شهادات ومذكرات

الشهيد المهندس سامر مهدي صالح شهيد معارك الاهوار

يوم الشهيد تحية وسلام

بك والنضال نؤرخ الأعوام

بك والضحايا الغر يزهو شامخا

علم الحساب وتفخر الأرقام

وبك (القيامة) للطغاة تقام

محمد مهدي الجواهري

عرفت والد الشهيد سامر مهدي صالح السلمان، عندما كان يدرسنا في الصف الأول الابتدائي عام 1954 في مدرسة فيصل الثاني في مدينة الحلة، وبعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 سميت في الوثبة تيمنا بوثبة كانون 1948 والتي أسقطت معاهدة بورت سموث الجائرة، كان انذاك يدرسنا استاذ مهدي صالح السلمان، درس الموسيقى والأناشيد، كان بحق مربيا للأجيال، دمث الأخلاق، أحبه طلابه، ويحترمه زملائه من الأساتذة .

ومرت السنين وشاء القدر أن التقيه في غرفة التحقيق، في أمن الحلة، وكنت معتقلا في دائرة الأمن في غرفة انفرادي، بعد إلقاء القبض علي عند مداهمة الامن لمنزلنا ليلا في محلة المهدية، وكبست معي مستمسكات حزبية وطلابية، ومنها جريدة (كفاح الطلبة) الصحيفة المركزية للإتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية، وفي يوم مقابلة عزيز الحاج وكان يدلي باعترافاته ويحاوره محمد الصحاف من على شاشة التلفزيون وكذلك محطات الإذاعة، نودي علي للتحقيق في غرفة معاون المدير، أي معاون كامل سلوم السامرائي مدير أمن الحلة والفرات الاوسط، لضبط أفادتي، وكان جالس استاذي مهدي صالح السلمان، استغليت فرصة خروج المعاون سألته بعد أن عرفته بنفسي، لماذا انت هنا؟ أجابني قائلا انهم يسألوني عن رفيقكم سامر، وكان الاستاذ مهدي صالح قد ربى أولاده سامر وليالي وزاهر، تربية تقدمية من النواحي الثقافية والإجتماعية والسياسية، لكونه كان قريبا من الشيوعيين ومن مناصري القائمة المهنية في انتخابات المعلمين، بعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة عام 1958 .

بعد أن أنهى سامر دراسته الثانوية الفرع العلمي وبتفوق في الحلة، اختار الدراسة في جامعة بغداد كلية الهندسة، وكان رياضيا يحب كرة القدم وكذلك كرة الطائرة والعزف على العود، نشط في العمل الطلابي، وقام بتشكيل جمعية اجتماعية عملها، عقد ندوات ثقافية وأقامة سفرات وحفلات ترفيهية للطلبة، ومساعدة الطلبة الجدد في كلية الهندسة وكان ماهرا في عزف العود من خلال معرفته عائليا، كان متفوق دراسيا، كان يناقش في الأفكار الماركسية من خلال قرأته للأدب الماركسي وكتب جيفارا وروجيه دوبريه وكاسترو هوشي منة وغيرهم، والتي كانت منتشرة في الستينات من القرن العشرين، وكانت موضع إهتمام المثقفين من الشيوعيين والديمقراطين، وكان لضهور الأفكار الجيفاروية أنذاك دورا مهما بالتأثير على الشباب، جاء الانشقاق في صفوف الحزب الشيوعي العراقي والذي قاده عزيز الحاج وحسين جواد الكمر (أبو بسام)، جرى فيه اعتقال قادة من الحزب (ل.م) وهما زكي خيري وبهاء الدين نوري، وانحاز والتحق بهم عدد غير قليل من التنظيم الطلابي إلى جانب (ق. م)، وأعلن عدد من الرفاق في سجن نقرة السلمان انحيازهم إلى القيادة المركزية، رفعت القيادة المركزية شعار الكفاح المسلح لاسقاط نظام البعث، وبنيت هياكل تنظيمية لها في الاهوار الجنوبية من العراق، وعملت الأجهزة الأمنية والاستخبارتية لمتابعة تنظيمهم، حتى تم إلقاء القبض على سكرتير اللجنة المركزية لهم عزيز الحاج علي حيدر، وظهر على شاشة التلفزيون وهو يدلي باعترافاته ويعلن عن ندمه، وجرت حملات اعتقالات واسعة في صفوف القيادة والكادر، ونتيجة اعترافات الحاج تم اعتقال كل من كاظم الصفار وبيتر يوسف واخرين انهاروا في التحقيق، ولكن كان هناك رفاق شيوعيين اخرين صانوا لقب الشيوعي الوطني وهم الشهيد متي هندو واحمد محمود الحلاق وسامي محمد علي ومحسن ناجي البصبوص وكذلك محسن حسين حمادي الحسن الذي اغتيل من قبل الأجهزة الأمنية العراقية في لبنان خلال ملاحقتهم لرفاق هربوا إلى لبنان،

