نصوص أدبية

فؤاد الجشي: حنان

فؤاد الجشيكان الرّجل في غاية السّعادة عندما تحدّث عن زوجته، إنّها المرة الأولى التي أراه مع صديقي أحمد، قلبٌ سعيد وأفقٌ بعيد. ورغم السنين السبعين، ما زالت علامات الشباب تملأ وجهه بين الحديث الجميل، سمع الجميع في أنحاء المطعم أغنية عيد الميلاد في الطاولة الأخرى، صفّق الجميع بعد الانتهاء، اشتعل قلبه حديثًا مع المناسبة التي حدثت قبل قليل.

كنّا يومًا نحتفل بذكرى ميلاد زوجتي حنان، بعد زواج دام أربعين سنة، اقترحت سلمى البنت البكر إحياء ميلاد أمّها في الصالة الكبرى، فانتشرت روائح الورد والبخور في أنحاء البيت، وحضر الأولاد الخمسة مع أطفالهم. أحضرت عفاف مستلزمات الحفل من بالونات وأشرطة ذهبية وملصقات، بينما رجاء أحضرت قوالب الكيك والشموع. أما باسمة فقامت بتنسيق البوفيه من مأكولات ومشروبات، وضع الابن خالد جميع الهدايا على الطاولة التي تم إحضارها بهذه المناسبة.

عاد الأب من الخارج بثوب جديد وحلاقة ناعمة وعطر فواح. ظهرت الأم حنان فجأة من الغرفة الرئيسية بكامل صفاتها وزينتها، ضحكت القلوب آسرة عندما رأوا والدتهم بأناقتها العالية، ملاحم هادئة وعينان صافيتان متزيّنة بالحلي الذهبية الجميلة، ارتبك أحمد كأنه للمرة الأولى يرى زوجته بهذه الصورة، ذلك الجمال الذي ارتبط بالحب والمشاعر الحقيقة، تذكر رؤيتها عندما رآها أول مرة، قبّل جبينها ثم احتضنها مع أبنائه، ارتبكت الأم حنان وهي تبتسم، من نظرات الجميع وهم في دفء حضنها وسعادتها.

جلست الأم على الأريكة الخاصة بها، تنظر أن ينتهي الجميع من الانتهاء من ترتيب بعض الأشياء، جلس الأب أحمد يلعب مع أحفاده، بينما خالد يحرص على توثيق المناسبة بواسطة كاميرا الفيديو، وصل بعدسته إليها وهي تبتسم متوسّدة ذراعيها الدافقتين بالحنان تنظر إلى كلّ الأشياء، جلس الأب أحمد بجانبها لالتقاط الصورة الأخيرة، أمسك بذراعيها، قبّل كفّها، بعدما تأكّد أنّها فارقت الحياة، قائلاً: سنلتقي مرّة أخرى.

***

فؤاد الجشي

في نصوص اليوم