نصوص أدبية

عقيل العبود: ذرات منشطرة

جلست عند نافذة الطائرة القادمة من لاس فيغاس إلى ساندييغو، صرت أنظر إلى المسافر الذي كان يجلس في المقعد الأمامي، كان منهمكا في التقاط صور الرحلة منذ لحظة الإقلاع حتى الهبوط، لم تتجاوز مدة الطيران أكثر من خمسين دقيقة.

بدت السماء أشبه بعالم مسكون بنقاء زرقة لا حدود لها من الانتشار، لا يوجد مع العلو أي حاجز يحجب هذا النوع من الامتداد إلا مجموعة غيوم ترقد عند رقعة اتخذت مكانها النائي عبر لا مرئيات تلك الحركة من الزمن.

تزاحمت أفكاري، توقف جناح الطائرة، صار يعانق أنفاسه وسط محيط اكتظت أحشاؤه بفراغ مطلق، تراجعت اسطورة الأرض وفقا لانعكاسات باتت تسكن عند طيات فضاء بليد، تقاطعت بعض أشلاء روحي مع ضجيج ابتعد دويه استجابة لحركة مربعات أمست تسكن في مساحات قابلة للتضاؤل، والتضخم؛ ذلك بحسب درجة العلو، والهبوط.

وجدت ذاتي متحدا مع ذرات كوكب تم تتويجه بهذا المدى من الانشطار. كانت الشابة التي تجلس قربي تقرأ كتابا، أما طاقم الطائرة فقد غدا وكأنه يراقب وضع المسافرين لحين خط الانحدار.

صرت أصغي إلى سريرتي التي أضحت تحلق مثلي بعيدا، ما يجعلها تمضي على نحو خطوط اتفقت مدياتها، لتبدو عالقة بين ذرات عالم زهوها الوقور.

رسمت في ذهني خارطة تركبت جزيئاتها مع بعضها مصطحبة معها لغة التقاطع تارة، والتخالف اخرى، أخذت أنظر إلى اللاشئ لأرى كيانات، ورسومات لا حدود لمجرياتها،  فالسماء وغيومها تحيط بهذا العالم الفسيح الذي تحده البحار، والأنهار، وتنبت فوق أرضه الأشجار،  لتتشكل في رحم هذا الوجود، أما أنا فليس إلا ذلك الكائن المحدد الذي يعيش في قفص ماهيته، تحركه أحاسيس مصحوبة مع تداعيات تسعى لإزاحة ستائر صراعها الهش، لتقف بوهن هكذا معلنة إذعانها لحقيقة ارتباطها الذي لا يختلف عن حقيقة ذرة تبدو متصالحة مع نفسها، متخالفة مع غيرها ذلك وفقا لأشكال لا حدود لها من المشاهدات.

***

عقيل العبود

في نصوص اليوم