نصوص أدبية

ضياء محسن الاسدي: عاشقان بعد الستين

أخذت الشمس ذات اللون الذهبي المحمر وبقرونها المتدلية على صفحات مياه البحر الأزرق تغسل وجهها بلون الغسق البرتقالي تلوح بيدها لعاشقان أتخذى مقعد لهما أمام البحر هروبا من ضوضاء المدينة الذي أصبح ثقيلا على مسامعهما ومزاجهما كالكثير من الناس يتبادلان الحديث يرتسم على محياهما ملامح تنبئك أنهما تسلقا سلم الستين من العمر .

أخذ نسيم البحر التشريني يداعب خديهما وهما يتجاذبان أطراف الحديث بهمس العاشقين حيث أرخت برأسها المشيب على صدره مستسلمة لدفيء صدره الذي طالما احتضنها لسنين طوال وأغدق عليها الحنان والعشق يداعب خصال شعرها الأبيض التي خطته إرهاصات تعب السنين ووضعت رحال أوزارها الثقال عند باحة عمرهم الذي تجاوز الستين يختلسان منها بعضا من الوقت على الشاطئ بين الحين والآخر يتجاذبان الحديث عن الذكريات التي مازالت عالقة في الذاكرة يقلبانها بين الحين والآخر يلوذان بها في سويعات في حضن الطبيعة أمام البحر وأمواجه التي تشاركهما بنغمات هدير أمواجه تداعب قلبهما المرهف يتناجيان بهمس العشاق وحلاوة الكلام المعتاد بينهما على مر سنين عمرهما حينها أحس بحرارة رأسها الملقى على صدره وأنفاسها تدق أبواب صدره وخصال شعرها المشيب تلامسها نسائم البحر . تسور بذراعه عنقها وضمها إليه بشوق وحنين رئاها تستسلم للنوم وأغمضت الجفون وأرخت برأسها على قلبه حيث أسمعها ترنيمة نبضاته البطيئة أنحنى على رأسها وطبع قبلة عليه من غير أن يُقضها يشُم عبير عطرها الذي تعود عليه منذ أن تعارفا في لحظات العشق الصبياني والشبابي وبعده لم يُطفئ شعلته العمر مرة من الأيام الخوالي والسنين التي فاضت عن الستين سنة مرة كلمح البصر لكن طعمها وشذاها محفورة في قلب العاشقين أحس بتمايل الجسد الملقى على صدره التي أيقضتها همسات البحر الباردة حينها سلمت الشمس نفسها لذراع أمواج البحر مودعة العاشقين لتسدل ستار نهارها لضياء القمر لليلة جديدة من دورة الحياة بلوحة جميلة من لحظات عاشقين لم يخضعا لقانون الحياة والعمر وتقدمه الذي يغمره الحب والعشق الحقيقي.

***

ضياء محسن الاسدي

في نصوص اليوم