلسطين مستعمَرة. هذا ليس صراعًا: هذا فصل عنصري"، بحسب جيروزاليم بوست.

وفي نسخته الصادرة باللغة الفرنسية، قال موقع مجلة "تايمز أوف إسرائيل" إن الكاتبة الفرنسية على مرّ السنين "عرفت بالتزامها تجاه اليسار المتطرف، ولا سيما من خلال نشاطها المناهض لإسرائيل".

وقالت المجلة إنه بدعم من السياسي والبرلماني الفرنسي جون لوك ميلونشون زعيم حزب "فرنسا الأبية"، انضمت إرنو إلى "برلمان الاتحاد الشعبي" الذي حشد شخصيات من العالم النقابي والفكري خلف ترشح ميلونشون للانتخابات الرئاسية لعام 2022.

وذكرت المجلة الإسرائيلية أن الأديبة الفرنسية وقعت في 19 حزيران 2017 مقالا نشر بصحيفة لوموند، لدعم الناشطة حورية بوتلجة الناطقة الرسمية باسم حركة "أهالي الجمهورية بفرنساالتي تندد بالماضي الاستعماري وتناهض التمييز الذي يتعرض له أحفاد السكان المستعمرين وترفض العنصرية.

وفي عام 2019، وقعت الأديبة الفرنسية دعوة نشرت في مجلة ميديا بارت، لمقاطعة مسابقة الأغنية الأوروبية في تل أبيب، بحسب تايمز أوف إسرائيل. وقال موقع "ينت نيوز الإسرائيلي إن الأديبة الفرنسية شاركت مع 100 فنان ومثقف من بلدان مختلفة في توقيع العريضة التي دعت لمقاطعة المسابقة، وورد فيها أنه "من 14 إلى 18 مايو/أيار، تعتزم قنوات التلفاز الفرنسية بث مسابقة الأغنية الأوروبية لعام 2019 التي ستقام في تل أبيب، في منطقة رمات أبيب المقامة على أنقاض قرية الشيخ مونس، وهي واحدة من مئات القرى الفلسطينية التي أفرغت من سكانها ودمرت عام 1948 عندما أقيمت دولة إسرائيل".

وأضافت العريضة أن "هذه الرسالة تبدو جوفاء في محاولتها تشتيت انتباهنا عن انتهاكات حقوق الإنسان للفلسطينيين. التمييز والإقصاء راسخان بعمق في إسرائيل، حيث تم تبني قانون: إسرائيل دولة الشعب اليهودي.. في 19 تموز 2018، الذي أعلن أن اليهود فقط هم من لهم الحق في تقرير المصير القومي، وبالتالي تم تكريس الفصل العنصري رسميًا في القانون"

من المثير ان إرنو عندما رشحت العام الماضي للفوز بالجائزة وكان اسمها في المقدمة صرحت بأن الجائزة " ضاغطة " وان الحصول عليها ليس هو ما تسعى اليه من خلال الكتابة . وفي مقال نشرته بعنوان " نحو "أنا" أكبر مني " – ترجمة كريم عبد الخالق – كتب إرنو:" بالنسبة لي، كان الأدب هو الرواية. أردت من الواقع الذي أعيشه أن يكون أدبً: فقط حين يصبحُ أدبا سيصبحُ "حقيقة".

***

علي حسين - كاتبة

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

 

في المثقف اليوم