نصوص أدبية

قصي الشيخ عسكر: سلحفاة

تخيلت وأنا صغير صورا شتى لقطع الغيوم المتناثرة في السماء كنت أقف على سطح دارنا وأتمعن فيما فوق هامتي فايّة غيمة لا تعجبني أمدّ يدي إليها والطشها بالأرض، لم يصدقني أحد كانوا يقولون هذا خيال طفل.. أحببت الطيور فوجدتها بشكل قطع الغيوم فحبست بعضها في قفص. ثمّ ربيت حماما. على فكرة.. كانت أمي تتشاءم من الحمام الذي تراه ينذر بالفراق وحمدتِ الله على أن أحد الهررة تسلل إلى سطحنا فالتهم حمامتيّ لكني لم أترك قط عادة التحديق في الغيوم وبدلا من أن اشتري حيوانا أو طيرا من السوق أربيه راودتني فكرة الغيوم.

ذات يوم رأيت قطعة غيم تدب ببط خلفها قطع كثيرة وأمامها مجموعات تسير على عجل، سلحفاة تشبه في شكلها السلاحف التي في النهر القريب من بيتنا.. بدأ الفراغ بينها وبين الغيوم التي تطاردها يضيق وكاد فراغ ضيق يتلاشى من أمامها

نظرت إلي..

لا أظنها تتوسل، وقد أصبحت الآن كبيرا بإمكاني أن أفعل أكثر من أن أمدّ يدي فألطش أيّة غيمة لا تعجبني بالأرض، وفي آخر لحظة قبل أن ينطبق الفراغان عليها مددت يدي فاقتنصتها..

كنت أضعها برفق على الأرض ثمّ أبني لها حوضا صغيرا في حديقة منزلي، بعض الأحيان أصحبها معي في جولة إلى النهر القريب من بيتنا أجعلها على الجرف فأدعها تدب إلى النهر فتنزل الماء تغوص وتعود فلا أخشى أن يغريها النهر فترغب فيه ولا تعود إليّ.

أراهن نفسي على أن تعود فلا يغريها الماء..

هكذا استمرت حياتي مع السلحفاة التي اقتنصتها ذات قبل أن تنطبق عليها الغيوم التي تحيطها من جميع الجهات

وقد جاء يوم غابت فيه ولم يكن لها أثر.

لم أجدها في الحوض الحوض الصغير

بحثت عنها في المنزل وهرعت إلى النهر وبعد أن تيقنت من عبث جهودي رجعت الى الحوض لشككت في أن صقرا أو نسرا اقتنصها. قبل يوم رأيت جارحا صغيرا ينقض على فار في ديقة المنزل فتيقنت أنّ حدثا مشابها حدث للغيمى السلحفاة ومن سوء حظّي أن السماء كانت زرقاء يوم اختفت السلحفاة. لا أعني أنها تبخرت واختفت مع الغيوم مرة أخرى فذلك أمر أراه محالا لكني أتحدث عن محاولتي الجديدة في أن أبحث في السماء عن قطع من الغيوم المتناثرة إما أن أقتنصها فألطشها بالأرض أو أضع أحدها على الأرض مثلما فعلت من قبل.

***

د. قصي الشيخ عسكر

 

في نصوص اليوم