تشكلت بؤرة ثورية في اهوار العراق، أقدمت على نشاطات ثورية منها احتلال مركز للشرطة والحصول على كمية من السلاح وكان من الملتحقين الخالد خالد أحمد زكي الذي ترك إقامته في لندن ودخل العراق للالتحاق برفاق الدرب، ولكنه استشهد في معركة غير متكافئة، بوجود مروحية عسكرية لتمشيط هور الغموكة وبقية الاهوار، علما بأن الاهوار هي ارض منبسطة، ليس فيها سوى البردي والقصب ورعاة الجاموس، وبالنسبة للشهيد سامر مهدي صالح الذي ترك إكمال دراسة الماجستير ملتحقا في انتفاضة الاهوار،

يتحدث عنه رفيقه مؤيد الالوسي واقتبس من ماجاء برسالته المكتوبة في ايار 2010 يكتب :

حيث تم تشكيل تنظيم أتحاد الطلبة في كلية الهندسة في عام1965 بمبادرة من الزميل الفقيد عطا فاضل الخطيب، والذي عرفناه لاحقا كان عضوا في الحزب الشيوعي، عقد الاجتماع التأسيسي لاتحاد الطلبة بحضور كل من عطا فاضل الخطيب، ومصطفى العاني، كاكا عثمان، في قسم الكهرباء، سعدون كمونة، ومؤيد الالوسي، وبعد فترة وجيزة رشحت أنا الزميل سامر مهدي صالح لعضوية الحزب، وعملنا سويا في خلية واحدة وارتبطنا (سامر وأنا مؤيد الالوسي) الحزبيين الوحيدين في مجموعة (ق. م) استمر الشهيد سامر بعمله في التنظيم الحزبي لكونه التحق بدراسة الماجستير وكان العام1967_ 1968 وكان عام حافل بالنشاطات الطلابية وبلغ سامر وأنا كل على حدة التحاق في جبهة الكفاح الشعبي المسلح، وقد ترك سامر مهدي صالح دراسة المانجستير، وقد استشهد سامر مهدي صالح، كان بأسم (سمير الحلي) مهندس اغتيل عام 1968 ومعه مجموعة من البواسل. [انتهى الاقتباس].

قدم الحزب الشيوعي العراقي شهداء بواسل، اغتيلوا على يد عصابة قصر النهاية ومخابرات النظام بعد انقلاب البعث عام 1968 منهم عضوي اللجنة المركزية للحزب ستار خضير وشاكر محمود و، ومن الكوادر محمد الخضري والقائد الفلاحي كاظم الجاسم استشهد في قصر النهاية والعبادي والدجيلي وعبد الأمير سعيد وغيرهم .

و استحق الحزب الشيوعي العراقي لقب حزب الشهداء، والشهادة فرضت عليهم، لأنهم يحبون الحياة، كانوا يناضلوا من أجل غدا مشرق يسوده الأمن والسلام، وينعم الشعب به في ظل مجتمع الاشتراكية العلمية.

للشهيد المهندس سامر مهدي صالح وكل شهداء الحركة الشيوعية والديمقراطية في العراق المجد والخلود.

***

محمد جواد فارس

طبيب وكاتب

 

في المثقف اليوم